مجلة المحيط الفلاحي

الوافي : التنمية المستدامة بالمغرب … قضية بيئة وتطور وعقليات

قالت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة السيدة نزهة الوافي، إن قضية التنمية المستدامة في المغرب، التي تشكل إحدى ركائز السياسات الحكومية والمناقشات العامة، تحمل في طياتها رهانات عدة على المستويات البيئية والاقتصادية والمؤسسية والثقافية.

وأبرزت السيدة الوافي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الاقتصاد الأخضر، باعتباره ورشا انخرط فيه المغرب بخطى ثابتة، هو تجسيد واضح للتحالف الممكن والمفيد بين النمو الاقتصادي والمسؤولية البيئية، مضيفة أن الانتقال إلى هذا النموذج من النمو ، يندرج ضمن أولويات وزارتها.

وإدراكا منها بالأهمية الاستراتيجية لهذه العملية، التي تتمثل فكرتها الأساسية في خلق فرص عمل وقيمة مضافة في إطار احترام البيئة، قامت كتابة الدولة بجعل إعادة التدوير وإعادة تثمين النفايات الصناعية أبرز أسلحتها في خوض هذا التحدي.

وأشارت إلى أنه تم تحديد سبعة قطاعات كجزء من البرنامج الوطني لتثمين النفايات، تتعلق بالبلاستيك، وثنائي الفينيل متعدد الكلور، والبطاريات، والإطارات، والزيوت الغذائية، وزيوت التشحيم، والورق المقوى.

وسجلت أن “القانون الإطار بشأن البيئة والتنمية المستدامة حقق تقدما كبيرا عبر إرساء مبدأ المسؤولية الموسعة للمنتجين”، مشيرة إلى أن الهدف وراء هذه الخطوة هو تعزيز التزامات المصنعين تجاه المنتوج إلى حين بلوغه مرحلة الاستهلاك”.

وأوضحت أن هذا القانون الإطار يتطلب التدخل على مستويين، يرتبط أولهما بنقل المسؤولية من الجماعات إلى المنتجين فيما يتعلق الثاني بوضع تدابير تحفيزية تأخد بعين الاعتبار العوامل البيئية من قبل المنتجين عند تصميم المنتوج.

وأبرزت السيدة الوافي نجاح التجربة الأولى التي نفذت، في هذا الاتجاه، والمتعلقة، على الخصوص، بالبطاريات والعجلات والرصاص، موضحة هذه العملية لم تمكن فقط من تقليص نسبة التلوث التي تسببها هذه النفايات السامة، بل مكنت أيضا من إدماج القطاع غير الرسمي في هذه الدينامية الجديدة حيث أصبحت جميع الأسر، التي كانت تعيش على إعادة بيع هذه المواد المستعملة، منخرطة بدورها في إعادة التدوير”.

واعتبرت أن هذه المبادرة مكنت من تحقيق ثلاثة أهداف، أولها تخفيف حدة تكلفة التدهور البيئي الذي يكلف المغرب 3.5 بالمائة من الناتج الإجمالي الخام، وتحصيل قيمة مضافة اقتصادية مهمة وخلق مصدر دخل قار للأشخاص الذين يشتغلون بالقطاع غير الرسمي.

وعبرت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة عن اعتزازها بالنتائج التي تم تحقيقها في عملية القضاء على الأكياس البلاستيكية، واعتبرت أنه بالإضافة إلى النتائج الكمية التي حققتها الحملة الوطنية للتخلص من الأكياس البلاستيكية، فإن “زيرو ميكا” أدت إلى تغيير حقيقي في السلوكات الاستهلاكية جعلت المواطنين يغيرون من عاداتهم سريعا للاستغناء عن هذه المادة، التي كانوا يعتبرونها سابقا ضرورية، وتحولوا تلقائيا إلى استعمال البدائل المتاحة لهم.

وقالت السيدة الوافي إنه، باستثناء البدائل يكون الخيار محدودا نوعا ما، مؤكدة أنه لا يزال يتعين استكشاف مجموعة واسعة من الخيارات، والتي تشمل الأكياس القابلة للتحلل التي لا يزال إنتاجها في السوق الوطنية مقيدا بسبب عدم وجود قطاع ونظام لإعادة التدوير السليم.

وأشارت كاتبة الدولة إلى أن الحكومة منكبة حاليا على مرحلة “ما بعد زيرو ميكا”، أي اعتماد بديل مستدام للبلاستيك، مبرزة أن الدولة وضعت تقييما أولا فيما تعد للثاني من أجل معالجة هذه المشكلة التي تعرض تحديات اقتصادية ومؤسساتية وثقافية شأنها في ذلك شأن أي مشكلة متعلقة بالبيئة.

من جهة أخرى، أكدت السيدة نزهة الوافي، التي كانت ضمن أعضاء الوفد الذي مثل المغرب في أشغال الجمعية العامة الثانية والسبعين للأمم المتحدة، المنعقدة مؤخرا في نيويورك، أن المملكة تحظى بتقدير كبير من طرف المجتمع الدولي لريادتها في مجال مكافحة التغيرات المناخية.

وحسب السيدة الوافي فإن العديد من الاجتماعات والنقاشات وأوراش العمل، التي عقدت بشأن الاحتباس الحراري بهذه المناسبة بمبادرة أو بمشاركة من المغرب، أكدت الريادة والالتزام الثابت للمملكة في ما يتعلق بالتنمية والتعاون بين بلدان الجنوب في هذا المجال.

وأضافت أن المغرب، شكل دوما، وانطلاقا من روح المؤتمر الإفريقي الذي عقد في إطار مؤتمر الأطراف في مراكش (كوب22)، صوت القارة ونقل انشغالاتها واهتماماتها خلال هذا المؤتمر الأممي.

ومن حيث الإسهام في الجهود الدولية لمكافحة الاحتباس الحراري، خلصت كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة إلى أنه “يمكن لبلادنا أن تعتز بأنه يقرن القول بالفعل، وذلك من خلال الوفاء بالتزاماته الدولية وتقديم خبرته وموارده للبلدان الإفريقية من أجل تمكينها من إنجاح استراتيجياتها للتنمية المستدامة والانخراط في الجهود العالمية في مجال البيئة”.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.