مدرسة “المثمر الحقلية”: خطوة رائدة نحو زراعة معقلنة ومستدامة في إقليم بركان
تحظى الزراعة الحديثة بأهمية متزايدة في تعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاستدامة البيئية، ويعد التسميد المعقلن أحد الركائز الأساسية لتحقيق هذه الغاية. ولأن دقة التسميد تعتمد بشكل كبير على جودة تحليل التربة، فإن هذه العملية العلمية تكتسب أهمية خاصة. وفي هذا الإطار، نظم طاقم “المثمر” مدرسة حقلية في جماعة اغبال بإقليم بركان، لتوجيه المزارعين نحو الأساليب العلمية والممارسات المدروسة التي تساعدهم في استغلال الأراضي الزراعية بكفاءة وفعالية أكبر.
تعتبر تحاليل التربة مفتاحًا لفهم تركيبتها وتحديد خصوبتها، فهي تتيح للمزارعين اكتشاف عناصرها الأساسية ومعرفة ما تحتاجه النباتات فعلاً، من عناصر مغذية ضرورية مثل النيتروجين، الفوسفور، والبوتاسيوم، وصولاً إلى تحديد مدى توازن التربة ومستوى الحموضة والرطوبة فيها. ومن خلال هذه المعرفة، يمكن للمزارعين اعتماد برامج تسميد دقيقة، تستجيب لاحتياجات النباتات المختلفة دون إفراط أو إسراف، مما يساهم في تحسين جودة المحصول وتقليل التكاليف والمحافظة على البيئة.
وقد تميزت المدرسة الحقلية التي نظمها طاقم “المثمرـOCP” بتقديم إرشادات عملية حول كيفية جمع عينات التربة بالشكل الأمثل. فعملية جمع العينات تمثل خطوة دقيقة تتطلب معرفة علمية تتعلق بأفضل المواقع لأخذ العينات، وطريقة جمعها وحفظها، وصولاً إلى نقلها للمختبرات المتخصصة، حيث تُخضع لتحاليل دقيقة تتيح تطوير توصيات زراعية تتوافق مع خصائص كل تربة ومحصول.
يسعى فريق “المثمر” من خلال هذه المبادرة إلى دعم المزارعين وتزويدهم بالمهارات اللازمة لتحليل التربة بأنفسهم، ما يساهم في تحسين ممارسات التسميد المعقلن، ويقلل من الاعتماد المفرط على الأسمدة الكيميائية. هذه الجهود تتماشى مع الرؤية الوطنية لتعزيز القطاع الزراعي ورفع كفاءته، بما يضمن إنتاجية عالية وجودة مرتفعة، ويساهم في تحسين دخل المزارعين ورفع مستوى معيشتهم.
كما أن لهذا النهج فوائد متعددة، فهو يساهم في تقليل التأثيرات البيئية الضارة ويحد من التلوث الناتج عن الاستخدام العشوائي للأسمدة. فالتسميد المعقلن لا يساهم فقط في تحقيق الإنتاجية المطلوبة، بل يعزز أيضًا التوازن البيئي من خلال تجنب تراكم المواد الكيميائية الضارة في التربة والمياه الجوفية.
ومن خلال هذه الجهود المبذولة، يساهم برنامج “المثمرـocp” وبدعم من جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في تقديم حلول علمية مبنية على بيانات دقيقة تمكن الفلاحين من الاستفادة المثلى من مواردهم الزراعية.
تمثل مدرسة المثمر الحقلية أكثر من مجرد تدريب، فهي بوابة نحو مستقبل زراعي أفضل قائم على المعرفة والعلم.
#المحيط الفلاحي: عادل العربي