من المملكة السعودية..حوار صحفي مع الدكتور مصدق حول مشاركة المغرب في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر بالرياض
في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تواجه العالم، خاصة ما يتعلق بتدهور الأراضي والتصحر والجفاف، يبرز المغرب كأحد النماذج الرائدة في تبني استراتيجيات شمولية ومبتكرة لحماية موارده الطبيعية وضمان استدامتها. وقد جسدت مشاركة المغرب في مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، الذي احتضنته العاصمة السعودية الرياض، هذا الالتزام من خلال تقديم رؤية طموحة مبنية على أحدث التقنيات والممارسات البيئية.
في هذا الحوار، نلتقي بالدكتور رشيد مصدق، الباحث المتميز في المعهد الوطني للبحث الزراعي وإيكاردا ورئيس شراكة التربة العالمية لمنطقة الشرق الادنى وشمال افريقيا التابعة لمنظمة الاغذية والزراعة للامم المتحدة “الفاو” أحد المشاركين البارزين في هذا المؤتمر، لنستعرض معه أبرز محاور المشاركة المغربية، وجهودها الرامية إلى مواجهة التصحر والجفاف، ودورها في تعزيز التعاون الدولي لتحقيق التنمية المستدامة.
دكتور مصدق، مرحبا بك في مجلة “المحيط الفلاحي” شاركتم هذا الاسبوع في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) بعاصمة المملكة السعودية الرياض. كيف تُقيّمون أهمية هذا الحدث على المستوى الدولي…؟
شكرا الاستاذ عادل على هذه الاستضافة ، مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) هو حدث عالمي بالغ الأهمية، حيث يجمع بين الحكومات، الخبراء، وصناع القرار للتباحث حول تحديات التصحر والجفاف التي تهدد الأمن الغذائي واستدامة الموارد الطبيعية على كوكبنا. هذا المؤتمر لا يقتصر فقط على استعراض المشكلات، بل يركز على إيجاد حلول عملية ومستدامة من خلال تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات بين الدول. بالنسبة لنا في المغرب، كان هذا المؤتمر فرصة استثنائية لإبراز ريادتنا في مجال مكافحة التصحر واستدامة التربة، وهو أمر يعكس الالتزام الراسخ برؤية جلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، التي تسعى لتحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
ما الذي يميز مشاركة المغرب في هذا الحدث مقارنة بالدول الأخرى…؟
ما يميز مشاركتنا هو تقديمنا لنموذج عملي واستراتيجيات مبتكرة تضع المغرب في مقدمة الدول الساعية لحماية البيئة ومكافحة التصحر والحافظ على صحة التربة . الوفد المغربي جاء محملاً برؤية طموحة تتجسد في مبادرات وإستراتيجيات طموحة مثل “غابات المغرب 2020-2030″ و”الجيل الأخضر” . استعرضنا خلال المؤتمر حلولاً متطورة مثل الزراعة الحافظة والزراعة الحراجية التي تعزز التنوع البيولوجي وتحافظ على خصوبة التربة، إلى جانب أنظمة رصد الجفاف باستخدام التكنولوجيا الحديثة. هذا التوجه يعكس إدراكنا العميق للتحديات البيئية وحرصنا على تقديم حلول مبتكرة يمكن للدول الأخرى الاستفادة منها.
ما هي برأيكم أهم التحديات التي يفرضها التصحر والجفاف على المستوى الوطني والدولي…؟
التصحر والجفاف هما تحديان عالميان يهددان استدامة التربة والنظم البيئية، لا سيما في المناطق القاحلة وشبه القاحلة. في المغرب، نعاني من آثار تغير المناخ ونُدرة المياه، مما يزيد من الضغط على الأراضي الزراعية ويؤثر على سبل عيش السكان في المناطق القروية. هذه التحديات تؤدي إلى تدهور خصوبة التربة، انخفاض الإنتاجية الزراعية، على المستوى الدولي، هذه القضايا تتطلب استجابات جماعية وحلولاً تكاملية لتعزيز استدامة الموارد الطبيعية وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة.
كيف يساهم المغرب في إيجاد حلول عملية لهذه التحديات…؟
المغرب قدم خلال المؤتمر العديد من الحلول العملية القائمة على الابتكار العلمي. من بين هذه الحلول، تبني تقنيات الزراعة الحافظة التي تساهم في حماية التربة وزيادة إنتاجيتها، وتطوير أصناف نباتية مقاومة للجفاف، فضلاً عن تحسين نظم الري باستخدام التكنولوجيا الحديثة. كما أننا نعمل على مشروع نظم معلومات التربة بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) من خلال برنامج “Soil4Med”، الذي يوفر منصة رقمية لدعم القرارات المتعلقة بإدارة التربة والموارد الطبيعية.
و خلال المؤتمر قدمت مع زميلي الدكتور حميد ماحيو كذلك نتائج أبحاثنا حول مراقبة النظام الزراعية والرعوية في المغرب.
ماذا عن التعاون الدولي..؟ هل ترون أنه يسأهم في مواجهة هذه التحديات…؟
التعاون الدولي هو أساس مواجهة التحديات البيئية. المغرب يدرك أهمية تعزيز الشراكات جنوب-جنوب وشمال-جنوب لتبادل التجارب والمعارف. في مؤتمر “كوب 16″، دعونا إلى زيادة التمويل المناخي ودعم آليات الاعتماد على الكربون التي تساعد على تمويل المشاريع البيئية. المبادرات المشتركة مثل مشروع “Soil4Med” خير دليل على ما يمكن تحقيقه من خلال التعاون الدولي.
كيف تنظرون إلى مكانة المغرب كدولة رائدة في مجال مكافحة التصحر وحماية التربة…؟
المغرب ولله الحمد تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ، يتمتع بمكانة مرموقة على الصعيد الدولي بفضل جهوده الميدانية في مكافحة التصحر وإدارة الموارد الطبيعية. نحن لا نكتفي بالتنظير، بل نترجم التزامنا إلى أفعال وبرامج رائدة. مشاركتنا في “كوب 16” كانت رسالة واضحة بأن المغرب يسعى ليكون نموذجاً يحتذى به في التنمية المستدامة.
ما هي رسالتكم لقراء المجلة والمجتمع الدولي….؟
رسالتي واضحة: مكافحة التصحر وحماية البيئة ليست مسؤولية الحكومات فقط، بل هي مسؤولية مشتركة بين جميع أفراد المجتمع. المغرب يقدم مثالاً عملياً على ما يمكن تحقيقه من خلال الإرادة السياسية والرؤية الشمولية. أدعو الجميع إلى تعزيز الوعي البيئي والعمل بشكل جماعي لتحقيق مستقبل مستدام.
شكراً جزيلاً لك دكتور رشيد مصدق على هذا الحوار الشيق والمعلومات القيمة. نتمنى لكم المزيد من النجاح في مساعيكم لتحقيق الاستدامة الزراعية في المملكة المغربية …
شكراً لكم، أستاذ عادل، فالإعلام المتخصص يلعب دوراً حيوياً في نشر الوعي وتعزيز ثقافة الاستدامة. “مجلة المحيط الفلاحي” تعد منبراً رفيعاً يُعنى بقضايا الزراعة والتغيرات المناخية بصفة عامة ، ويُسلط الضوء عليها بمهنية واحترافية. أود أن أعرب عن تقديري لجهودكم المخلصة، وبالأخص لك، أستاذ عادل، إذ يظهر التزامك الحقيقي في تقديم محتوى ثري ومتميز. بفضل مجلتكم ، نتمكن من إيصال رسائلنا إلى جمهور واسع ، مما يساهم بشكل فعّال في بناء وعي جماعي حول أهمية الحفاظ على التربة وحماية البيئة. أتمنى لكم المزيد من التألق والنجاح في مسيرتكم الإعلامية.
#المحيط الفلاحي: أجرى الحوار عادل العربي