التنمية القروية لا تهم وزارة الفلاحة لوحدها، بل هي مشروع وطني يحتاج لمساهمة كل الوزارات
المحيط الفلاحي : تشكل الفلاحة التضامنية و الانشطة المذرة للدخل بالعالم القروي إحدى أهم الركائز التي يتضمنها مخطط المغرب الاخضر, باعتبارها حلقة مهمة في مسلسل تنمية العالم القروي وانعاش اقتصاد الساكنة. تلك الفلاحة التي تهم بالاساس صغار الفلاحين، الذين يمثلون الشريحة المجتمعية الاكثر اتساعا و التي تعاني الهشاشة و قلة الموارد. لكن مقاربة موضوع الفلاحة التضامنية لا يجب ان ينحصر في شقه الفلاحي التقني المحض، بل وجب دراسته من منظور متعدد الابعاد. إن تنمية العالم القروي الذي هو المجال المحتضن للفلاحة التضامنية، قبل ان يحتاج الى تاطير و مساهمة من طرف وزارة الفلاحة، الذي تحملت هذا العبأ لوحدها منذ سنين، تحتاج لمساهمة كل القطاعات الحكومية و المؤسسات الوطنية للنهوض بالعالم القروي بشكل متكامل و منسجم و بكيفية فعالة تجعلنا نثمن المنجزات الماضية و نسرع وثيرة النمو الحالي.
ليس وزارة الفلاحة وحدها، رغم المجهودات المبذولة و المشكورة، قادرة على رفع هذا التحدي التنموي،لان التنمية القروية تحتاج لبنيات تحتية من طرقات و قناطر، تحتاج لربط العالم القروي بشبكة الماء الصالح للشرب و بشبكة توزيع الكهرباء، تحتاج لبنيات تضمن استقرارا للساكنة من مدارس و مراكز صحية و خدمات ادارية عن قرب، تحتاج لاماكن التسويق و التبضيع. كل ذلك لن توفره وزارة الفلاحة لوحدها و لا يدخل في مجالات اختصاصها. إن إنجاح الفلاحة التضامنية و الانشطة القروية المدرة للدخل محتاجة لمقاربة شمولية تجعل من المغرب الاخضر قطارة التنمية بالعالم القروي بمشاركة كل القطاعات ذات الصلة بموضوع التنمية البشرية التي هي بالأساس الهدف الاسمى لكل المخططات الوطنية، دون إغفال المندوبية السامية للمياه و الغابات و المتدخلين في مجال البيئة بما في ذلك المجلس الوطني و المجتمع المدني. إن تنمية العالم القروي كما اراد لها جلالة الملك محمد السادس بان تكون تنمية تجعل من العنصر البشري محورها، محتاجة لتكثيف جهود الحكومة باكلمها ، بدل الاعتماد على وزارة الفلاحة التي لن تستطيع توفير الامكانيات البشرية و المادية للنهوض بالعالم القروي لوحده، و كذلك ربحا للوقت و اسراعا بالرفع من وثيرة التنمية. و من هنا يبدوا أن التنمية القروية تتعدى قطاع وزاري واحد، بل تشمل جميع القطاعات الوزارية، و عليه وجب التفكير في وضع استراتيجية و طنية مندمجة تراعي الخصوصيات المجالية و الجهوية و تدمج جميع القطاعات الحكومية، كل حسب مؤهلاته و امكاناته. التنمية القروية، بحكم الحالة المزرية للبنيات التحتية العمومية و فك العزلة على العالم القروية عمليا و اعلاميا، تتعدى المغرب الاخضر الذي تقوده وزارة الفلاحة ليصير المغرب الاخضر الذي تقوده الحكومة، و طبعا برؤية اكثر شمولية و اكثر فعالية و اكثر واقعية حتى تظهر نتائجه على المعاش اليومي لساكنة العالم القروية.
دريس مكراز : مهندس فلاحي