مجلة المحيط الفلاحي

بيان حقيقة حول تشكي بعض ساكنة جماعة آيت ويخلفن من آثار وضع خلايا النحل بالمنطقة

على إثر ما تداولته بعض المواقع الالكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الفيسبوك والواتساب) عن الأعداد الكبيرة من خلايا النحل التي تم ترحيلها للمناطق التابعة لجماعة آيت ويخلفن قيادة سبت جحجوح دائرة أكوراي عمالة الحاجب، وكذا ما نشره أحد المنابر الإعلامية  عبر فيديو مدته أكثر من نصف ساعة يضم مجموعة من تصريحات أهالي جماعة “آيت ويخلفن” تضمنت بعض الحقائق والكثير من المغالطات عن النحل كحشرة نافعة وعن النحال بصيغة التعميم، الشيء الذي دفع بالنقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب لزيارة المنطقة يوم 21/05/2021 للاطلاع على الواقع في عين المكان، ولتقييم الوضع، ومن ثم ترتيب المسؤوليات.

في البداية، لابد من الإشارة إلى أن إقليم الحاجب، بمختلف دوائره، يشتهر بزراعة نبتة “حبة حلاوة”، وخصوصا دائرة أكوراي التي تتميز منذ عقود بهذا النوع من الزراعة التي تنتشر على أراض فلاحية شاسعة، ولذلك يقصدها العديد من النحالين من مختلف مناطق المغرب، والذين يكترون الأراضي المجاورة لحقول “حبة حلاوة ” بصفة مؤقتة إلى حين جني العسل بعد انتهاء فترة إزهار النبتة التي تتراوح مدتها ما بين أربعة وخمسة أسابيع، مع تشغيل أبناء المنطقة لحراسة المناحل، وهذا ما يوفر مدخولا موسميا لعدد من أهالي المنطقة. وقد كان هذا هو الحال منذ سنوات عديدة، ولم يسبق أن وقع أي مشكل مع الساكنة، أو حصول أضرار.

لكن يبدو أن هذه الوضعية قد عرفت هذه السنة تحولا ناتجا عن الغضب الذي تأجج بمنطقة “آيت ويخلفن”، حيث اعتبر أصحاب حقول حبة حلاوة أن مكري الأراضي والنحالين يغتنون على حسابهم، فقد صرح أحدهم للنقابة أن هناك أحد جيرانه قام بكراء أرضه لعدد من النحالين بمبلغ فاق 10000.00 العشرة آلاف درهم في الشهر، وهؤلاء النحالون بدورهم سيجنون العسل الذي ستجود به حقول حبة حلاوة المجاورة، دون أن يستفيد أصحاب هذه الحقول من أي شيء سوى “الصداع وقريص النحل” حسب تعبيره.

إلا أن النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب وفي إطار مهمتها، وتقييما منها للوضع بالمنطقة، تتقدم بالتوضيحات التالية:

1) بخصوص الفيديو الذي تضمن تصريحات بعض أهالي آيت ويخلفن، ينبغي الإشارة إلى ما يلي:

أ) – إن ما صدر من تصريحات عن بعض سكان المنطقة في الفيديو الذي نشره احد الموقع الإعلامية ، من قبيل القول بأن النحل يفسد نبتة حبة حلاوة، ويلحق بها أضرارا جسيمة تقلل كثيرا من إنتاجيتها، هو قول مجانب للحقيقة، فالنقابة تؤكد أن العكس هو الصحيح، ذلك أن جميع الدراسات العلمية ذات المصداقية عالميا في المجال تبين أن النحل لا يلحق أي ضرر بالنباتات ولا بالمحاصيل الزراعية، بل إن تلقيحه للنباتات يساهم في تحسين جودتها مما يزيد كثيرا في إثمارها وإنتاجيتها بنسبة تفوق 60 في المائة، وهو ما ينفي ادعاء حصول أضرار ناتجة عن تلقيح النحل لنبتة حبة حلاوة في هذه النازلة.

ب) – فيما يتعلق بالمقبرة التي ورد الحديث عنها في التصريحات المذكورة، فإن الزيارة التي قامت بها النقابة لعين المكان (مقبرة سيدي امحند)، قد أوضحت أن هناك مسافة الأمان بين المقبرة ومواقع وضع خلايا النحل، وأن النحل السارح لا يشكل أي خطر على زوار المقبرة المذكورة، باستثناء زيارة الوافدين إلى المقبرة من الجهة الغربية عبر الطريق المؤدية إلى آيت حمو موسى، أو من الجهة الجنوبية عبر الطريق المؤدية إلى آيت هنيني، لأن خلايا النحل موضوعة بجنبات هذين الطريقين بما يخالف المعايير المعمول بها، والتي تقتضي احترام مسافة الأمان المعروفة التي سيتم ذكرها بالتفصيل أسفله.

ج) – ادعاء أحد الأشخاص في الفيديو أن النحل هاجم ساكنة تبعد ب 6 كيلومترات عن المنحل هو مجرد افتراء، حيث يجب هنا التفرقة بين المسافة التي يقطعها النحل المكلف بالحراسة والنحل السارح، فالمسافة التي تسمى مسافة “محور الخلية” والتي لا يمكن أن يتجاوزها النحل المكلف بالحراسة دفاعا عن خليته لا تتعدى بضع عشرات الأمتار حسب كثافة النحل (سنذكرها بالتفصيل أسفله)، أما المسافة التي يقطعها النحل السارح بحثا عن المرعى أو الماء فقد تصل إلى 3 كيلومترات، والنحل السارح مسالم تماما، وكثيرا ما تجده يسرح في الحقول والحدائق وحتى في محلات بائعي الحلوى في الأسواق دون أن يسبب أي أذى لأي كان.

2) بخصوص الخروقات التي اكتشفتها النقابة وتقتضي معالجة فورية وحاسمة فقد تبين ما يلي:

أ) – إن بعض حالات تكديس خلايا النحل في مكان واحد، قد نتج عنه اكتظاظ كبير في بعض الأراضي بما يتنافى مع الطاقة الاستيعابية لحقول نبتة “حبة حلاوة” من حيث عدد النحل السارح، مما سيؤثر بشكل سلبي على إنتاج العسل ويؤدي إلى عدم بلوغ نسبة الحد الأدنى من الإنتاج، أضف إلى ذلك المشاكل التقنية التي سيعاني منها النحال داخل المنحل.

ب) – اتضح من خلال زيارة النقابة أن بعض النحالين لم يحترموا مسافة الأمان، وهي المسافة التي يجب الالتزام بها تجنبا لأي تهديد لسلامة الإنسان والحيوان.

3) التدابير الواجب اتخاذها:

بناء على هذه الزيارة وما شوهد فيها، وبما أن فترة إزهار حبة حلاوة بهذه المنطقة قد مر منها النصف الأكبر، فإن النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب توصي باتخاذ تدبير حاسم وإجراء فوري ضد المخالفين وهو كالتالي:

– ترحيل خلايا النحل التي لم يحترم أصحابها مسافة الأمان المطلوبة إلى أماكن أخرى لا تقل مسافتها عن 3 كيلومتر (3km à vol d’oiseau) من المكان الذي رُحِّل منه النحل.

ذلك أن من بين التوصيات التي أقرتها نقابة النحالين بالمغرب واللجنة الاستشارية لتربية النحل التي أنشأتها وزارة الفلاحة سنة 1978، كانت هناك توصية تنص على عدم وضع خلايا النحل بالقرب من التجمعات السكنية والملكيات الخاصة، وجميع الممرات أو الطرقات المؤدية للأسواق الأسبوعية وموارد المياه…، وقد تم تحديد مسافة الأمان في 150 متر كحد أقصى، وذلك حسب عدد خلايا المنحل وكثافتها.

ومما تجدر الإشارة إليه أن حكما قضائيا ابتدائيا صدر عن المحكمة الابتدائية بتاونات بتاريخ 12/04/2016 قضى ضد إحدى تعاونيات تربية النحل بترحيل النحل مع أداء تعويض مادي تحت طائلة غرامة تهديدية، وقامت هذه التعاونية بالطعن في الحكم بالاستئناف، وطلبت إجراء خبرة استشيرت فيها النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب حول المسافة التي يجب أن تفصل المنحل عن الأماكن الآهلة بالسكان، وهل يمكن للنحل أن يلحق أضرارا بالفلاحة والمنتوجات الفلاحية.

وبعد أن أدلت النقابة بجوابها الاستشاري في الموضوع معززا بمجموعة من الوثائق العلمية والقانونية، أصدرت محكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 18/10/2017، حكما قطعيا رقم 1555، في الملف رقم: 1545/1201/2016، قضى بإلغاء الحكم الابتدائي والحكم من جديد برفض الطلب وتحميل المستأنف عليه الصائر.

وقد شكل هذا الحكم القضائي، إلى جانب مستندات أخرى، دليلا قانونيا يمنع حدوث أي نوع من الاحتكاك بين النحالين والساكنة، ويضمن حقوق كل الأطراف بما يخدم التعاون والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وهذه الروح هي ما تعمل النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب على نشرها وتقويتها مؤكدة في ذلك على أن قطاع تربية النحل هو مساهم هام في الاقتصاد الاجتماعي والتعاوني الذي يأخذ في اعتباره كل الجوانب المتصلة بالتنمية المجالية المستدامة.

إمضـاء: الحسـن بنبل رئيس النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.