مجلة المحيط الفلاحي

حلول استراتيجية لفك اشكالية التسويق و تثمين دور “الجيل الأخضر”…..

يعد القطاع الفلاحي من القطاعات ذات الأهمية الاقتصادية و الاجتماعية و التي حظيت باهتمام كبير من طرف جلالة الملك نصره الله في عدة خطابات رسمية باعتبار هذا النشاط رافعة أساسية للتنمية الاجتماعية و الاقتصادية للمملكة لما يتمتع به  القطاع من مزايا في تشغيل اليد العاملة و خلق مقاولات شبابية صغرى و متوسطة فضلا عن المؤهلات الطبيعية و المناخ المناسب للزراعة.

يعتبر المغرب من الدول التي أولت عنايـة خاصة لهذا القطاع من خلال السياسات التي شملتها الإصلاحات الاقتصادية عن طريق وضع مخططات وبـرامج الدعم الفلاحي من ضمنها برنامج الجيل الأخضر الذي ساهم في دعم و تأطير المقاولات الفلاحية الفردية منها والجماعية و ذلك لتحسين ظروف العيش و ضمان الأمن الغذائي و كدا تأهيل الصادرات.

لكن بعد فترة الجائحة و أمام تأثير التغيرات المناخية أصبحت اهداف هدا البرنامج موضع نقاشات واسعة و جدية وضعت الوزارة الوصية امام خيارين من الصعب الموازنة بينهما في الظرفية الراهنة و هي اما الحفاظ على مكانة المغرب كبلد منتج و مصدر للمنتجات الزراعية أو اعطاء الاولوية لحاجيات السوق الداخلية على الاقل فيما يخص اساسيات المائدة المغربية و رغم الاجراءات و التدابير الاستعجالية المتخدة من طرف الوزارة لتحقيق هده المعادلة في ظل ندرة المياه و ارتفاع أسعار المواد الأولية، تبقى محدودة في ظل هيمنة طرق البيع و غياب لجان التتبع٬ فضلا عن تعقيد مسار ترويج وتسويق المنتجات الزراعية مما فتح المجال أمام تدخل فاعلين آخرين (وسطاء٬ محولين..) وبالتالي التقليص من هامش ربح المنتجين الأصليين ما يؤدي في غالب الأحيان إلى تراجع الإنتاج و الوضعية الاجتماعية و بالتالي تراكم الديون ثم الإفلاس خاصة في صفوف الفلاحين الصغار و المتوسطين  هذا ما يفسر غياب استراتيجيه ذكية لهيكلة القطاع و إيجاد سبل لكسر شوكة الوساطة بين المنتج و المستهلك و من جهة أخرى تعرف بعد المنتجات الفلاحية تدبدب في الفترات الغير موسمية بالرغم من الانخراط في تعاونيات لتكوين قوة تفاوضية في الأسواق و يرجع ذلك إلى التوجه نحو الأسواق الخارجية في حين يؤثر ذلك على القدرة الشرائية للمواطن في غياب مؤسسة حكومية تمكن من ضبط السوق المحلية في الفترات الغير موسمية، باعتبار مشكل عدم التحكم في الإنتاج بما يقتضيه قانون السوق الخاضع للعرض و الطلب, و عدم ضبط الأسعار, ينعكس سلبا على الفلاح بشكل مباشر.

من بين التدابير التي يجب اتخاذها لفك مشكل التسويق للمنتجات الزراعية هو خلق مؤسسة عمومية ذات طابع تجاري تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي  تحت اسم “المكتب الوطني لتسويق و تدبير المنتجات الفلاحية” و يخضع للقواعد المطبقة على الإدارة العمومية في علاقته مع الدولة و يعتبر مؤسسة تجارية في علاقته مع مناخه التجاري و يتم إنشاء هذا المكتب الوطني بموجب مرسوم تحت وصاية وزارة الفلاحة و الصيد البحري و التنمية القروية و المياه و الغابات و يكون مقره الرئيسي في مدينة الرباط مع توزيع فروعه بالجهات على مستوى أسواق الجملة حيث يتم التنسيق من خلال نظام معلوماتي.

و يتجلى دور المكتب الوطني في :

ضبط الأسعار في السوق الوطنية بالنسبة للخضر و اللحوم و الفواكه ذات أولويات للمستهلك المغربي و منها على سبيل الذكر (البطاطس و بذورها, البصل و بذورها, الحوامض, اللحوم الحمراء و البيضاء) و ذلك من خلال شراء و تخزين منتجات الفلاحين في موسم الجني من جهة ثم ضخها في السوق الوطنية لموازنة الأسعار و بالتالي الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن المغربي من جهة ثانية فضلا عن تكوين مخزون سنوي من المنتجات القابلة للتصدير كما ستعتبر هذه المؤسسة العمومية الممثل الرسمي للمملكة في المعارض الدولية للمنتجات الغذائية تحت وصاية وزارة الفلاحة. كما سيتولى المكتب الوطني العديد من المهام، منها تكوين لجان تتبع و إنجاز كل دراسة أو تحقيق يسمح بمعرفة مختلف مكونات الفرع الإنتاجي ومستوياتها للتدخل واقتراح على الوزارة الوصية برامج التنمية والضبط الواجب إقامتها، التوفيق بين المصالح الاقتصادية لمختلف المتدخلين في الفرع الإنتاجي وتلك الخاصة بالمستهلكين.

و من بين الأهداف الإستراتيجية للمكتب الوطني:

1/ ضمان تسويق الفلاحين لمنتجاتهم و خاصة الصغار و المتوسطين كما ستساهم هده الخطة الإستراتيجية في ضمان إمكانية الاقتراض و تسديد الديون في علاقة الفلاح بالأبناك أو بالمزودين بالأسمدة و الأعلاف أو غيرهم فضلا عن خلق دينامكية جديدة للمقاولات الفلاحية و تشجيع الاستثمار.

2/ الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين في الفترات الغير موسمية للخضر و الفواكه و كذا اللحوم الحمراء و البيضاء

3/ خلق مقاولات صغرى و متوسطة و تشجيع الفلاحين على الانخراط في التعاونيات و الاستفادة من مزايا و برامج مخطط المغرب الأخضر.

4/ خلق فرص الشغل بالقطاع العام (مهندسين،وتقنيين فلاحيين..).

5/ تشغيل القطاع الخاص و ذلك بتفويت مهمة التخزين للشركات وفقا لعقود شراكة و صفقات عمومية سنوية

6/ انخراط الجمعيات الجهوية للاستشارة الفلاحية في تثمين خطة المكتب الوطني و ذلك بضمان التكوين و التأطير للفلاحين المبتدئين في جميع فروع الإنتاج.

أما بخصوص الأهداف الإستراتيجية البعيدة المدى سيمكن المكتب الوطني لتسويق و تدبير المنتجات الفلاحية مع إمكانية الشراكة مع السلطات المحلية و المجالس الإقليمية لإنشاء أسواق تضامنية بالمدن الكبرى و ذلك لضمان تسويق منتجات أخرى لقيت و لازالت تلقى صعوبات في إيجاد طرق تسويقية لمنتجاتهم مثل (العسل و مشتقاته, الكسكس, زيت أركان, الأعشاب الطبية و العطرية, زيت الزيتون…).

المحيط الفلاحي: رياض وحتيتا مهندس في التكوين/مستشار فلاحي 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.