موقع ووردبريس عربي آخر

التخفيف من آثار التغيرات المناخية على الوسط القروي يتطلب مقاربة للتحسين والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن التخفيف من آثار التغيرات المناخية على العالم القروي سيتطلب انخراطا قويا من قبل جميع الفاعلين المعنيين من أجل إعداد آليات مناسبة تشجع مقاربة للتحسين والاستغلال المستدام للموارد الطبيعية.

وأضاف المجلس، في تقرير حول “تنمية العالم القروي: تحديات وآفاق” اعتمده بداية مارس الجاري، أن ذلك سيتطلب أيضا تدبيرا “أمثل للموارد المائية وإعداد مخططات مناخية يتم تنزيلها على المستويين الجهوي والمحلي وكفيلة بوقاية الساكنة القروية المحلية من أخطار الكوارث الطبيعية”.

وأبرز التقرير أن العالم القروي المغربي يحتضن خزانا هاما من الموارد الطبيعية غير المستغلة كفاية والمدبرة بشكل سيء أحيانا، موضحا أن “تدبيرا أفضل لهذه الموارد يساهم في تحسين اقتصاد العالم القروي ومساهمته في الناتج الداخلي الخام للبلاد”.

ويفيد التقرير بأن الحفاظ على هذه الموارد والنهوض ببيئة سليمة أضحيا ضرورة عاجلة تفرض على أصحاب القرار وفاعلي المجتمع المدني رؤية جديدة وتدبيرا عقلانيا واستشرافيا يجب أن يكون ضمن أولويات سياسة تنمية البلاد.

وهكذا، يعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن التدبير المستدام للموارد الطبيعية يواجه حاليا العديد من الإكراهات المرتبطة أساسا بالتغيرات المناخية التي تهدد الأنظمة الغذائية والتنمية البشرية.

ويتعلق الأمر أساسا بموجات الجفاف المتكررة، وقلة وعدم انتظام التساقطات، وجفاف 2015 الذي كان قاسيا جدا لأنه مس بشكل كبير الإنتاج الفلاحي وأعلاف الحيوانات، فضلا عن السيول العنيفة والمدمرة التي جرفت البنيات التحتية الهيدرو- فلاحية والطرقية، والأشخاص والمساكن القروية.

وأضاف التقرير أن تلوث الموارد المائية واضطرابات الدورات الزراعية وتدهور المراعي، والتراث النباتي، وتدهور نوعية التربة تشكل أيضا تداعيات مقلقة للتغيرات المناخية، مشيرا إلى أنه إلى جانب هذه الآثار، يجب أيضا ذكر زحف الرمال وعدم كفاية التشجير في مكافحة انجراف التربة ، لأن الأراضي الصالحة للزراعة التي تختفي سنويا ما تفتأ ترتفع.

كما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي يوصي بحماية وتثمين الموارد والمنظومات البيئية العالية القيمة في المناطق القروية الأكثر هشاشة، يشير إلى أن إرساء منظومة تضامنية ومبتكرة للتعويض الوطني والدولي بين منطقة الحماية ومنطقة الاستغلال سيساهم بقوة في تعزيز التعاون بين السكان على المستويين الترابي والمحلي.

وجاء في التقرير “أضحى المغرب يتوفر في السنوات الأخيرة على ترسانة قانونية مهمة (القانون الإطار رقم 99-12 المتعلق بالميثاق الوطني للبيئة، والقانون حول الساحل، والقانون الجديد للماء وغيره)، تخول تأمين تدبير متجدد ومستدام للموارد الطبيعية للبلاد”.

من جهة أخرى، تناول التقرير أيضا المؤتمر ال22 للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22) المنعقد بمراكش واتفاق باريس، المعتمد بموجب قمة (كوب 21)، “اللذين يمثلان فرصا تاريخية لتنمية الساكنة الأكثر فقرا بالكوكب، خاصة تلك القاطنة بالعالم القروي”.

وحسب المجلس، فإن الالتزامات التي أخذها المغرب على عاتقه في إطار اتفاق باريس والتدابير والقرارات المعلنة في مراكش من أجل تجسيدها ينبغي أن تشكل موضوع خارطة طريق لجميع المشاريع والاستراتيجيات المبرمجة لصالح الساكنة القروية، مع الحرص على الاستغلال العقلاني للموارد المتوفرة والأخذ بعين الاعتبار نتائج المشاورات التي جرت مع فاعلي المجتمع المدني.

ونظرا للمستويات الضعيفة جدا للتنمية في المناطق القروية وهشاشتها، أورد التقرير أن رؤساء الدول والحكومات دعوا، في إعلان مراكش من أجل العمل لصالح المناخ والتنمية المستدامة، جميع الأطراف لتعزيز ودعم الجهود للقضاء على الفقر، وضمان الأمن الغذائي، واتخاذ تدابير صارمة لمواجهة تحديات التغيرات المناخية في مجال الفلاحة.

وفي هذا السياق، فإن مبادرة المغرب من أجل تكييف الفلاحة في إفريقيا، وهي إحدى التدابير المميزة على المستوى القاري، تنبني على ركيزتين تتمثلان في الترافع من أجل توفير التمويل لمشاريع تكييف فلاحة البلدان الإفريقية وتشجيع الحلول المبتكرة للاستجابة للحاجيات ذات الأولوية بالنسبة لإفريقيا.

ويرتقب أن تقدم هذه المبادرة، التي احتلت مكانة متميزة في مفاوضات (كوب 22) من أجل تحقيق توزيع عادل لصناديق تمويل المناخ بين التكيف والتخفيف، دعمها بالخصوص للساكنة الهشة عبر تشجيع إرساء مشاريع ملموسة وممارسات فلاحية ذكية تحد من آثار التغيرات المناخية وتضمن الأمن الغذائي لهذه الساكنة.

ويتوخى تقرير “تنمية العالم القروي : تحديات وآفاق”، الذي صادق عليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤخرا خلال دورته العادية الحادية والسبعين، تحليل مختلف مظاهر إشكاليات التنمية القروية بالمغرب وتقديم عناصر الإجابة عليها.

وتقوم المنهجية المعتمدة في إعداده على تحليل الوضعية الحالية للتنمية القروية وتحديد العوامل التي عرقلت تحسين إطار عيش الساكنة المقيمة في العالم القروي، وكذا تحديد العناصر الغائبة من أجل انسجام أمثل واندماج الاستراتيجيات والبرامج في أهدافها وعلى مستوى تفعيلها.

كما يقترح هذا التقرير سلسلة من التوصيات العملية لدعم الأنشطة الاقتصادية في العالم القروي، وهي الفلاحة المعيشية والبيولوجية وكذا الأنشطة غير الفلاحية، لا سيما السياحة البيئية، والصناعة التقليدية والصيد البحري والصناعات الصغيرة والخدمات، مع ضمان حماية البيئة.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.