دينامية الموسم الفلاحي بجهة فاس-مكناس: حين تتحول الأمطار إلى بشائر، والوزارة إلى شريك ميداني..
لا يخفى على أحد أن الفلاحة تشكل ركيزة أساسية في النسيج الاقتصادي والاجتماعي لبلادنا، ومع كل موسم فلاحي، تُطرح العديد من التحديات، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي أصبحت سِمة العصر. وإذا كان الفلاح ينتظر كل قطرة مطر كما ينتظر الحصّاد يوم حصاده، فإن ما شهدته جهة فاس-مكناس خلال الأسابيع الأخيرة من تساقطات مطرية مهمة كباقي جهات المملكة أعاد الأمل وأحيا روح التفاؤل في نفوس الفلاحين ومربي الماشية على حد سواء بالجهة .
في هذا السياق، تبرز الزيارة الميدانية لوزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السيد أحمد البواري، إلى عمالة مكناس وأقاليم الحاجب وإفران، كخطوة عملية تعكس سياسة القرب التي نادى بها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ، التي تنتهجها وزارة الفلاحة ، وتؤكد أن المسؤولية لا تُمارَس من خلف المكاتب بل من قلب الحقول والمراعي.
لقد كان لهذه الزيارة دلالات عميقة، ليس فقط للاطلاع على وضعية الزراعات الحبوبية والبذور الزيتية والأشجار المثمرة التي أظهرت مؤشرات مبشرة، بل أيضا للتواصل المباشر مع الفلاحين ومربي الماشية والاستماع إلى انشغالاتهم ومواكبة دينامية الموسم الفلاحي عن كثب. فما تحقق على مستوى الجهة من تحسن في الحالة النباتية للزراعات، وتصنيف نسبة 40% منها في وضعية جيدة و49% في وضعية متوسطة، مؤشر لا يمكن فصله عن تظافر الجهود الرسمية والمجتمعية.
ومن اللافت أن زيارة السيد البواري شملت كذلك منطقة رعوية بإقليم إفران تمتد على مساحة 2000 هكتار، حيث شكل اللقاء مع مربي الأغنام والماعز مناسبة للوقوف على التحسن الملحوظ في الغطاء النباتي للمراعي، والذي يعتبر صمام أمان للأمن الغذائي لقطعان المنطقة. إن اهتمام الوزارة بالشق الرعوي لا يقل أهمية عن الاهتمام بالزراعات، خاصة أن إقليم إفران وحده يحتضن ما يفوق 218 ألف هكتار من المراعي التي تؤوي سلالات غنم محلية عريقة.
وفي خضم هذه الدينامية الإيجابية التي فرضتها نعمة الأمطار الأخيرة، لم يفته التأكيد على التزام مصالح الوزارة بمواصلة دعم الفلاحين ومربي الماشية، سواء من خلال مواكبتهم التقنـية، أو عبر الدفع قدماً بمشاريع تحديث أنظمة الري واعتماد الحلول المبتكرة لتحقيق فلاحة مستدامة ومرنة.
اليوم، ومع كل زيارة ميدانية مماثلة، يرسخ السيد الوزير نهجاً واضحاً قوامه القرب، التفاعل، والاستماع، ليؤكد أن السياسات الزراعية ليست مجرد مخططات على الورق، بل رؤية متكاملة تُنفذ من الميدان وتنبض بواقع الفلاح البسيط. والواقع أن ما تحتاجه فلاحتنا الوطنية، اليوم أكثر من أي وقت مضى، هو هذا النوع من القيادة الحاضرة ميدانياً، القادرة على الإنصات والتجاوب الفوري، والمتشبعة بإرادة تحديث القطاع على أسس الابتكار والاستدامة.
ولا يسعنا في ختام هذه الافتتاحية إلا أن نُثمن عالياً خطوة السيد الوزير أحمد البواري، الذي أكد من خلال زيارته الميدانية لجهة فاس-مكناس أن الفلاحة المغربية لها وزير ميداني إبن القطاع لا يكتفي بالتدبير الإداري، بل ينزل إلى قلب الحقول والمراعي، ويضع الفلاح ومربي الماشية في صلب اهتماماته. إنها مبادرة تُعبر عن رؤية واضحة، وإرادة حقيقية لقيادة القطاع نحو مزيد من الحداثة والاستدامة، وهو ما يستحق كل التقدير والتنويه.
#عادل العربي