مجلة المحيط الفلاحي

وزارة الفلاحة والداخلية توحّدان الجهود: منع ذبح إناث الأغنام والماعز لحماية القطيع الوطني

في زمن تتشابك فيه الأزمات المناخية مع التحديات الاقتصادية، وتتشابك فيه الحاجة الملحّة إلى صون ثرواتنا الطبيعية مع متطلبات العيش الكريم للفلاح والمستهلك على حد سواء، يأتي القرار المشترك الذي اتخذته وزارتا الفلاحة والداخلية  الصادر بتاريخ  التاسع عشر من مارس بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز، كترجمة فعلية لرؤية متبصّرة، وحوكمة مسؤولة تستشرف مصلحة الوطن قبل مصلحة اللحظة.

في خضم سنوات جفاف متوالية أضعفت المراعي وأثقلت كاهل الفلاح بالأعباء، وبينما بدأت مؤشرات تراجع القطيع الوطني تدق ناقوس الخطر بنسبة تقارب 38% مقارنة بسنة 2016، لم يبق المجال مفتوحاً أمام الحلول الترقيعية أو القرارات الظرفية. كان لزاماً اتخاذ موقف شجاع وحازم يقطع مع الممارسات العشوائية التي كادت تعصف بمستقبل قطاع تربية المواشي، وتهدد منظومة الأمن الغذائي الوطني في الصميم.

ومن هنا، نشيد عالياً بجرأة القرار  الذي يقف وراءه السيد أحمد البواري وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ، الذي أثبت مرة أخرى أنه رجل المرحلة منذ تعيينه من طرف جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، ويضع السيد البواري على رأس أولوياته تثبيت أسس الاستدامة واليقظة الاستراتيجية الفلاحية .

قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، الممتد إلى غاية مارس 2026، ليس مجرد قرار تقني تنظيمي، بل هو إعلان واضح أن المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، حين يتعلق الأمر بسيادته الغذائية وحماية موارده الحيوية لا ينتظر ويتصرف في الحين .

ولم يقتصر القرار على المنع وحده، بل جاء مصحوباً برؤية شمولية متكاملة، تبدأ بإطلاق حملات تحسيسية شاملة تستهدف كل مكونات سلسلة اللحوم الحمراء، من جزارين وفلاحين ومربين، وتصل إلى التنسيق الصارم مع السلطات المحلية والجماعات الترابية، لضمان التطبيق الفعلي، بعيداً عن أي تهاون أو تراخٍ.

وهو ما يعكس مدى حرص وزارة الفلاحة على تنزيل مقتضيات هذا القرار ليس فقط في صيغته القانونية، بل كخيار استراتيجي يندرج ضمن الأهداف الكبرى لاستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، التي جعلت من استدامة القطاع الفلاحي، ودعم الفلاح الصغير، وضمان الأمن الغذائي، ركائز أساسية للتنمية الوطنية.

لا أحد ينكر أن الظروف الاقتصادية الضاغطة، وارتفاع أسعار الأعلاف وتكاليف الإنتاج، دفعت العديد من المربين إلى خيار بيع أو ذبح الإناث المنتجة. لكن الدولة، بفضل وعيها وبعد نظرها، تدخلت لوضع حد لهذا النزيف، لتقول لكل معنيّ: مستقبلنا الفلاحي، وأمننا الغذائي، لا يمكن أن يكون رهين تقلبات الأسواق أو ضغوط الظرف.

إننا اليوم أمام قرار يحمل في جوهره رسالة واضحة: الثروة الحيوانية ليست سلعة استهلاكية آنية، بل هي رأسمال وطني يجب حمايته، ومورث طبيعي علينا أن نسلمه للأجيال القادمة أكثر قوةً واستدامةً.

وفي هذا السياق، فإن مبادرة القرار التي قادها الوزيران البوراي ولفتيت، تمثل نموذجاً في الحوكمة الرشيدة والتخطيط بعيد المدى، نموذجاً يُحتذى به على المستوى الوطني،  في كيفية التفاعل الذكي مع التحديات المناخية والاقتصادية المتشابكة.

ختاماً، إن قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، هو فعل وطني بامتياز، يعكس يقظة الدولة، وحكمة القائمين على قطاع الفلاحة، وفي مقدمتهم السيد أحمد البواري، الذي برهن أن الاستراتيجيات الكبرى لا تنجح إلا إذا كانت مبنية على إجراءات ملموسة، جريئة، وذات أثر بعيد المدى. إنه قرار يخطّ اليوم بمداد الحكمة، ليس فقط لحماية القطيع، بل لحماية مستقبل غذائي آمن، ومستقبل فلاحي مستدام، مغربياً، خالصاً، متجدراً في التربة، وممتداً عبر الأجيال.

#العربي عادل

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.