مجلة المحيط الفلاحي

مربو النحل يحذرون: تخفيض رسوم استيراد العسل يهدد القطاع

في خطوة أثارت استغراباً واسعاً واستنكاراً عميقاً، أدرجت الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 قراراً يقضي بتخفيض رسوم استيراد العسل من 40% إلى 2.5%. هذه الخطوة، التي تعني فعلياً شبه إعفاء جمركي للعسل المستورد، تواجه انتقادات حادة من النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل بالمغرب، والتي حذرت من تداعيات كارثية على قطاع النحالة الوطني.

تهديد مباشر للإنتاج المحلي…

يعد قطاع تربية النحل في المغرب ركيزة أساسية للمنظومة الفلاحية والتنمية القروية، إذ يعمل به أكثر من 36,000 نحال وفقاً لإحصائيات وزارة الفلاحة لعام 2019، ويساهم في توفير آلاف فرص العمل القارة والموسمية. إلا أن هذا القطاع تقول النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل “ما زال يعاني من آثار كارثة انهيار خلايا النحل التي ضربت البلاد خلال 2021 و2022، مخلفة خسائر تجاوزت 70% من خلايا النحل.”

ومع هذه المعاناة المستمرة، تضيف النقابة في بلاغ صحفي توصلت ،”المحيط الفلاحي” بنسخة منه يأتي القرار الحكومي ليزيد الوضع سوءاً، حيث يفتح الباب أمام تدفق كميات ضخمة من العسل المستورد، ما يخلق منافسة غير عادلة تهدد بإفلاس التعاونيات والشركات المحلية.

تناقض صادم مع السيادة الغذائية…

واضافت النقابة في بلاغها ان “القرار الحكومي يثير أيضاً علامات استفهام حول مدى انسجامه مع توجهات المملكة لتعزيز السيادة الغذائية ودعم الإنتاج الوطني. ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة عبر استراتيجيات كبرى كـ”الجيل الأخضر” إلى دعم القطاع الفلاحي، تتخذ الحكومة خطوات تضعف المنتج المحلي وتخدم مصالح ضيقة لا تتعدى 22 شركة مستوردة، وفق تصريحات الوزير المنتدب المكلف بالميزانية.”…

التاريخ يعيد نفسه…

وأكد النقابة ان “المفارقة أن مطالب حماية العسل الوطني ليست جديدة. ففي عام 1986، طالب المرحوم عبد الكبير الزمزامي، أحد أبرز رواد تربية النحل في المغرب، خلال ترؤسه الجمعية المغربية لمربي النحل، بوقف استيراد العسل الذي يمزج بالعسل المحلي، ما يؤثر سلباً على الجودة والسمعة. اليوم، وبعد مرور 38 عاماً، نجد أنفسنا أمام سيناريو أشد خطورة، حيث يصبح الخلط بين العسل المحلي والمستورد “مقنناً”، بل ويُدعم بتخفيض جمركي شبه كامل للعسل المستورد.”

أزمة مركبة تتطلب حلاً عاجلاً…

إلى جانب القرار الأخير، تعاني مهنة النحالة في المغرب من تحديات أخرى، أبرزها ارتفاع تكاليف الإنتاج، الأمراض التي تصيب النحل، والمنافسة غير الشريفة من العسل المغشوش. إضافة إلى ذلك، تثير المادة 10 من المرسوم رقم 2.17.463 الصادر في 2017، والتي تسمح بخلط العسل المحلي بالمستورد، مزيداً من الجدل حول الإجراءات التي تضاعف من أزمات القطاع بدلاً من حلها.

دعوة للإنقاذ…

إن تمرير قرار تخفيض رسوم استيراد العسل دون دراسة عميقة لتداعياته سيقود قطاع تربية النحل في المغرب نحو الانهيار. لذا، تطالب النقابة الوطنية لمحترفي تربية النحل الحكومة بمراجعة هذا القرار، واتخاذ تدابير تضمن حماية المنتج المحلي وتدعم استدامة القطاع، بما ينسجم مع التوجيهات الملكية لتعزيز الأمن الغذائي.

قطاع النحالة المغربي، الذي يعد إرثاً وطنياً ومجالاً حيوياً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا يمكن أن يتحمل مزيداً من الضربات. وبينما نتطلع إلى دعم حكومي حقيقي، يبقى الأمل معقوداً على وعي المسؤولين بأهمية هذا القطاع ومكانته في تحقيق الاكتفاء الذاتي والتنمية المستدامة.

#المحيط الفلاحي : متابعة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.