العالم يتخلف عن تحقيق أهداف التنمية المستدامة ….
كان العالم بالأساس خارج مسار بلوغ أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030 وقد زادت جائحة كوفيد-19 حتى من صعوبة تحقيق تلك الأهداف ورصد التقدم المحرز على حد سواء، بحسب ما جاء في تقرير جديد سيصدر اليوم عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (المنظمة).
وقال السيد “Maximo Torero” ، رئيس الخبراء الاقتصاديين في المنظمة “نحن بحاجة إلى بيانات أفضل لكي نفهم على نحو أوضح المسار الذي يجدر بنا اتباعه لبلوغ وجهتنا. إنّ معرفة المزيد عن موقعنا الآن وسرعة أو بطء تحركنا سوف يساعدنا على تركيز جهودنا وإجراءاتنا على تدخلات كفيلة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة.”
وإنّ الأزمة الصحية العالمية غير المسبوقة وما رافقها من تأثيرات اقتصادية واجتماعية “تزيد من التحديات المرافقة لتحقيق مقاصد أهداف التنمية المستدامة هذه” بحسب ما جاء في تقرير “تعقّب التقدم المحرز في مؤشرات أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأغذية والزراعة في عام 2020”.
وتشهد معدلات الجوع، وسواها من أشكال انعدام الأمن الغذائي، ارتفاعًا فيما أحدثت الجائحة خللاً في الممارسات الأطول أجلاً انطلاقًا من صون الموارد الوراثية، إضافة إلى العمليات الفورية على غرار عمليات التعداد الزراعي الوطنية والتي تكتسي أهمية حاسمة لتحديد الاحتياجات الفورية ودفع مزارعي العالم إلى اتباع ممارسات أكثر استدامة. وقد جرى تأخير عمليات التعداد هذه أو إرجاؤها أو تعليقها في أكثر من نصف البلدان المعنية وعددها 150 بلدًا. ويفيد بلد واحد من كل أربعة بلدان بأنّ جائحة كوفيد-19 قد أحدثت خللاً في وكالات الإحصاء الوطنية حيث أنّ مجموعات البيانات الرئيسية “جميعها تقريبًا” تتأثر سلبًا وتؤدي إلى تعقيدات كبرى في عمل المنظمة باعتبارها الوكالة الراعية لـ 21 من مؤشرات أهداف التنمية المستدامة ووكالة مساهمة في خمسة مؤشرات أخرى.
ويُجري التقرير تقييمًا للاتجاهات الحالية ويخلص إلى أنّ العديد منها يراوح مكانه – بما في ذلك المعيار المرجعي الخاص بالجوع الذي يعرف بمعدل انتشار النقص التغذوي المستخدم لتعقّب المقصد 2-1 من أهداف التنمية المستدامة – أو أنه يتراجع حتى – على غرار مقياس المعاناة من انعدام الأمن الغذائي الأوسع نطاقًا والمستخدم للغاية نفسها. ويعاني العديد من المؤشرات، خاصة تلك المخصصة لقياس إنتاجية عمالة أصحاب الحيازات الصغيرة ومداخيلهم بغرض مضاعفتها بحلول سنة 2030، من عدم كفاية البيانات لتقييم الحالة الراهنة والتقدم المحرز على حد سواء.
واعتبر السيد “Pietro Gennari”، رئيس الإحصائيين في المنظمة أنه “باستطاعة الأعضاء الاعتماد على المنظمة لمساعدتهم على العمل غالبًا في ظل تعقيدات منهجية ملحوظة والسعي إلى تحقيق نتائج موحدة وقابلة للمقارنة بما يتيح تكثيف الجهود المطلوبة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونحن على عتبة عقد العمل الحاسم الذي سيبلغ ذروته في عام 2030. “ومع أنّ التقييم العام مقلق، من الضروري أيضًا ملاحظة الاتجاهات الإيجابية على غرار تحسين كفاءة استخدام المياه في آسيا الجنوبية وتكثيف جهود صون الموارد الوراثية النباتية في أفريقيا الشمالية، والتقدم المحرز باتجاه الإدارة الحرجية المستدامة وبعض التحسّن في مكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم.”
الابتكار قادر على التغلّب على الاختلالات
قال السيد Torero “إنّ أزمة كوفيد-19 تجعل المهمة أصعب من ذي قبل لكنها تشكل فرصة أيضًا لإيجاد طرق جديدة للعمل على نحو أذكى وأسرع وأكثر فعالية” في معرض تقديم التقرير بصورة افتراضية إلى جانب السيد Gennari في جنيف اليوم.
ولقد أنشأت المنظمة مختبرًا للبيانات الضخمة وأداة لجمع المعلومات في الوقت الحقيقي لجملة من المؤشرات وأداة من أجل رصد أسعار الأغذية وتحليلها إضافة إلى المنصة الجغرافية المكانية الخاصة بمبادرة العمل يدًا بيد إلى جانب تكثيف جهودها لإتاحة جميع البيانات للعموم. وتستفيد المنظمة أيضًا من مصادر بديلة للبيانات لمساعدة الأعضاء على تقييم أثر الاختلالات التي تحدثها الجائحة على النظم الغذائية في الوقت الحقيقي وكذلك لتخطي القيود الحالية على جمع البيانات الميدانية. ويتم استخدام صور الأقمار الاصطناعية لتحديد مخاطر إحداث اختلالات في إنتاج المحاصيل وسلاسل القيمة ومراقبتها. وتمّ تطوير نماذج للتعلم الآلي من أجل معايرة التوقعات الخاصة بالمحاصيل وتصنيفها ويجري إدماجها ضمن سلاسل بيانات أخرى – من ضمنها تدابير التقييد الحكومية والاتجاهات الخاصة بأثر جائحة كوفيد-19، للاستشراد بها في عملية صنع القرارات المستندة إلى الأدلّة.
بعض النتائج الرئيسية
هناك شحّ في البيانات عن الإنتاجية الزراعية، غير أنّ الأدلّة تشير إلى أنّ صغار منتجي الأغذية متخلفون عن نظرائهم العاملين على نطاق أكبر. وهناك وفرة نسبية في البيانات عن مداخيل أصحاب الحيازات الصغيرة غير أنها تفيد بأنّ هذه المداخيل أدنى في معظم البلدان بمقدار النصف من مداخيل المنتجين على نطاق أكبر.
وقد ارتفعت الحيازات العالمية من الموارد الوراثية للأغذية والزراعة إلى 5.43 مليونًا في عام 2019 مقابل 4.21 مليونًا في عام 2005. غير أنّ الجهود المبذولة لضمان تنوع الأقارب البرّية للمحاصيل وأنواع المحاصيل غير المستغلة بالقدر الكافي لا تزال غير كافية.
وقد ارتفع عدد سلالات الماشية التي يوجد بشأنها ما يكفي من المواد الوراثية المخزّنة لإعادة تكوينها في حال انقراضها بمقدار عشرة أضعاف خلال العقد المنتهي في عام 2019. ولكنها لا تزال توازي 101 سلالة من أصل 600 7 سلالة أفيد عنها حول العالم، علمًا أنّ 73 في المائة منها معرّض لخطر الانقراض.
أما مسألة المساواة بين الجنسين، إذا ما نظرنا إليها من منظار حيازة الأراضي من جانب المرأة، فهي لا تزال بعيدة المنال في حين أنّ التشريعات القانونية في الكثير من البلدان لا تحمي بالقدر الكافي حقوق المرأة في الأراضي. ووحدها نسبة 12 في المائة من البلدان التي خضعت للتقييم تضمن درجة عالية من الحماية المذكورة.
ويتواصل تراجع الغابات واستدامة الأرصدة السمكية في العالم وإن بوتيرة أقلّ من الماضي.
وتراجعت بدورها على المستوى العالمي الاستثمارات الحكومية في الزراعة التي تقاس على شكل نصيبها من الناتج المحلي الإجمالي، بمقدار الثلث تقريبًا منذ عام 2001 نتيجة التراجع الحاد في قسم كبير من آسيا، بعدما كانت قد بلغت مستويات مرتفعة.
وقال السيد Torero “العمل معًا، يجدر بنا أن نعمل معًا لإيجاد طرق مبتكرة لتسريع الحصول على المعلومات اللازمة لحفز التغييرات التي تعهّد العالم بتحقيقها.”
المحيط الفلاحي: الفاو