مجلة المحيط الفلاحي

من زاوية طالب… المقاولة والتنمية الفلاحية

عبد المجيب البوسعدني : أثارت الثقافة المقاولاتية منذ وقت قريب اهتمام كثير من الباحثين والمتتبعين، إذ أن العولمة والاقتصاد الحر أفسحا المجال بشكل كبير للمقاولة كي تصير المحرك الأول والأساسي لكل اقتصاد وتنمية.

في واقعنا الراهن التقدم الاقتصادي يعني الانفتاح على الاقتصاد العالمي، انفتاحا يوفر الشروط اللازمة لاستقطاب رؤوس الأموال الداخلية منها والخارجية،  انفتاحا يضمن مناخا صحيا لا يتوجس منه المستثمرون . إن القوة الاقتصادية تنبني على أساس التنافسية الحقيقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وهذه التنافسية تستلزم فلاحة وصناعة وخدمات وبنية تحتية في المستوى المطلوب، إذ أن التكامل في هذه القطاعات الحيوية نتاجه تقدم ورقي.

وفي إطار مغربنا الفلاحي تساهم المقاولة الفلاحية والشبه فلاحية بنسبة 20% من مجموع الناتج الداخلي الخام ويشغل القطاع الفلاحي أكثر من 40% من اليد العاملة الوطنية. إذن فالميدان الفلاحي هو الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه قاطرة التنمية.

في هذا الاتجاه قام المغرب بمجموعة من المشاريع التنموية توجت بمخطط المغرب الأخضر الذي جاء كبرنامج شمولي لتطوير الفلاحة المغربية التسويقية منها والتضامنية.

لكن السؤال المطروح الآن هو ما الدور الذي يمكن أن تلعبه المقاولة في التنمية الفلاحية ؟ وكيف؟

بداية،  لا يمكننا تشجيع وتعزيز الاستثمار بالمغرب دون توفير مناخ سليم للأعمال وعندما نتحدث عن المناخ الاقتصادي نتحدث عن تبسيط المساطر الإدارية والقانونية، عن استقلالية القضاء، وتوفير الدعم المباشر منه و غير المباشر؛ و في هذا السياق وجب التنويه بالقرار الحكومي الجريء  و المسؤول الذي قام بتطبيق قانون الأفضلية الوطنية  في إعطاء المناقصات بنسبة 20 % كمنهج للرفع من تنافسية المقاولة الوطنية تجاه الاحتكار الأجنبي و بالضبط الشركات متعددة الجنسيات.

في المقابل تقوم المقاولة بتشغيل اليد العاملة ذات الكفاءة العالية منها والعادية، وبخلق قيمة مضافة تنعش الاقتصاد وهذا هو بالفعل التثمين الحقيقي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية.

لكن مع كل هذه المزايا للمقاولة يبقى بعد وعامل مهم نسينا التطرق إليه إنه البعد الاجتماعي للعمل المقاولاتي : لقد تخطت المقاولة بصفة عامة مفهوم تضخيم الأرباح كمبدأ وحيد للتوجه المقاولاتي لقد أصبحت الآن تضع رؤية جديدة لها، تراعي فيها البعد الاجتماعي والبشري والبيئي.

إن العامل البشري في الاقتصاد هو أساس كل تقدم، بل إن تثمينه وإعطاءه قيمته هو مفتاح النجاح، وخير مثال على ذلك هو التفوق الباهر الذي حققه العلم في مجال المعلوميات. فالمقاولة يجب أن تكون مواطنة : تقوم بواجباتها وتأخذ حقوقها؛ وبهذا تحافظ على استمراريتها وتؤكد توسعها.

المغرب دولة في طور النمو، إذن فله حيز واسع من التنمية لتحقيقه في جميع القطاعات، والفلاحة مجال حيوي يبنى عليه أي اقتصاد قوي، والمقاولة جزء لا يتجزأ من المنظومة الاقتصادية. لهذا لزم على كل الفاعلين من حكومة وباحثين ومجتمع مدني تكثيف الجهود لتطوير هذا القطاع فهو الطريق الوحيد للرقي والخروج من الأزمة لكنه طويل وشاق..

بقلم : عبد المجيب البوسعدني السنة الرابعة, شعبة الاقتصاد  الزراعي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.