نساء سند في بني ملال تحدي وإصرار من أجل لقمة العيش…
- عادل الزبيري
ويتجدد لقائي مرة أخرى، مع نساء مغربيات أخريات واستثنائيات، في مدينة بني ملال، بين جبال الأطلس، في وسط المغرب.هن نساء مغربيات، ليس على صدروهن أوسمة، ولا على أكتافهن نياشين، ولكنهن خرجن بكل شجاعة؛ من قبضة الأسرة التقليدية، التي ترى في المغرب، في المرأة، حاضنة للأولاد بعد إنجابهن، وككانسات للبيت، وكطاهيات للطعام.
هنا في مقر تعاونية سند، في قرية أولاد امبارك، الملاصقة لمدينة بني ملال، منذ ساعات الصباح الأولى، حركة لا تتوقف، نساء يعددن صنوفا أصيلة، من كسكس تقليدي وتراثي مغربي، من إرث المغاربة الأولين.
ففي إعداد الكسكس؛ دقيق أولي من إيلان وقمح وسميد وخرطال، وبمهارة يدوية من نساء ماهرات، تتحول المادة الأولية، لكسكس مغربي، يمكنه أن يسافر إلى أي مكان عبر العالم.
مع تدوير لليدين في تحضير الكسكس، ترتفع من النساء أغاني تراثية محلية، بعامية وبأمازيغية مغربيتين.وبعد ساعتين من العمل، تتصبب نسوة تعاونية سند، تعبا وعرقا مصدره القلب.
والنساء في سند بني ملال، شحن منذ سنوات بطاريات صبر جميل، ضد عزلة اجتماعية، وفقر للحال، فيكتبن اليوم بكل شجاعة قصة جماعية وجميلة لصعود اجتماعي جديد صوب الأفق البعيد حيث يقف حلمهن الجماعي.
هنا في بني ملال، نساء تعاونية سند، حولن فقرهن لطاقة إيجابية، ليدفعن بحياتهن إلى الأمام قدما.
قررت نساء تعاونية سند، أن ينتقمن من الفقر ، شر انتقام، وأن ينتصرن على العزلة؛ بالاشتغال على الكسكس والتوابل.
أعترف أنني قبل أن ألتقيهن وأجالسهن، وأشرب معهن الشاي؛ أكلت من كسكس أعددنه هنا، في بني ملال، ووصلني إلى الرباط.
كما أنني تبلت شهيوات لذيذة، في بيتي، في مدينة سلا، بقؤب العاصمة الرباط؛ بما حضرن من توابل مغربية أصيلة، في قرية أولاد امبارك الملالية.
فهنا في اولاد امبارك في بني ملال، نساء بكرامة يشتغلن، لساعات طويلة، لتنتجن بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كسكسا وتوابل بحب نابع من القلب.
فلا يمكنني إلا أن أنحني للنساء احتراما وتقديرا وإجلالا؛ لأنهن مكافحات في حياتهن، بعيدا عن القاعات المكيفة، هن أبطال بلا مجد وبلا عنوان، هن رأسمال مغربي لا ينتهي من أجل المستقبل.
في تعاونية سند، شهدت على نسوة حولتهن الحياة لبطلات حقيقيات، طردن الفقر بعيدا، وثمن منتوجات مجالية كانت لوقت قريب في فضاءهن الجغرافي، بخسة ولا تساوي أي شيء.
في المغرب، نسوة يكون نسيجا اقتصاديا اجتماعيا وتضامنيا، يمثل طريقا سريعا صوب مستقبل مغربي أكثر استقرارا اجتماعيا، وأكثر عدالة مجالية.
فتعاونية سند الملالية، وشبيهاتها عبر المغرب، صمام أمان جماعي ضد التهميش الاجتماعي، فرجاء ادعموا الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، واشتروا ما بدا لكم بثمن صغير، ولمن قيمته كبيرة جدا لهن هن النساء المغربيات المكافحات بدون ضجيج، وبكل شجاعة وفي صمت.