مجلة المحيط الفلاحي

سكان الجبال تحت طائلة ضغوط مزدوجة من تغيّر المناخ وتفاقم الأمن الغذائي

المحيط الفلاحي : بينما تتناقص أعداد الجياع بالمقياس العالمي الشامل كشفت دراسة جديدة صدرت اليوم سواسيةً عن منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) وشراكة الجبال في اليوم الدولي للجبال، عن أن عدد الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في المناطق الجبلية ارتفع بنسبة 30 في المائة بين عامي 2000 و2012.

ووقف تقرير ” ترسيم خارطة لمدى تعرّض سكان الجبال لانعدام الأمن الغذائي” على أن عدد من يعانون انعدام الأمن الغذائي بالمناطق الجبلية في البلدان النامية تزايد إلى ما يقرب من 329 مليون فرد عام 2012 من 253 مليون في عام 2000، وبالرغم من العدد الكلي لسكان الجبال في العالم نما فقط بنسبة 16 في المائة خلال نفس الفترة.

ويعني هذا أن واحداً من كل ثلاثة أشخاص بالمناطق الجلية، سواء الحضرية أو الريفية منها لدى البلدان النامية يواجه الجوع وسوء التغذية مقارنة بنسبة واحد من أصل كل تسعة أشخاص على الصعيد العالمي.

وبالتركيز على سكان الجبال في المناطق الريفية وحدها، ممَن يعتمدون على الموارد الطبيعية مباشرةً مثل الأراضي والمياه والغابات في معيشتهم، تظهر هذه الأرقام أشد خطورة حيث أن نصف المجموع تقريباً يواجه انعدام أمن الغذاء.

وتغطي المناطق الجبلية 22 في المائة من مساحة اليابسة على سطح الأرض، وتعد موطناً لثلاث عشرة في المائة من سكان الكرة الأرضية.

وقال جوزيه غرازيانو دا سيلفا المدير العام لمنظمة “فاو” في مقدمة الدراسة، أن “الأوضاع المعيشية لسكان الجبال تفاقمت وازداد تعرّضهم للجوع. وبالتأكيد، تساهم قسوة البيئة وصعوبة التضاريس، في كثير من الأحيان بمناطق يتعذر الوصول إليها، فضلاً عن عوامل التهميش السياسي والاجتماعي، في أن تجعل سكان الجبال أشد عرضة لنقص المواد الغذائية”، مضيفاً “وإذ نسعى الآن إلى بلوغ أهداف التنمية المستدامة، فإن الشركاء في المجتمع الدولي والشركاء في الموارد مدعوون إلى الاستثمار بالمناطق الجبلية، وتعزيز جهود منظمة (فاو) وشراكة الجبال”.

المرتفعات مهددة بالتغيّر المناخي

وليس تزايد الجوع هو التحدي الوحيد الذي يواجهه سكان الجبال.

ويعيش تسعون في المائة من سكان المناطق الجبلية، في البلدان النامية حيث يعتمد معظمهم على زراعة الكفاف ويعملون في ظل نظم ايكولوجية هشة وسريعة التأثر بالتغير المناخي.

وذكر الخبير توماس هوفير منسّق أمانة شراكة الجبال، أن “ما يعنيه ذلك بالنسبة لسكان الجبال ظلمٌ مؤسف لأن المجتمعات الجبلية هي واحدة من أقل مصادر البصمة الكربونية في العالم… وأوّل من يتحمل وطأة تغير المناخ”.

وأضاف: “فعلى سبيل المثال، يسمح ارتفاع درجات الحرارة للآفات والأمراض بأن تشق طريقها إلى أعلى المنحدرات الجبلية. كما بات الفشل المحصولي وفقدان الماشية حقيقة متزايدة. أما العواصف والانهيارات الثلجية والأرضية والفيضانات من البحيرات الجليدية، التي تتزايد وتيرتها فتأخذ الأرواح وتدمر البُنى التحتية، كما يتعذر وصول المجتمعات الجبلية إلى الطرق والمدارس والأسواق والخدمات الصحية”.

الاختلافات الإقليمية

في عام 2000، وجِد أن ما يقرب من 59 مليون من سكان الجبال في إفريقيا عُرضة لانعدام الأمن الغذائي، كرقم ارتفع بنسبة 46 في المائة إلى 86 مليون نسمة بحلول عام 2012- فيما يعكس جزئياً أيضاً زيادة عدد السكان الكلي بالجبال في الإقليم. وتقع أغلبية المعرضين للخطر في القارة بشرق إفريقيا، في ما يمثل 65 في المائة من مجموع سكان المناطق الجبلية ممَن يواجهون انعدام الأمن الغذائي في إفريقيا.

وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، فإن العدد الإجمالي لسكان الجبال المعرّضين للخطر ارتفعت بنسبة 22 في المائة وبأكثر من 39 مليون نسمة في عام 2000، إلى ما يقرب من 48 مليون في عام 2012. ومع ذلك، ظلت نسبة سكان الجبال المعرضين للخطر مستقرة، وازدادت فقط من 30 إلى 31 في المائة على مدى 12 عاماً.

أما سكان الجبال في آسيا فعرضة على الأخص لأشد العواقب، وتُظهر نتائج دراسة “فاو” أن أكثر من 192 مليون شخص اعتبروا عرضة لانعدام الأمن الغذائي عام 2012، بزيادة تجاوزت 40 مليون نسمة، أو 26 في المائة مقارنة بعام 2000. كما وقفت الدراسة على أن نسبة السكان المعرضين للخطر بين سكان الجبال الآسيوية تتراوح من 35 إلى 41 في المائة خلال الفترة بين عامي 2000 و2012.

دعم سياسي

ووفقاً لمنظمة “فاو”، فمن الضرورة بمكان تأمين الالتزام السياسي القوي والفعال لقلب اتجاه الجوع ومعالجة جذور انعدام الأمن الغذائي في الجبال، وسد فجوة الجوع بين الأراضي المنخفضة والمرتفعات.

وبالنسبة لسكان الجبال بالذات، فإن العامل الرئيسي هو النمو الشمولي، أي التنمية التي تشجع وصول الجميع إلى الغذاء والأصول والموارد، لاسيما الفقراء والنساء كي يتمكنوا من تطوير قدراتهم.

وفي المناطق الجبلية، حيث تغلب الزراعة العائلية وزراعة الحيازات الصغرى وأنشطة التحريج في الغابات وتربية الحيوان على النظم الزراعية السائدة، يتجلى الحل الأفضل ماثلاً في خلق بيئة من الدعم، لتمكين المرافق المؤسسية والسياسية من أن تسمح لسكان الجبال بالوصول إلى خدمات أساسية مثل التدريب، والمعلومات، والائتمان، والرعاية الصحية، والبنية التحتية الكافية.

كذلك ثمة حاجة إلى الاستثمارات والدعم التقني من أجل تنويع وتعزيز نظم الإنتاج الجبلية، على سبيل المثال من خلال دمج المعارف والتقاليد الأصلية بالتقانات الحديثة.

المحيط الفلاحي : الفاو

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.