مجلة المحيط الفلاحي

هذه آخر تطورات الحالة المرضية للنحل ببلادنا وتعبئة النحالين لمواجهتها..

في إطار الحملة الوطنية التي أطلقتها النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب منذ بداية الأسبوع الماضي، والتي ترمي إلى التعبئة والتواصل المستمر مع أكبر عدد ممكن من النحالين على الصعيد الوطني لمواجهة آثار المرض الذي أصاب طوائف النحل بالمغرب وللحد من انتشاره، معتمدة في ذلك على إمكانياتها الخاصة والمحدودة، وعلى مجهودات النحالين الذاتية وعملهم الوطني التطوعي، خدمة للصالح العام، بعد إعلاننا في تقريرنا السابق عن التشخيص المخبري لمرض “تكيس الحضنة ” (LE COUVIN SACCIFORME)، الناجم عن فيروس يسمى اختصارا (S.B.V)، انتقلنا نهاية الأسبوع الماضي إلى منطقة تعرف اكتظاظا موسميا للنحل، وتكديس الخلايا في مكان واحد، بما يتنافى مع الطاقة الاستيعابية للمرعى، وقد سبق لنا أن أنجزنا، بخصوص تلك الظاهرة خبرة، وبيان حقيقة نشرناه على صفحتنا الرسمية بتاريخ 24/05/2021، وهو التاريخ نفسه الذي رصدنا فيه أول حالة مرضية بمنطقة بزو وفم الجمعة بإقليم أزيلال، لما سيتم تشخيصه فيما بعد بمرض “تكيس الحضنة”.

ومن خلال زيارتنا لمجموعة من تعاونيات تربية النحل وإنتاج العسل، والضيعات الفلاحية التي تستغل النحل في عملية تلقيح الأشجار، وقفنا على كارثة حقيقية تتجلى في العدد الكبير من خلايا النحل المتضررة، مما سيؤثر لا محالة على مردودية إنتاج الفواكه بهذه المنطقة بسبب قلة النحل الملقح للأشجار المثمرة في فترة إزهارها.

 وأثناء زيارتنا لإحدى الضيعات الفلاحية التي تضم منحلا به 73 خلية نحل، صادفنا حالة فريدة واستثنائية، ذلك أن جميع الخلايا وجدناها سليمة تماما من المرض، ونحلها في غاية النشاط والحيوية ينشرح له صدر كل نحال، ولما سألنا المشرف على المنحل، أكد لنا أنه يتعامل مع النحل بطريقته المعتادة وحتى الفاروا لم يعالجها هذه السنة. وبعد إجرائنا لدراسة وبحث استنتجنا تفسيرا علميا لهذه الحالة هو التالي:

– باستعمال تطبيق تحديد المسافات، اتضح لنا أن هذا المنحل يبعد ب 3.8 كيلومتر في خط مستقيم (3,8km à vol d’oiseau ) عن أقرب منحل مصاب بالمرض، وأن المشرف على النحل لا يشتغل في مناحل أخرى، والأدوات التي يستعملها في فحص الخلايا لا تخرج من الضيعة، وهو ما حمى منحله من أية عدوى.

– كما تأكد لدينا أن ثلاث ضيعات فلاحية موجودة بنفس المنطقة متباعدة في ما بينها بمسافة مابين خمس وعشر كيلوميترات، رغم أن خلايا نحلها قارة ولا تجاورها أية خلايا نحل آخر، فإن نحلها تضرر بالكامل جراء المرض، فاكتشفنا أن هذه الضيعات الفلاحية الثلات تستأجر أحد النحالين في الفحص والعناية بالنحل، واكتشفنا كذلك أن نحله هو أيضا مصاب بالمرض، فتبين لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الفيروس المسبب للمرض انتقل بواسطة أداة فحص الخلايا وهي العتلة le léve cadre، مما أدى إلى انتقال العدوى إلى كل الخلايا التي اشتغل فيها بتلك العتلة.

لذلك، يجب على النحال تعقيم أدوات فحص الخلايا قبل وبعد استعمالها، والتخلص من الإطارات الحاملة للحضنة المصابة بشكل يضمن القضاء على الفيروس، وإبعاد الخلايا الفارغة المصابة بالمرض حتى لا يرعى عليها نحل آخر فينتقل المرض إلى خلايا مجاورة ومن ثم إلى مناحل أخرى، وهذا هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى انتشار العدوى بهذا الشكل.

ومن المعلوم أن فصل الشتاء يعد أصعب فصل بالنسبة للنحل، كما أن عملية التشتية تشكل أكبر تحد يواجهه النحال، حيث يكثر انتشار الأمراض البكتيرية والفطرية بين طوائف النحل، رغم أنها تبقى منحصرة في محيط جغرافي ضيق.

وإننا في النقابة لما سبق لنا أن أشرنا إلى أن الحالة المرضية للنحل متحكم فيها، وهي تحت السيطرة، وتم الحد من الخسائر بوجود العلاج، فإن ذلك لم يكن ليتم إلا بالمشاركة الفعالة، والعمل المتواصل، والإرادة القوية للنحال وصموده من أجل الحفاظ على منحله ومصدر رزقه، ومن ثم الحفاظ على ثروة وطنية يعتز بها بلدنا الحبيب المغرب.

الحـسن بنبل رئيس النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.