مجلة المحيط الفلاحي

بحيرة “إفرض” الاصطناعية بإقليم أسا الزاك.. مشروع بيئي لتثمين المنظومة الإيكولوجية للمراعي

 

بجاذبيتها ومناظرها الصحراوية الأخاذة ومؤهلاتها الإيكولوجية، تنتشر على امتداد مساحات شاسعة بإقليم أسا الزاك، مراع شاسعة ذات نظم بيئية متنوعة والتي تشكل 90 بالمائة من المساحة الإجمالية للإقليم (2 مليون و500 الف هكتار)، ما يجعل من تربية الماشية أهم نشاط اقتصادي على اعتبار ارتباط عدد كبير من ساكنة الإقليم بنمط العيش الرعوي.

وفي هذا الإطار، تم ، مؤخرا، إحداث بحيرة اصطناعية بجماعة تويزكي (25 كلم عن أسا حاضرة الاقليم) تحمل اسم “إفرض” (بالأمازيغية مكان تجمع مياه الأمطار)، مخصصة لتوريد الماشية بالإقليم المعروف بتربية الماشية ( 8 مليون رأس من الإبل، و 8 مليون رأس من المجترات الصغيرة من أغنام وماعز ).

ويسعى مشروع البحيرة الاصطناعية (إفرض) المنجز من قبل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في اطار مخطط “المغرب الأخضر ” بكلفة إجمالية تصل 591 ألف و 734 درهم، تحسين دخل الفلاحين وتجويد الانتاج، والتأطير التقني لفائدة المستفيدين (الكسابة)، وكذا المحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، فضلا عن خلق نقاط ماء للماشية في ظل شح التساقطات المطرية.

ويعتبر وجود هذه البحيرة المحدثة على مساحة هكتار واحد وبعمق ثلاثة أمتار تسع ل 30 ألف متر مكعب مصدرها مياه الفيض التي يجلبها واد “وين فكيك” بجماعة تويزكي ، إنجازا في غاية الاهمية على اعتبار أنه سيمكن من تغذية الفرشة المائية بالمنطقة في ظل تراجع التساقطات المطرية.

وبحسب المدير الإقليمي للفلاحة بأسا الزاك ، دادي الأنصاري، فإن هذا المشروع هو تجربة فريدة على مستوى الاقليم، وأن إحداثه يتناسب مع خصائص المنظومة الإيكولوجية للمراعي وبالتالي سيساهم في تحسين المنظر الإيكولوجي للمنطقة لاسيما وأن البحيرة أحدثت بموقع استراتيجي على مجرى واد “وين فكيك” الذي يصب في واد درعة.

وسجل المسؤول ذاته، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الهدف الأساس من إحداث هذه البحيرة توريد الماشية كبديل للتراجع الذي تشهدته الفرشة المائية مع شح التساقطات وتوالي سنوات الجفاف، إضافة إلى أن البحيرة ستكون مجمعا للطيور المهاجرة والاستقرار بالمنطقة، مبرزا أن إحداث هذا المشروع يأتي في إطار الدعامة الثانية لمخطط “المغرب الأخضر” وخاصة ما يتعلق بالفلاحة المعاشية.

ويدخل هذا المشروع في إطار جهود المديرية الإقليمية للفلاحة في إعادة إحياء المراعي من أجل تنمية مستدامة للمناطق الرعوية وتحسين ظروف عيش ساكنة المجالات الرعوية بإقليم أسا الزاك، واخراطها، عبر مخطط “المغرب الأخضر”، في توفير آليات الإستقرار للكسابة سواء القاطنين أو الرحل بالإقليم، وتفعيل مخططات الوزارة في برنامج تنمية المراعي وتنظيم تدفق الترحال بالمراعي على مستوى الإقليم، وذلك من خلال تنفيذ برامج ومشاريع تروم النهوض بسلاسل الإنتاج الحيواني لاسيما في شقها المرتبط بالرعي والترحال بالمراعي كتربية الأغنام والماعز والإبل.

وقد أولى هذا البرنامج، الذي أعطيت انطلاقته الرسمية سنة 2015، أهمية خاصة لتهيئة المراعي وتنظيم الكسابين مع تنمية قدراتهم وتنمية المجالات الرعوية، وكذا تثمين الفلاحة المعاشية والثروة الحيوانية في المجال الصحراوي بما يضمن استدامة المواد الرعوية، وذلك عبر تحسين دخل الكساب والحد من تردي حالة المراعي والرفع من إنتاجيتها وتخفيف حدة تنقل القطعان وتنظيمه والاستغلال المعقلن للمراعي.

ونظرا للدور الهام الذي تلعبه المراعي على مستوى الحفاظ على المنظومة الإيكولوجية في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف مناخية غير مواتية تتمثل في ضعف التساقطات المطرية، فقد تم في إطار الدعامة الثانية لبرنامج تنمية سلسلة الإبل بالإقليم، إنجاز العديد من المشاريع تروم تقوية شبكة نقط الماء المخصصة لتزويد الماشية بالماء .

و بلغة الأرقام، يبلغ عدد المحميات الرعوية بالاقليم خمس محميات تمتد على مساحة تصل 102 ألفا و500 هكتار ، والتي تتواجد بأربع جماعات ترابية معنية بالنشاط الرعوي وهي تويزكي، المحبس، عوينة لهنا والبويرات .

ومن بين المشاريع المنجزة في إطار مخطط “المغرب الأخضر” وخاصة الدعامة الثانية منه المتعلقة بتربية الإبل والمجترات الصغيرة (أغنام، ماعز)، فتح مسالك قروية على طول 50 كلم ، وإنشاء نقط الماء لتوريد الماشية، وكذا اقتناء شاحنات صهريجية ، فضلا عن تأطير الكسابة وتنظيمهم ضمن خمس تعاونيات رعوية بالإقليم.

وتم أيضا، بحسب المدير الإقليمي للفلاحة، تنظيم دورات تكوينية لفائدة الكسابة سواء التابعين للاقليم أو الرحل الوافدين ، وذلك كله بهدف تثبيت هؤلاء وتنظيم تحركاتهم بالمراعي قصد التحكم في النزاعات التي قد تنشأ بينهم حول هذه المراعي، مبرزا أهمية القانون رقم 113.13 المتعلق بالترحال الرعوي والذي ينظم طريقة الترحال بالمملكة وعقوبات خرق المراعي.

ومن منجزات برنامج تنمية المراعي وتنظيم الترحال على صعيد الإقليم، منذ انطلاقه عام 2015، اقتناء حوالي 1500 حاوية مرنة لتوريد الماشية ، واقتناء مادة الشعير كتعويض عن إراحة المراعي لفترات معينة.

ويمتد إقليم أسا الزاك على مساحة مليونين و700 ألف هكتار ( 90 بالمائة مراعي). ويبلغ مجموع الساكنة 44 ألف نسمة بحسب إحصاء 2014، وتقدر المساحة الصالحة للزراعة بالإقليم 10 الاف هكتار ، منها 300 هكتار عبارة عن ضيعات فلاحية بما فيها واحات النخيل.

أحمد الكرمالي: و.م.ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.