معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة يستضيف النسخة الرابعة من مدرسة التربة
في إطار التزامه المتواصل بتعزيز البحث والابتكار في المجال الزراعي،نظم بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة النسخة الرابعة من المدرسة الموضوعاتية حول التربة، التي عقدت تحت شعار “تربة حية، مناخ مرن: الابتكار من أجل زراعة مستدامة”. ومثل هذا الحدث العلمي البارز منصة فريدة جمعت نخبة من الخبراء الدوليين، والأساتذة الباحثين، والأكاديميين، وطلبة الدكتوراه، وصناع القرار، والمهندسين، والمتخصصين في القطاع الزراعي، لمناقشة التحديات الملحّة المرتبطة بتغير المناخ وتدهور التربة، مع التركيز على الحلول المبتكرة لتعزيز الاستدامة الزراعية.
التربة في صلب الأمن الغذائي…
يأتي تنظيم هذه النسخة في سياق تزايد الضغوط البيئية التي تهدد صحة التربة وخصوبتها، بفعل التغيرات المناخية والتمدّد العمراني المكثف، والاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية. وإدراكًا لأهمية التربة كركيزة أساسية لضمان الأمن الغذائي العالمي، سلط المشاركون الضوء على أحدث الممارسات والتقنيات الرامية إلى الحفاظ على جودة التربة وإدارتها بشكل مستدام.
وشهد الحدث مشاركة رفيعة المستوى لخبراء من كندا وفرنسا والمغرب، بالإضافة إلى ممثلين عن منظمات دولية بارزة مثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (إيكاردا) في شخص الباحث البارز الدكتور رشيد مصدق، والمعهد الفرنسي للبحوث من أجل التنمية (IRD). وتم تناول مواضيع محورية تشمل الزراعة التجديدية، وحفظ المياه والتربة، وعزل الكربون، والتقنيات الحديثة للإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
برنامج علمي ثري..
تضمنت هذه الدورة عروضًا علمية وندوات متخصصة، تتناول موضوعات مثل الميكروبيوم الجذري، والزراعة التجديدية، والتحديات العالمية المرتبطة بتدهور التربة. كما تم التركيز على أهمية دمج استراتيجيات حفظ التربة والمياه في السياسات الزراعية والمناخية، إلى جانب تنويع المحاصيل لتعزيز مرونة النظم الزراعية في المناطق الجافة.
وفي ختام أشغال اليوم، نظم ورشة عمل تفاعلية تهدف إلى تحديد أولويات البحث العلمي حول التربة في المغرب، مع تركيز خاص على إدارة الكربون واعتماد الحلول الزراعية الإيكولوجية.
زيارة ميداني لمحطة مرشوش …
من أبرز محطات هذه الدورة، نظمت زيارة ميدانية إلى المحطة التجريبية بمرشوش (INRA/ICARDA) ، حيث عاين المشاركين عن قرب الابتكارات الميدانية في إدارة التربة والمياه، تحت إشراف نخبة من الباحثين والخبراء من المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) ومعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة (IAV) والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA). وشكلت هذه الزيارة فرصة مثالية للربط بين المناقشات النظرية والتطبيقات العملية، بما يعزز فهم التحديات والحلول على أرض الواقع.
تعزيز التعاون العلمي من أجل زراعة مستدامة
لا تقتصر أهمية المدرسة الموضوعاتية حول التربة على الجوانب العلمية فحسب، بل تمتد أيضًا إلى تعزيز التعاون الدولي بين الشمال والجنوب، وبين دول الجنوب فيما بينها، بهدف تطوير حلول تتلاءم مع خصوصيات النظم البيئية المتوسطية. ومن خلال توفير مساحة للحوار وتبادل المعارف بين الباحثين وصناع القرار وأصحاب السياسات العامة، ستسهم هذه المبادرة في صياغة استراتيجيات أكثر استدامة لمواجهة التحديات المناخية التي تهدد مستقبل الزراعة.
نحو مستقبل زراعي أكثر استدامة
يمثل هذا الحدث العلمي محطة رئيسية ضمن الجهود الوطنية والدولية الرامية إلى تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز الزراعة المستدامة. ومع ازدياد التحديات البيئية، تبرز أهمية مثل هذه اللقاءات في ابتكار حلول فعالة لضمان أمن غذائي مستدام للأجيال القادمة.
تشكل المدرسة الموضوعاتية حول التربة في نسختها الرابعة فرصة استثنائية لتبادل المعارف والخبرات بين مختلف الفاعلين في مجال الزراعة، كما تعد خطوة مهمة نحو إرساء نموذج زراعي أكثر تكيفًا مع التغيرات المناخية، يحافظ على حيوية التربة واستدامة الإنتاج الزراعي.
#المحيط الفلاحي : عادل العربي