مجلة المحيط الفلاحي

قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ.. محطة مفصلية لأخذ التهديدات المحدقة بكوكب الأرض على محمل الجد

 

تلتئم قمة الأمم المتحدة للعمل من أجل المناخ التي دعا أمين عام المنظمة الاممية انطونيو غوتيريش الى عقدها في 23 شتنبر الجاري بنيويورك ، في وقت ترسم فيه المؤشرات والبيانات العلمية المتواترة صورة قاتمة عن المخاطر المحدقة بالبشرية جراء المنحى المتفاقم لظاهرة التغير المناخي .

هذه الظاهرة التي باتت تهدد بتحويل دول جزرية الى أثر بعد عين وبنزوح الملايين من الناس جراء الظروف المناخية القاسية، وانتشار المجاعات والتوترات في مناطق تعاني أصلا من مختلف مظاهر الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية كما هو الحال بالنسبة للقارة الافريقية.

وتؤكد المعطيات العلمية الموثوقة التي صدحت بها العديد من تقارير الخبراء والهيئات الدولية التي تعنى بشؤون البيئة والمناخ على المستوى الكوني، أن الإنبعاثات الغازية العالمية التي تعد سببا رئيسيا في ظاهرة الاحترار العالمي بلغت معدلات قياسية ، كما أن السنوات الأربع الأخيرة كانت أكثر حرارة، فيما ارتفعت درجات الحرارة في فصل الشتاء في القطب الشمالي بـ 3°س منذ سنة 1990 وكذلك الأمر بالنسبة لمستويات البحر ، فضلا عن بروز التأثير الصحي لتغير المناخ من خلال تلوث الهواء، وموجات الحرارة، ومخاطر الأمن الغذائي.

وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن حالة الطوارئ المناخية تسببت في زيادة حادة في مستويات الجوع في العالم، محذرة من أن درجات الحرارة الأكثر ارتفاعا ستسهم على الأرجح في حدوث 250 ألف حالة وفاة إضافية كل سنة، في الفترة ما بين 2030 و 2050، بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد .

في ظل هذا الوضع المأزوم إذن، تنعقد قمة الأمم المتحدة من أجل المناخ والتي تعد بالنسبة للمنظمة الاممية محطة مفصلية لأخذ التهديدات التي تحيق بكوكب الارض على محمل الجد وتحلي القوى الفاعلة في المنتظم الدولي بالارادة السياسية اللازمة لاجتراح حلول عملية ومستدامة لوقف منحى التدهور والانخراط بجدية في تفعيل البدائل المتاحة قبل فوات الاوان.

وقد تعددت النداءات المتكررة التي يطلقها أمين عام الأمم المتحدة الذي مافتئ يحذر من عواقب تغير المناخ على حياة الناس وعرقلته للإقتصادات الوطنية، على الرغم من الاقرار بأن الحلول الممكنة والقابلة للتطوير متاحة الآن ومن شأنها تمكين الجميع من الانتقال إلى اقتصادات نظيفة وأكثر مناعة.

وتؤكد الامم المتحدة أن تحركا عاجلا من المجتمع الدولي ، سيمكن من خفض انبعاثات الكربون خلال 12 سنة وإيقاف الإرتفاع في المعدل العالمي لدرجة الحرارة إلى أقل بكثير عن 2°س وحتى إلى 1.5°س فوق المستويات قبل الصناعية.

وفي هذا الاطار، يوفر اتفاق باريس حول المناخ الذي صادقت عليه معظم بلدان المعمور إطارا لسياسة قابلة للتطبيق واستشرافية، تسطر بالضبط ما يجب فعله لإيقاف اختلالات المناخ وتوقيف تأثيره.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة كافة قادة العالم الى المجيئ الى نيويورك “محملين بخطط ملموسة وواقعية لتعزيز” إسهاماتهم المحددة وطنيا بحلول سنة 2020، تماشيا مع خفض انبعاث الغازات بـ 45 بالمائة في العقد القادم، وانعدام الإنبعاثات سنة 2050.

وأكد أنه توخيا للفعالية والمصداقية ، لا يمكن لهذه الخطط أن تعالج التخفيض لوحده “بل يجب أن تمهد الطريق نحو تحول كامل للإقتصادات تماشيا مع أهداف التنمية المستدامة، كما يتعين ألا تفرز رابحين أو خاسرين أو تعمق التفاوت الإقتصادي، وأن توفر في المقابل فرصا جديدة وتحمي أولئك المتأثرين بشكل سلبي، ضمن سياق مرحلة انتقالية عادلة”.

وشدد غوتيريش أيضا على ضرورة إدراج النساء كصناع قرار رئيسيين، مؤكدا أن اعتماد مقاربة النوع في عملية اتخاذ القرار هو وحده الكفيل بمعالجة مختلف الإحتياجات التي ستظهر في الفترة القادمة من هذا التحول الهام.

وسيعمل المشاركون في قمة الامم المتحدة للمناخ والذين يمثلون الحكومات والقطاع الخاص والسلطات المحلية والمنظمات العالمية ،على تطوير حلول طموحة في المجالات ذات الأولوية التي حددها الامين العام للأمم المتحدة في الجانب المالي المتعلق بتعبئة المصادر العمومية والخاصة للتمويل للمضي قدما في عملية إزالة الكربون من جميع القطاعات وتعزيز المناعة، و التحول الطاقي المتمثل في تسريع الانتقال من الطاقة الأحفورية الى الطاقة المتجددة، ثم التحول الصناعي من خلال التركيز على الصناعات كالوقود، والغاز، والفولاذ، والإسمنت، والمواد الكيميائية، وتكنولوجيا المعلومات.

كما تشمل مجالات العمل ذات الأولوية الحلول القائمة على خفض معدل الإنبعاثات، وتعزيز المناعة داخل وعبر الغابات، وفي الزراعة، والمحيطات، وأنظمة الغذاء بما في ذلك المحافظة على التنوع البيولوجي، وكذا تعزيز الخفض والمناعة على المستويين الحضري والمحلي، والمقاومة والتكيف من خلال تعزيز الجهود العالمية لمعالجة وتدبير آثار تغير المناخ ومخاطره، لا سيما في تلك المجتمعات والدول الأكثر ضعفا.

المحيط الفلاحي: رضوان البعقيلي و.م.ع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.