ماذا بعد قرار الاتحاد الأوروبي بعدم تمديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب؟
المحيط الفلاحي :في الوقت الذي يصنع المغرب ثورته الهادئة محققا انتصار كبيرا للديمقراطية في أول انتخابات في فصل الربيع العربي ، وفي الوقت الذي عبر فيه المغاربة بقوة عن كونهم متحمسين للتغيير ومتعطشين لرؤية بلادهم تتحرك باتجاه الديمقراطية والعدالة والكرامة ومحاربة الفساد، دون المرور من تعداد الأموات وسيْل المظاهرات والمغامرة في البحث عن نظام جديد، وفي الوقت الذي فضل فيه المغاربة أن يصنعوا ثورة الصناديق الناعمة، يصفع الشريك الإستراتيجي ببرلمانه بالتصويت لعدم تمديد اتفاق الصيد البحري مع المغرب والذي لا تجد له إلا تفسيرا واحدا أننا فعلا فشلنا في إيجاد لوبي سواء من اليمين أو من اليسار يعضد شراكتنا مع القارة الأوروبية والتي يتحمل المغرب معها نسبة 37 % في التدهور العام للعجز التجاري المغربي وكل سنة من العلاقات تعني مزيدا من العجز.
هذا القرار يلزم التوقف عنده ومناقشة الموضوع على المستويات الثلاثة التالية:
أولا: على المستوى المنهجي وباعتبار المرحلة التأسيسية التي يدشنها المغرب، فالحكومة الجديدة مطالبة بتجاوز الضعف في استراتيجية الانفتاح الخارجي: فالمفروض إعادة التفكير في استراتيجية جديدة متوازنة بإعادة تموقع استراتيجي جديد يجمع بين الحفاظ على المكتسبات وتراكم الإيجابيات في الشراكة الأوروبية المغربية المؤطرة بالوضع المتقدم مع القارة العجوز وضرورة الانفتاح الاستراتيجي وفتح علاقات متميزة مع قوى جديدة تبرز كالصين والهند والبرازيل والمكسيك وتركيا وأندونيسيا، هكذا سيكون المغرب مستثمرا لموقعه الإستراتيجي ومتنافس حوله من لدن كل القوى التقليدية والصاعدة خصوصا وأن الدول التقليدية الحالية ستفقد تفوقها في المستقبل مع استمرار وعمق الأزمة الإقتصادية التي مست الولايات المتحدة الأمريكية وكبريات الدول الأوربية إلى اليابان (المديونية العالمية الحالية وأثرها على الاستقرار العالمي).
ثانيا: لم يعد من المقبول ونحن نؤسس لمغرب جديد أن نسمح لاستمرار ضعف المهنية وضعف الإستباقية التي طبعت ولمدة الديبلوماسية البرلمانية المغربية وعلاقات واتصالات البرلمان الخارجية، المفروض أن تصبح للبرلمان أجندة واضحة في هذه القضية تتجاوز الأسئلة الشفوية التقليدية والإستقبالات غير الموجهة لسياسة تخدم البلد وقضاياه المصيرية. الديبلوماسية البرلمانية بإمكانها أن تعطي قيمة إضافية بالإضافة الى الإتفاقات الإقتصادية التي نحن بصدد مناقشتها فهي تستطيع توضيح كذلك موقف المغرب وأطروحته لحل النزاع المفتعل بخطى مقصودة وأهداف واضحة وبتنسيق مؤسساتي مع وزارة الخارجية في الحرب المستترة ضد المغرب وضد وحدته الترابية وسيادته الوطنية بتوظيف جميع علاقاته العربية والأوربية المتوسطية والأمريكية ومع دول المغرب العربي والعالم العربي في فصله الربيعي. ولا مجال لأن ننتظر الضغوط والصفعات لنتحرك بردود الأفعال؟ فآن الأوان ليبحث البرلمان عن وسائل جديدة تكفل للدبلوماسية البرلمانية الاضطلاع بدور أكبر في خدمة قضايانا الإقتصادية وقضيتنا الوطنية ضد الأطراف الأجنبية التي لها مصلحة في تحريك الملف صوب المراحل المتجاوزة. ما حصل دليل بالملموس عن قصور كبير في وظيفة أساسية للبرلمان يجب تجاوزه في إستثمار العمل المؤسساتي .
ثالثا: تفعيل الدبلوماسية الموازية الذي يتطلب مقاربة شمولية واضحة الملامح تعتمد استراتيجية مضبوطة وجديدة تنبني على بعد عملي وآخر مؤسساتي يتأتى من خلالها تفعيل كل أوجه الدبلوماسية الموازية للأحزاب السياسية والبرلمان والجالية المغربية بالخارج والنقابات، تعتمد الوضوح فلا يقبل بعد التصريح بمقاربة تشاركية في رسم السياسة الخارجية ونستمر على عكس ذلك، المطلوب كذلك اليوم مأسسة الديبلوماسية بوزارة الخارجية والبرلمان والبعثات الدبلوماسية وباقي الوزارات كل حسب قطاعه خاصة بعد التوجيهات التي اوردها الخطاب الملكي أكثر من مرة والتي ركزت على تفعيل الديبلوماسية الموازية والبرلمانية ومن الضروري كذلك أن تكون مؤطرة ومقتحمة لمجالات التواصل والمعلومات أو ما بات يعرف، بالدبلوماسية الرقمية، مع الحفاظ على ثوابت بابتكار أساليب أكثر شجاعة وهجومية في تدبيرها. لا يعقل أن يمطر الخصم على العالم الرقمي بالمعلومات والأطروحات الخاطئة غير المؤسسة المستغلة لأسلوب الضحية مثيرة عطف المجتمع الدولي الحقوقي ويبقى تأثيرنا نحن في هذا المجال المحدد والموجه للسياسات محدودا و ضعيفا.
نزهة الوفي
برلمانية عن حزب العدالة والتنمية
عضو لجنة الخارجية والشؤون الإسلامية والدفاع الوطني بالبرلمان