تربية الأحياء المائية بالمغرب ما بين المؤهلات الاقتصادية وضرورة التنمية الاجتماعية
وأضافت الدراسة التي أنجزتها مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية، أن هذا الإنتاج، الذي يهيمن عليه نوعان من المحار وسمك الدرعي، موجه أساسا إلى السوق الوطنية لتزويد تجار التجزئة وأسواق الفنادق والمطاعم.
وحسب الدراسة، يمثل المحار وسمك الدرعي، على التوالي، 72 و 26 بالمائة من إجمالي إنتاج تربية الأحياء المائية بالمغرب، مشيرة إلى أن الطحالب التي تستخدم أكثر فأكثر في قطاع الصناعة الغذائية ومستحضرات التجميل، تشكل أيضا جزء من إنتاج الاستزراع المائي الوطني.
وتشير الدراسة إلى أن الطاقة الإنتاجية لقطاع تربية الأحياء المائية بالمغرب تقدر بـ 380 ألف طنا تعود الحصة الأكبر منها لتربية الأسماك (245 ألف طن)، يليها استزراع الصدفيات (110 ألف طن)، ثم زراعة الطحالب البحرية (24 ألف طن).
ويشمل القطاع أزيد من 20 مزرعة مائية ويشغل نحو 250 شخصا. وسترى مشاريع أخرى بطاقة إنتاجية تبلغ 4400 طنا النور قريبا فضلا عن المفرخات التي تهدف إلى إنتاج 100 مليون وحدة.
وترافق الوكالة الوطنية لتنمية تربية الأحياء البحرية أزيد من 20 مشروعا للاستزراع، والتي تتجاوز طاقتها الإنتاجية 3000 طنا، إلى جانب مزرعة للمحار بطاقة إنتاجية تبلغ 50 مليون من صغار المحار و10 مليون من صغار الصدفيات.
ويطمح المغرب إلى التموقع في هذا القطاع من أجل تنويع اقتصاده، وجعل تربية الأحياء المائية محركا للنمو في قطاع الصيد البحري، والمساهمة في الأمن الغذائي، والاندماج في التجارة الدولية للمنتوجات البحرية.
ويعاني القطاع، في المقابل، من بعض المعيقات التي لا تزال قائمة، والتي قد تعرقل نموه، لاسيما التهديدات المناخية التي تتعرض لها مزارع الأحياء المائية، والتي تتطلب دعما خاصا من حيث تغطية المخاطر، فضلا عن مسألة التمويل التي تتطلب إحداث حوافز لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وتهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على وضعية تربية الأحياء البحرية مع التركيز على تحليل الأنواع المستهدفة من الاستزراع المائي في المغرب ودول البحر الأبيض المتوسط ،التي تعتبر المنافس الرئيسي للمملكة. كما تسعى إلى تقييم آخر إنجازات الاستزراع المائي المغربي وتحديد العقبات التي تعوق تطوره المتناسق وإبراز الفرص المتاحة لقطاع تربية الأحياء المائية الوطني.
ويشمل عرض الوكالة 22 مشروع مزرعة على مساحة 470 هكتار ممتدة على طول الشريط الساحلي من جماعة أيت يوسف أوعلى قرب الحسيمة شرقا إلى جماعة تزغان في الغرب بطول 120 كيلومتر.
وقسمت الوكالة هذا العرض إلى شقين، شكل كل منهما موضوع طلب ابداء اهتمام منفصل. ويتعلق العرض الأول ب18 مشروع موجه للمستثمرين الدوليين والمغاربة، فيما تعلق الثاني بأربعة مشاريع خصصت للمقاولين الشباب من أبناء المنطقة.
فبخصوص المشاريع الموجهة للاستثمار الدولي والوطني أوضحت الشركة أنها تتعلق بإنجاز 14 مزرعة بمساحة 25 هكتار للواحدة، موجهة لتربية الأسماك، بالإضافة إلى 4 مزارع بمساحة 15 هكتار للواحدة موجهة لإنتاج الصدفيات. أما طلب إبداء الإهتمام الثاني فتضمن4 وحدات إنتاجية بمساحة 15 هكتار للواحدة ومهيئة لتربية الصدفيات.
وبعد تلقي عروض المستثمرين في 18 أكتوبر تم انتقاء المقاولين الذين ستفوت إليهم المشاريع على أساس مجموعة من المعايير، خاصة الأهلية الفنية والكفائة المالية والجدوى الاقتصادية والتجارية والوقع البيئي للمشروع، وحسب معطيات الوكالة فإنه تم إعلان النتائج في 18 دجنبر2017.
ويندرج هذا العرض في إطار الاستراتيجية الوطنية لتشجيع تربية الأحياء المائية في إطار مخطط أليوتيس. وتهدف هذا الاستراتيجية إلى زيادة حصة تربية الأحياء المائية في الإنتاج الوطني من الأسماك والصدفيات من 0.01 في المائة حاليا إلى 11 في المائة من خلال وضع مخطط للتهيئة خاص بتربية الأحياء المائية. وفي هذا الإطار أطلقت الوكالة مند إحداثها في 2012 إستراتيجية التخطيط لتربية الأحياء البحرية على شريط ساحلي بطول 700 كلم.
وتم تحديد المواقع الملائمة ووضع تصاميم التهيئة الخاصة بها. وقبل أشهر أعلنت الوكالة الوطنية لتربية الأحياء المائية عن طلب إبداء اهتمام بالمشاريع المبرمجة في منطقة الداخلة. ويعتبر طلب الإهتمام بمشاريع الحسيمة ثاني عرض تقوم به الوكالة خلال العام الحالي. ويرتقب أن تعلن الوكالة عن فتح مجال الاستثمار في ثلاث مناطق أخرى وهي سوس ماسة وكلميم والمنطقة الشرقية.
ورغم المؤهلات الطبيعية التي يوفرها المغرب، من خلال ساحل يمتد على طول 1500 كيلومتر، إلا أن زراعة الأحياء المائية لا تزال في بداياتها. وحتى الآن توجد بالمغرب 21 مزرعة، بلغ إنتاجها 470 طن خلال سنة 2016، موزعة بين إنتاج الأسماك، خاصة القاروص الأوروبي، بحصة 181 طن، وإنتاج المحار بحصة 289 طن.
وتعود أولى التجارب الاستثمارية في مجال تربية الأحياء البحرية إلى أواسط الخمسينات حيث تم إدخال تربية المحار إلى منطقة الوليدية شمال آسفي. الأسماك إلى المغرب. ومند سنة 1985 اهتم المستثمرون بزراعة الأسماك، بداية في بحيرة الناظور، ثم توسع النشاط إلى منطقة المضيق. ومع إحداث الوكالة ووضع مخططات التهيئة الخاصة بتطوير هذا النشاط، دخلت زراعة الأحياء المائية بالمغرب مرحلة جديدة.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “الفاو ” توصي بتطوير تربية الأحياء المائية وتنميتها لما تقدمه من مساهمة كبيرة في الأمن الغذائي العالمي، وتشدد على ضرورة تشجيع التنمية المستدامة للقطاع، خصوصاً في البلدان النامية، من خلال تحسين أداء القطاع في المجال البيئي، ومراعاة الجوانب الصحية والأمن الحيوي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.