موقع ووردبريس عربي آخر

علماء يساعدون المزارعين على التخلي عن استخدام المواد الكيميائية

 

تندرج أرض زراعية في غرب فرنسا تتمايل فيها أزهار أرجوانية وبيضاء بين براعم القمح، في مشروع علمي يهدف إلى مساعدة المزارعين على الحدّ من استخدام مبيدات الحشرات والأسمدة الكيميائية في عملهم.
ويقول المزارع دافيد بونو منحنياً فوق أزهار وحشائش برية: «كنت أشعر بأنّ هذه المواد تمثّل خطراً» على المحاصيل، مضيفاً أنّ «الناس يطالبون بتقليص استخدامها». واعتُمدت في التجارب ثلاث أراضٍ تابعة لبونو، استُخدمت في إحداها مبيدات أعشاب كيميائية، فيما أُزيلت النباتات البرية في الأرض الثانية عبر جرافة وتُركت الأرض الثالثة من دون إزالة هذه النباتات منها.
ويمثّل الاختبار جزءاً من مشروع علمي يضمّ 400 مزرعة وحوالي أربعين قرية في دو-سيفر الواقعة غرب فرنسا، حيث يجرّب العلماء تقنيات عدة للحدّ من التلوّث. ويدعم باحثون من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي مزارعين متطوّعين بهدف الحدّ من استخدام المبيدات الحشرية التي تمثل سبباً محتملاً للإصابة بالسرطان والمميتة للطيور، والابتعاد عن الأسمدة الكيميائية الملوّثة للمياه، إذ إنّ أسعار هذه المواد ترتفع بشكل كبير.
ويؤكّد الخبراء أنّ على صناع القرار السياسي في أوروبا ألّا يتراجعوا عن التزامهم تقنيات الزراعة الصديقة للبيئة في الوقت الذي يثير غزو روسيا لأوكرانيا مخاوف من أزمة نقص في الأغذية. ويعتبر رئيس البحوث المتعلقة بالأنظمة الزراعية في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ روبرت فينغر أنّ «إظهار التزام طويل الأمد مهمّ من وجهة نظر سياسية». وقد يكون اللجوء إلى وسائل صديقة للبيئة مربحاً أكثر.
ويقول فينغر إنّ «استخدام الأسمدة الكيميائية في بلدان عدّة ليس فعّالاً في الوقت الحالي لناحية تسجيل زيادة في المحاصيل»، في إشارة إلى أوروبا وجزء من آسيا. ويمكن أن يؤثر الاستخدام المفرط للأسمدة والمبيدات في المحاصيل الصغيرة والكبيرة.

عادات خطرة

ويؤكّد الباحث في معهد «وورد فاجتبل سنتر» بيبين شراينماخرز أنّ مزارعين في دول مثل فيتنام ولاوس وكمبوديا يسيئون استخدام المبيدات ما قد يؤدي إلى نتائج وخيمة. ويضيف: «من الضروري معرفة أنّ المزارعين أنفسهم هم الأكثر تضرراً من سوء استخدام المواد الكيميائية الزراعية»، من خلال لجوئهم بشكل كبير إلى هذه المواد والتقنيات غير الآمنة أو عبر استخدام منتجات غير مناسبة.
ويتابع أنّ «كلّ مزارع يمكنه أن يروي تفاصيل تسمّم تعرّض له بسبب المبيدات الحشرية وواجه جراءه طفحاً جلدياً وتقيؤاً وحتى فقداناً للوعي. ورغم ذلك، يعتقد معظم المزارعين أنّ المبيدات ضرورية للإنتاج الزراعي».

إذاً كيف يمكن إقناع المزارعين بالتغيير؟
ويعتبر روبرت فينغر أنّ الزراعة تحتاج إلى حل وسط بين الزراعة العضوية تماماً والزراعة التقليدية التي تعتمد على المواد الكيميائية.
ويقول: «تتمثل النقطة الأكثر أهمية في أنّ المزارعين لديهم خيار العمل بطريقة مختلفة». ومن شأن السياسات العامة الطويلة الأمد أن تساعد في دعم تطوير تقنيات زراعية جديدة، والاستثمار بالإنتاج الخالي من المبيدات وبتقنيات كزراعة البقوليات بين المحاصيل لتقليل الحاجة إلى الأسمدة.
ويرى أنّ على تكاليف المبيدات والأسمدة أن تعكس بوضوح الضرر الذي قد تتسبّب به هذه المواد.
أما في المناطق، حيث لا تُستخدم المواد «الشديدة السمية» بطريقة آمنة، فيشير شراينماخرز إلى ضرورة حظر العمل الزراعي فيها، أو فرض ضرائب مرتفعة على المزارعين لردعهم عن الاستخدام غير الآمن للمبيدات تزامناً مع تشجيعهم على اللجوء إلى بدائل كالمبيدات الحيوية.
وبهدف تشجيع المزارعين على اتّخاذ خطوة نحو التغيير، يدرس باحثو المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي إنشاء صندوق مشترك لتعويض المزارعين إذا واجهوا خسائر ناجمة عن تقليل استخدامهم الأسمدة الكيميائية ومبيدات الحشرات. وهذا النموذج مُعتمد في إيطاليا.

المحيط الفلاحي :  أ.ف.ب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.