مجلة المحيط الفلاحي

زراعة البصل :الدورة الزراعية و موعد الغرس و الأصناف المستعملة في المغرب…

 

 النبات و أهمية المزروع في المغرب :

  ينتمي البصل إلى الفصيلة النرجيسية وهو نبات ذو حولين ، أي تزرع البذرة في السنة الأول فتنتج البصلة ثم تزرع البصلة في السنة الثانية فتنتج البذرة. وتعد البصلة نباتا كاملا من حيث تكوينها، إذ تحتوي على جذور و ساق صغيرة الحجم، قرصية الشكل، مندمجة عند قاعدة البصلة وتحمل ما بين عشر أوراق وخمس عشرة ورقة لحمية ، تحيط بها ورقتان إلى ثلاث أوراق خارجية، تحميها وتحفظها من إتلاف مخزونها ألماني . كما تحتوي البصلة على برعم طرفي للساق ينمو ليكون الحامل الزهري إبان الأزهار. وينحصر الموطن الأصلي للبصل في آسيا الجنوبية وشمال إيران. أما الجزء الذي يؤكل فهو البصلة الغنية بالمواد البرتينية والسكرية ذات الطاقة الكبيرة والفيتمنات وخاصة Thiamine))  B1 و(Riboflavine ) B2 و B3 (Niacine ) و(acide ascorbique ) C والألياف (Fibres ) والبكتين ( Pectine) والأملاح المعدنية و خاصة الآزط والكبريت الذي يدخل في تكوين الزيوت الطيارة، مثل (Allyl propyl disulfide ). ويحتوي البصل على مواد مضادة للميكروبات و مواد علاجية من أمراض مختلفة. ويأخذ البصل في المغرب الرتبة الثالثة بين المزروعات البستانية الموسمية من حيث المساحة المزروعة والإنتاج ، و ذلك بعد البطاطا ومجموع البطيخ والدلاح .

 الظروف البيئية و الترابية المناسبة :

  البصل من نباتات الطقس البارد الرطب، مقاوم للصقيع ولشدة البرد ، حتى درجة 10-/5- C°  بالنسبة للأوراق و المجموع الخضري و درجة C°15- بالنسبة للابصال ، كما يصبر البصل على شدة الحر، حتى درجة C° 30+ درجة الحرارة الهوائية المثلى للإنبات C° 23-27(وقد يبدأ الإنبات من درجة C° 2-3 ) وللنمو C° 20-24 (وقد يبدأ النمو من درجة C°8). ويجب أن تطول الفترة الضوئية في بداية حياة النباتات لكي تنمو نموا خضريا جيدا ويزداد التركيب الضوئي. ويتطلب تكوين البصلة ما بين 10 و 16 ساعة ضوئية في اليوم حسب الصنف المزروع. إذ يتميز كل صنف بفترة ضوئية حرجة، لا بد من اجتيازها للحصول على البصلة. وتزول فترة الراحة بالتبريد وذلك بدرجة حرارة C° 4-10 تطول 4-8 أسابيع. ولا يكون للبرودة أي تأثير على تكوين المزهرية وإنتاج البذور إلا إذا كان قطر البصلية خلال فترة البرودة يتعدى 20-25 ميلمتر . أما إذا كان هذا الحجم اقل من 17 ميلمتر فلا يتأثر بالبرودة ولا تتكون أية مزهرية ولا بذار . و كلما كانت الفترة الضوئية الحرجة للصنف المزروع طويلة و البرودة شديدة، إلا و زادت سرعة تكوين المزهريات وعلى العكس من ذلك، كلما نقصت تلك الفترة الضوئية و كان الجو دافئا، إلا و نقصت سرعة تكوين المزهريات. إما عن رطوبة الجو ، فإذا ارتفعت عن %75 أصيب البصل بأمراض مختلفة، أهمها الميلديو. أما التربة، فليس هناك متطلبات محددة منها، إلا انه لابد أن تكون جيدة الصرف و التهوية، قليلة التماسك، ذات PH 7,8-6,5 و منعدمة الأحجار و الحواجز التي تسبب رداءة الشكل للبصلات كما هو الشأن بالنسبة لدرنات البطاطس. ويصبر البصل على قلة الماء في التربة، إذ يكتفي الإنبات بكمية لا تزيد كثيرا على درجة الذبول.

 تكوين البصلات :

  يبدأ تكوين البصلات بعد تسعين يوما من زراعة البذور، و يتراوح عدد أوراق النبات بين أربع و سبع ورقات أنبوبية . و تحدث ظاهرتان هامتان أثناء تكوين البصلة و هما انتفاخ قواعد الأوراق و تكوين الحراشيف من أصولها المتكونة عند قمة الساق، كما يزداد محتوى الأكسين Auxines بالأوراق الخضراء تحث ظروف النهار الطويل. هذا و أن نمو البصلة عبارة عن انتفاخ الخلايا بقواعد الأوراق دون زيادة إعدادها. تختزن المواد الغذائية وتحميها أوراق خارجية رقيقة ومشمعة.

 الدورة الزراعية و موعد الغرس و الأصناف المستعملة في المغرب :

  تتبع دورة زراعية ثلاثية في زراعة البصل ويحبذ أن تكون الزراعة بعد المحاصيل التي تترك التربة نظيفة كالملفوف والبطاطس و الطماطم والفلفل وبعد محاصيل الحبوب والبقول والقرعيات. ويزرع البصل أما بالنذور لإنتاج البصل الصغير (المسمى بالقزح) أو بالقزح لإنتاج البصل العادي أو البصل الأم ، ويختلف موعد الزراعة حسب الغرض من الإنتاج .

  • تزرع بذور البصل في المغرب ابتداء من أواخر أكتوبر- نونبر في المناطق القارة من البلاد و في غشت – شتنبر في المناطق الساحلية، علما بان الزراعة المبكرة في المناطق القارة خلال غشت – شتنبر تؤدي إلى التكوين المبكر للبصيلات و إلى انتفاخها حتى تتعدى حجم 17 ميلمتر فيؤثر فيها عامل البرودة و تتكون المزهرية ثم البذار غير المرغوب فيها، و هذا ما لا يحبذه المزارع الذي يهدف إلى إنتاج البصل .
  • يغرس القزح خلال الأشهر ما بين أكتوبر و مارس ، وكلما كان الغرس مبكرا في المناطق الدافئة و التربة الخفيفة إلا و كان الإنتاج أفضل وتزامن مع فصل الربيع، حيث يكون الطلب كبيرا على البصل والثمن مرتفعا .
  • يغرس البصل الأم المنتج للبذور خلال الأشهر ما بين يناير و مارس، حيث تكون درجة الحرارة منخفضة، مما يزيد من عدد الشماريخ الزهرية الحاملة للبذور. أما إذا كان الغرس متأخرا ، فقد لا يتم التبريد وينتج المزارع بصلا ردينا عوض البذور . وكما ذكرنا ، يمكن إنتاج البذور من البذرة مباشرة في السنة واحدة إذا كان الزرع مبكرا في شهر غشت – شتنبر في الأماكن القارة الباردة

أما الأصناف المزروعة في المغرب فهي متعددة، منها حمراء أبوسطا Rouge Aposta و الدكالية و صفراء فلانسيا Jaune de Florence و غيرها . و لابد من حسن اختيار الصنف وذلك باجتناب استيراد الأصناف طويلة النهار التي تحتاج إلى 15-16 ساعة ضوئية في اليوم لتكوين البصيلات ، وهذه فترة ضوئية لا توجد في المغرب ، إذ لن ينتج عنها إلا الأوراق الخضراء عوض البصيلات التي يحتاج تكوينها إلى نهار أطول من 16 ساعة. فالمطلوب هو الصنف ذو النهار القصير ، إذ بمجرد أن يتعدى طول النهار فترته الحرجة تتكون البصيلة بسرعة وتنمو. هذا ولا يخفى على الفلاح إن البذور تفقد طاقتها الانباتية بسرعة إذا تعرضت إبان الخزن إلى الرطوبة ، فلا ننصح إلا باستعمال البذور المختارة المعلبة المحفوظة. و أما عن الزرع فيتم في المنبت في أحواض ذات تربة خصبة، نسبتها من الخث %10 ومن الرمل المستريح أي الذي لم يزرع على الأقل خلال سنة %30 . ويحبذ أن يتم الزرع في خطوط تبعد عن بعضها بثلاثين سنتيمتر ، كما يتسع المتر المربع لحوالي 200-250 نبتة، تنقل بعد ثلاثة أشهر إلى الحقل للغرس وذلك بعد سقي وافر يمكن من تسهيل نثر النبتات من الحوض . أما عن إبعاد المغروسات في الحقل فتتعلق بنوع التربة وهدف الزراعة ، فإذا كان الغرس بالشتلات بعد نثرها من المنبت لإنتاج البصل، فتتسع الخطوط بحوالي 60-70 سم و تترك 10-15 سم بين النبتتين في الخط. وإذا غرست الأقزاح لإنتاج البصل، أو البصل الأم لإنتاج البذور كانت المسافات أوسع، 70x 20 سنتيمتر .

 خدمة التربة وصيانة المزروع من سقي وتسميد :

  تخدم التربة قبل الغرس خدمة جيدة عميقة، لصرف المياه وإزالة الأحجار والعوائق التي قد تؤثر على انتفاخ البصل، ثم تسوى وتدوسها المدرجات حتى تصير حبيباتها من نفس حجم البذور. ويجلب سماد التقوية كالآتي : عشرة أطنان من الغبار العضري و 80 كلغ من الآزت و 70 كلغ من فسفاط و 150 كلغ البوطاس لكل هكتار . وهذه مقاييس تقديرية فقط ، إذا ننصح بتحليل التربة وحساب السماد بتدقيق أكثر . وبعد الغرس يحاول المزارع أن يجلب ماء السقي باستمرار بما يناهز        %80-100 من التبخر – النضج الأقصى، ويمكنه استعمال جفنة التبخر و عامل «1 » عند انتفاخ البصيلات و ما بين 0,5 و 0,8 خلال النمو الخضري. و إذا حصل جفاف أو تأخر في التساقطات المطرية ، لجأ المزارع إلى سقي واحد أو سقيتين خلال تكوين البصلات وانتفاخها. ويجلب المزارع كمية 400-600 ميلمتر من الماء خلال الموسم. ولا بد من خدمة التربة وخلخلتها مرتين أو ثلاثة في الفترة الخضرية لإزالة الأعشاب الضارة ولا تمس التربة ولا النبات خلال تكوين البصلات. بل في هذه الفترة ، ننصح بدفن قاعدة السوق، كما هو الشأن في البطاطا . ويتم الدفن في منتصف النمو الخضري وعند الانتفاخ الأول. وفي نفس الوقت تجلب الكميات الآتية من سماد التغطية : 120 كلغ من الآزت و 30 كلغ من الفسفاط لكل هكتار بين منتصف النمو الخضري وأخره و 200 كلغ من البوطاس لكل هكتار خلال فترة انتفاخ البصلات. وقد تجلب هذه المقادير مقسمة إلى ثلاث أو أربع دفعات ويحتاج البصل إلى الكثير من الكبريت الذي يطيل مدة خزنة ويحفظه من التعفنات. ولا يتضرر النبات جدا من ملوحة التربة إذا لم تتعد ثلاث درجات (ميلموس للسنتيم)، بل تزيد الملوحة المتوسطة من الجودة النكهية للبصلة كما هو الشأن لدرنة البطاطس .

 أهم الآفات الزراعية وسبل النجاة منها :

 أن أهم أفات زراعة البصل تشمل بالدرجة الأولى حشرة ثريبس Thrips والحشرة السلكية Mineuse و الدود الرمادي و الأبيض والنيماطود ومرض الميلديو و أمراض فزيولوجية أخرى كالتجويف البصلي و الذبول القممي. وننصح المزارع باستعمال الطرق الناجعة لمحاربة هذه الآفات كالدورة الزراعية والعلاج البيولوجي والمبيدات الفعالة الملائمة عند الحاجة .

 

 النضج و المردود و التخزين:

 يقطع ماء السقي على النبات شهرا قبل الجني لإعداد البصل للتخزين وذلك بتخفيفه و إنقاص الماء به. وعندما تصير البصيلات صلبة تخرج من الأرض بفرشات ولا تخزن إلا بعد شهر أو شهرين على عرضها للتشميس و التيبيس وبعد قلبها مرات متعددة ، ويجب إيقاف نمو المجموع الخضري أو إذباله باستعمال حامض الكبريت (مائة لتر في ألف لتر من الماء للهكتار) أو غيره من مضادات الأعشاب والإنبات. وننصح بعدم قطع الأوراق التي تستعمل لتعليق البصل إبان الخزن. ويختلف المردود من 15 إلى 40 طنا من البصل العادي للهكتار حسب الأصناف وظروف الإنتاج و موسم الزراعة و كفاءة المزارع . بالنسبة لبلادنا يتراوح معدل الإنتاج بين 20 و25 طنا للهكتار. أما عن ظروف الخزن، فيجب وضع البصيلات في مكان كثير التهوية ، نظيف، مطهر من الأعفان و البكتيريا، تحت حرارة  C°0 ورطوبة % 95 و هذا هو الأفضل ، أو تحت حرارة C°30 ورطوبة % 65-70 (يتناقص وزن البصل تحت هذه الظروف بفقدانه ماءه المتبخر) . أما إذا تم الخزن بين الحرارتين  C°0  و C°20 ، فلا تطول مدته و تنمو أوراق البصل المخزون ويفسد الخزن .

# المحيط القلاحي : أحمد سكيرج

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.