مجلة المحيط الفلاحي

استخدام بيانات الأقمار الاصطناعية الآنية لرصد إنتاجية المياه في الزراعة

أصبحت طريقة قياس فعالية استخدام المياه في الزراعة، خاصة في الدول التي تعاني من ندرة المياه، متطورة تكنولوجياً بفضل أداة “WaPOR” الجديدة التي طورتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو).

فقد تم الآن إطلاق قاعدة البيانات المفتوحة WaPOR وأصبح بإمكان المزارعين الاطلاع على بيانات الأقمار الاصطناعية التي تساعدهم على تحقيق محاصيل زراعية أفضل والوصول بأنظمة الري إلى أقصى قدراتها. وقد تم عرض WaPOR هذا الأسبوع خلال اجتماع عالي المستوى للشركاء بعنوان “مواجهة ندرة المياه في الزراعة: إطار عمل عالمي في مناخ يتغير”.

وتتيح هذه الأداة تحليلاً دقيقاً للمياه المستخدمة في أنظمة الزراعة وتوفر أدلة عملية على الاستخدام الأفضل لهذه المياه لتحقيق أعلى إنتاجية. خلال القرن الماضي تسارعت وتيرة استخدام المياه في العالم، والتي كان للزراعة حصة الأسد منها، بحيث تجاوز هذا الاستخدام وتيرة النمو السكاني، حتى أن بعض المناطق تقترب من تجاوز حدودها المقبولة في استخدام المياه.

وبهذا الصدد قالت هيلينا سيميدو نائبة المدير العام لمنظمة الفاو لشؤون التغير المناخي والموارد الطبيعية: “لا يزال استخدام المياه في تزايد بينما يؤدي التغير المناخي، بما يتسبب به من موجات جفاف وظروف جوية متطرفة، إلى تغيير وتقليص توفر المياه للزراعة، وذلك يجعل كل قطرة ماء مهمة ويؤكد على أهمية تلبية الاحتياجات المتزايدة للإنتاج الزراعي من خلال زيادة الفعالية”.

تقوم أداة WaPOR بجمع وفحص بيانات الاقمار الاصطناعية واستخدام قدرات “خرائط غوغل” لوضع خرائط تظهر الكتلة الحيوية المستخدمة والمحصول الناتج عن كل متر مكعب من الماء المستهلك. ويمكن جعل الخرائط بمستوى دقة تتراوح من 30 إلى 250 متراً، ويتم تحديثها كل يوم إلى عشرة أيام.

وقد صمم فريق الفاو لتكنولوجيا المعلومات ومسؤولو الأراضي والمياه أداة  “WaPOR” من خلال مشروع بكلفة 10 ملايين دولار بتمويل من حكومة هولندا ليغطي أفريقيا والشرق الأدنى بتركيز على دول رئيسية يتوقع أن تواجه قريبا ندرة مياه فعلية في المياه المتوافرة أو في البنية التحتية المائية.

وتتوفر قاعدة البيانات هذه على المستوى القاري على الانترنت ابتداء من اليوم، بينما سيتم توفير البيانات على مستوى الدول ابتداء من حزيران/يونيو في بنين وبرونداي ومصر وأثيوبيا وغانا والأردن وكينيا ولبنان ومالي والمغرب وموزمبيق ورواندا وجنوب السودان وسوريا وتونس وأوغندا والضفة الغربية وقطاع غزة واليمن.

كما ستتوفر بيانات أكثر تفصيلاً على الإنترنت في تشرين الأول/أكتوبر وستبدأ بمناطق تجريبية في لبنان وأثيوبيا ومالي. كيف تعمل قاعدة البيانات WaPOR تقيس WaPOR كمية الاستهلاك المائي للنباتات (البخر والنتح) وهي المرحلة المهمة في دورة المياه الطبيعية والتي تشتمل على الماء الذي يتبخر مباشرة في الغلاف الجوي، والماء الذي يعود إلى الغلاف الجوي بعد أن يمر بالنبات ويخرج من أوراق النباتات على شكل بخار.

وبالتالي فإن عملية البخر والنتح توفر مقياساً مباشراً لكمية الماء التي يستخدمها المحصول خلال موسم نمو النباتات، وعند ربطه بالكتلة العضوية والمحصول الذي يمكن الحصول عليه، فإنه يسمح بحساب إنتاجية المحاصيل نسبة إلى الماء المستخدم.

وتوفر هذه الأداة تقييمات مفصلة لمراقبة عمل مجموعة مختارة من أنظمة الري، وتدعم خطط التحديث كما تساعد في ضمان أن تثمر التحسينات عن حصول جميع مستخدمي المياه على خدمات مائية موثوقة وغير مكلفة وأكثر تكيفاً مع التغيرات المناخية. ويستخدم البرنامج منهجية معتمدة على البكسل لإنتاج خرائط شاملة تسمح باستخدام أفضل للموارد الطبيعية. وعند إضافة ذلك إلى توفر البيانات الآنية يستطيع المرشدون الزراعيون مساعدة المزارعين على الحصول على محاصيل مؤكدة لتحسين سبل العيش وجعلها أكثر استدامة.

وتعليقاً على ذلك قال رينيه كاسترو مساعد المدير العام للفاو ورئيس دائرة المناخ والتنوع الحيوي والأرض والمياه: “إن دعم مزارعي الحيازات الصغيرة بتوفير البيانات الجغرافية المكانية التي تزيد من توافر المياه وترفع القدرة على مواجهة التغير المناخي هي المهمة الرئيسية للفاو، وهذه الأداة هي خطوة أولى مهمة على هذا الطريق”.

وسيقوم معهد دلفت للتعليم في مجال المياه IHE Delft التابع لليونسكو والذي يعد أكبر معهد دولي للتعليم في هذا المجال، والمعهد الدولي لإدارة المياه (IWMI) بدعم الجهود في الدول النامية لتعزيز القدرة على استخدام تكنولوجيا جديدة من خلال وضع استفسارات بيانات مباشرة ذات علاقة، وإجراء التحليلات الزمنية وتحميل البيانات المتعلقة بمختلف العوامل التي تسهم في تقييم المياه وإنتاجية الأراضي.

ويجري تطوير أداة WaPOR بالتعاون مع مجموعة من الشركاء في هولندا وهم eLEAF، وجامعة توينتي، و ITC ومؤسسة ووترواتش، إضافة إلى مؤسسة VITO في بلجيكا. وتنص خطة العمل على تطوير تطبيقات يمكن تشغيلها عبر الهواتف الذكية لتمكين الاستخدام المحلي للبيانات من قاعدة بيانات فضائية. ويتزايد التركيز على المحاسبة المائية بوصفها أداة لا غنى عنها خاصة في المناطق التي تعاني من نقص المياه. ويشمل ذلك عمليات التقييم المتناسقة لتوافر موارد المياه والتي يجب أن تشتمل على عوامل المناخ وتتطلب الاخذ في الاعتبار التوزيع العادل خاصة في تخصيص المياه للاستخدامات المنزلية والصناعية ولخدمات النظام البيئي الأوسع.

وتقدم الفاو النصائح الفنية حول وضع اطر عمل ملائمة للمحاسبة المالية وتدقيق استخدام المياه. وتشير التقديرات إلى أنه مقابل زيادة درجة مئوية واحدة في الاحتباس الحراري العالمي، فإن 7% من سكان العالم سيواجهون نقصاً بنسبة 20 في المائة أو أكثر في موارد المياه المتجددة.

وتعتبر الإدارة المحسنة للموارد المائية مجالاً مهماً للتدخل في الغالبية العظمى من عمليات التكيف على التغيير المناخي على مستوى البلاد، وخطط تخفيف تأثيرات هذه التغييرات التي يتم وضعها للوفاء بالتزامات الدول الموقعة على اتفاق باريس للمناخ.

المحيط الفلاحي :الفاو 

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.