في يومها العالمي: المرأة القروية الفلاحة، ركيزة الزراعة المستدامة وعنوان الصمود والتغيير
في اليوم العالمي للمرأة القروية الذي يصادف الخامس عشر من أكتوبر ، نقف تقديرًا للنساء اللاتي يقدمن إسهامات عظيمة في المجال الفلاحي ، واللائي يلعبن دورًا رئيسيًا في الحفاظ على الأمن الغذائي وتعزيز التنمية المستدامة في المجتمعات القروية. النساء القرويات، وخاصة الفلاحات، لسن فقط عاملات في الحقول، بل هن حاملات المعرفة الزراعية التقليدية والحارسات على أساليب الزراعة المستدامة التي تُبقي النظم البيئية متوازنة وتضمن استمرارية الإنتاج في ظل التحديات المناخية والاقتصادية المتزايدة.
المرأة القروية بالخصوص الفلاحة ليست مجرد عنصر مساعد، بل هي المحرك الرئيسي للإنتاج الزراعي في العديد من المناطق القروية ، حيث تتحمل مسؤولية زراعة الأرض، رعاية المحاصيل، تربية المواشي، وتدبير الموارد الطبيعية. في إفريقيا، تشكل النساء ما يقرب من 60-80% من القوة العاملة الزراعية، ويعتمد عليهن الإنتاج الغذائي المحلي لضمان توفير لقمة العيش لمجتمعاتهن.
ومع ذلك، تواجه المرأة القروية الفلاحة تحديات كبرى. فبالرغم من دورها الحيوي، تظل النساء الأقل استفادة من الموارد الزراعية، سواء كان ذلك في امتلاك الأراضي أو الحصول على وسائل الإنتاج الحديثة والتقنيات الجديدة. الأوضاع المناخية المتغيرة تزيد من تعقيد مهامهن، حيث تُضطر النساء لمواجهة تدهور الأراضي وندرة المياه، ما يجعل عملهن أكثر صعوبة وحاجة إلى حلول مبتكرة لضمان استدامة الإنتاج.
في هذا اليوم، علينا أن نعترف بأن تمكين المرأة القروية الفلاحة يعد جزءاً لا يتجزأ من أي استراتيجية تهدف إلى تعزيز الفلاحة المستدامة. فإشراك النساء في برامج تكوين وتدريب تلائم احتياجاتهن الفلاحية، وتسهيل وصولهن إلى التقنيات الحديثة، سيعزز من إنتاجيتهن ويزيد من قدرتهن على التأقلم مع التغيرات المناخية. وبناءً على ذلك، يجب أن تركز السياسات الزراعية على تقديم دعم ملموس للنساء الفلاحات، بدءًا من تسهيل الوصول إلى الأراضي، مروراً بتوفير الأدوات الزراعية المبتكرة، وصولاً إلى ضمان مشاركة عادلة لهن في القرارات المتعلقة بالتنمية القروية .
إن دور المرأة القروية يتعدى الحقول، فهي أيضاً ركيزة أساسية في حفظ التنوع البيولوجي وتعزيز الزراعة المستدامة. بفضل معرفتها المحلية المتوارثة عبر الأجيال، تساهم في تبني أساليب زراعية تضمن الحفاظ على التربة، الاستخدام الفعّال للمياه، وتجنب الإفراط في استغلال الموارد الطبيعية. هذه المعرفة هي كنز لا يقدر بثمن، ويجب علينا أن نستفيد منها في مواجهة التحديات البيئية التي تهدد مستقبل الفلاحة.
حسب معطيات تحصلت عليها وأنا أكتب إفتتاحية اليوم ، فإن النساء يساهمن ب 93 بالمائة من الانشطة الفلاحية والشبه فلاحية. وذلك على مستوى سلسلة القيم برمتها من الانتاج والتثمين إلى غاية التسويق ، وتكون النساء حاضرات في مجمل الأنشطة الفلاحية وفي كل شعب الانتاج ، بحيت وصل معدل نشاطهن على المستوى الوطني إلى 74 بالمائة في الوسط القروي و34.1 بالمائة في الوسط الحضري.
وأوضحت المعطيات أن قوة العمل النسائية بالمغرب تمثل 40 بالمائة من اليد العاملة الدائمة والموسمية في القطاع الفلاحي. كما أن النساء يسيرن أزيد من سبعة بالمائة من الاستغلاليات الفلاحية بالمغرب.
وأوضحت المعطيات المتوفرة لحد الان يولي قطاع الفلاحة اهتماما خاصا للنساء من أجل تقليص الفوارق القائمة على النوع بحيث أضحت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات تتوفر على رؤية استراتيجية شاملة للإدماج الافقي لمقاربة النوع في مجموع برامج ومشاريع التنمية الفلاحية بالمغرب.
وتضيف المعطيات أن تنفيذ هذه الاستراتيجية يساهم في تقليص الفوارق خصوصا من خلال العمل على تحقيق الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية للنساء باعتباره من أهداف مخطط المغرب الأخضر والجيل الأخضر حاليا، حيث تم دمج النساء بشكل كبير في الوسط الفلاحي من خلال مشاريع موجهة للمنظمات النسائية الفلاحية والانخراط الكبير في عدد من التعاونيات التي تم إحداثها في إطار تفعيل المخطط في عدد من الشعب الفلاحية حيث توجد حاليا حوالي 1779تعاونية تضم ما يقرب من 32126 امرأة.
ختاماً، اليوم العالمي للمرأة القروية الفلاحة هو دعوة مفتوحة لنا جميعاً للعمل على تعزيز مكانة هذه الفئة الهامة في المجتمع، والاعتراف بدورها المحوري في ضمان الأمن الغذائي والتنمية المستدامة. إن دعم المرأة القروية الفلاحة هو استثمار في مستقبل البشرية، حيث أن النهوض بها يعني النهوض بمسارات التنمية الريفية وتحقيق التوازن البيئي. المرأة الفلاحة ليست مجرد عاملة في الحقول، بل هي القلب النابض للفلاحة المستدامة ومستقبل تنمية العالم القروي.
#العربي عادل