مجلة المحيط الفلاحي

التجميع الفلاحي .. حل تنافسي يقوم على شراكة مربحة للجميع بين الإنتاج والتصنيع والتسويق

 

يشكل نظام التجميع الفلاحي، إحدى ركائز مخطط المغرب الأخضر، حلا تنافسيا يتمحور حول شراكة مربحة لجميع أطراف الإنتاج والتسويق والتصنيع، وذلك بناء على عقود تبين التزامات كل طرف في إطار مشروع تجميع محدد بدقة.

ويخول هذا النمط التنظيمي، الذي يعد حجر الزاوية في الفلاحة الإنتاجية الوطنية والدولية بالخصوص، تجاوز الصعوبات المرتبطة بتشتت البنيات العقارية مع تمكين الاستغلاليات التجميعية من الاستفادة من التقنيات الحديثة للإنتاج والتمويل، فضلا عن الولوج السوق الداخلي والخارجي.

وتفيد مذكرة لوكالة التنمية الفلاحية حول هذا النظام أن القطاع الفلاحي المغربي راكم نماذج حقيقية ناجحة للتجميع الفلاحي.

ويتعلق الأمر بالأساس بنماذج للتنمية المندمجة لسلسلة الطماطم في جهة سوس ماسة حول قطب البواكر (المدخلات والاستشارة والتوضيب واللوجيستيك)، والتطور المدهش والسريع بمنطقة الشمال لسلسلة الفواكه الحمراء (الطازجة والمجمدة) الموجهة للسوق الأوروبي، وكذا إرساء سلسلة وطنية للحليب حول مراكز للتجميع تمكن من الاندماج مع الوحدات الصناعية لتحويل الحليب.

وهكذا، أضحى التجميع الفلاحي النمط التنظيمي المميز لمخطط المغرب الأخضر، وذلك لعدة أسباب، منها القدرة على تحسين العلاقة بين الإنتاج والتسويق وباقي سلسلة القيمة، بفضل كفاءات المجمع في ما يتعلق بمعرفة الأسواق، والربط بين الإنتاج وشبكات التوزيع بوسائل لوجيستيكية تنافسية.

كما يشكل هذا النموذج حلا ناجعا لولوج صغار الفلاحين للتمويل عبر إمكانيات التمويل المباشر من قبل الأبناك، على أساس عقود للتجميع الفلاحي و/أو التسبيقات والمدخلات التي يمنحها المجمع للمجمعين.

وبالملموس، يمكن التجميع الفلاحي المجمع من الولوج لوعاء عقاري واسع دون الحاجة لتعبئة رساميل، وتأمين قاعدة أوسع لتزويد وحداته التحويلية بكميات أكثر انتظاما وبجودة أفضل وتطوير قدراته التجارية لولوج أسواق جديدة.

أما الفلاح، فيتمكن عبر هذا النمط التنظيمي من تثمين أفضل للمنتوج بفعل تحسين جودة الإنتاج، واكتساب تقنيات وكفاءات جديدة، والتزود بعوامل إنتاج جيدة والولوج إلى وسائل تمويل مناسبة.

وبالتالي، يساهم التجميع في جلب استثمارات جديدة وتطوير أقطاب للنمو حول مشاريع للتجميع الفلاحي، إضافة إلى خلق الثروة ومناصب الشغل في الوسط القروي وتعزيز نسيج فاعلي القطاع الفلاحي.

وعلى المستوى القانوني، يحدد القانون رقم 12-04 حول التجميع الفلاحي المفاهيم المرتبطة بهذا النظام.

وينص القانون على أن التجميع الفلاحي يعد شكلا من أشكال التنظيم المبني على التجمع الإرادي للفلاحين الذين يسمون “مجمعين” من طرف “مجمع” حول مشروع فلاحي، بغية تنظيم الإنتاج الفلاحي وتشارك وسائل الإنتاج وتسهيل الولوج إلى التمويل أو أنظمة التأمين، وتسهيل وتحسين فعالية تسويق المنتجات الفلاحية.

ويعد مخطط المغرب الأخضر، الذي انطلق سنة 2008، استراتيجية وطنية للتنمية الفلاحية هدفها تمكين القطاع الفلاحي من ديناميكية تطور منسجمة ومتوازنة تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات القطاع، واستغلال هوامش التقدم مع تثمين أفضل للقدرات، ومواجهة الرهانات الجديدة مع الحفاظ على التوازنات الاجتماعية والاقتصادية ومواكبة التحول العميق الذي تعرفه منظومة الصناعة الغذائية العالمية.

ويقوم المخطط على ركيزتين تروم إحداهما التطوير السريع للفلاحة ذات القيمة المضافة العالية والإنتاجية القوية، عبر إحداث أقطاب للتنمية الفلاحية والصناعة الغذائية ذات القيمة المضافة العالية، مع الاستجابة كليا لمتطلبات السوق.

وتقوم الركيزة الثانية على مواكبة تضامنية لصغار الفلاحين بأهداف أساسية تتمثل في التحديث التضامني للفلاحة الصغيرة قصد محاربة الفقر وإدماج هذه المحاور ضمن استراتيجية للتنمية القروية المندمجة وتطوير مصادر بديلة للدخل.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.