خبراء يدعون إلى إجراءات عاجلة للحفاظ على التربة العالمية في ظل التغيرات المناخية
في ندوة نظمتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالتعاون مع الوكالة الوطنية لتنمية الواحات وشجر الأركان (ANDZOA) بأكادير، دعا خبراء في قضايا البيئة والتنوع البيولوجي يوم الاثنين إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للحفاظ على التربة العالمية. وأوصى المشاركون في اختتام الندوة بتحديد وتقييم التغيرات الطارئة على التربة نتيجة الأنشطة البشرية والطبيعية، وتأثير هذه التغيرات على الإنسان والبيئة، خصوصًا في ظل التغيرات المناخية الحالية.
وجاءت الندوة في إطار الدورة الـ36 للمجلس التنسيقي الدولي لبرنامج الإنسان والمحيط الحيوي، حيث أكد الخبراء على أهمية إعطاء الأولوية لمجالات التدخل لتحسين إعادة تأهيل التربة وضمان التنمية المستدامة، مع التركيز على المياه والتنوع البيولوجي وإدارة المناظر الطبيعية.
وأكد السيد صديقي، يوم الاثنين المنصرم خلال اختتام الندوة الدولية، في مداخلة له أن هذا الحدث يعزز التزام المغرب للحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز التنمية المستدامة وتحسين العلاقة بين الإنسان والبيئة الطبيعية.
وقال في هذا الصدد خلال الجلسة الختامية، التي حضرتها على الخصوص المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، إلى جانب مجموعة من الشخصيات والخبراء والباحثين الدوليين في هذا المجال، إن “اختيار المغرب لاحتضان هذا اللقاء يعكس اعتراف المجتمع الدولي بالدور الفاعل للمملكة في مجال المحيطات الحيوية، تحت القيادة المستنيرة لجلالة الملك.
وأبرز المسؤول الحكومي أن المملكة تضم حاليا أربع محميات للمحيط الحيوي معترف بها من قبل اليونسكو، لا سيما محمية المحيط الحيوي لأركان، ومحمية المحيط الحيوي للواحات في جنوب المغرب، ومحمية المحيط الحيوي القاري المتوسطي ومحمية المحيط الحيوي للأرز في الأطلس.
وأوضح أن “المغرب، منذ انضمامه إلى برنامج “ماب”، التزم التزاما كاملا بحماية نظمه الإيكولوجية التي تعتبر مختبرات حية لتطوير ممارسات مبتكرة لإدارة الموارد الطبيعية والتكيف مع تغير المناخ وتعزيز التربية البيئية”، مضيفا أن التسيير المستدام للموارد الطبيعية أصبح رافعة للتنمية الشاملة في مواجهة التحديات المناخية.
وقال بهذا الخصوص “لقد وضعنا سياسات فلاحية مستدامة تهدف إلى تحسين سلسلة القيمة الفلاحية بأكملها، مع ضمان الحفاظ على الموارد الطبيعية وتعزيز المرونة الفلاحية في المناطق القروية ومجتمعاتها في مواجهة التحديات المناخية”، مؤكدا على استراتيجيات “الجيل الأخضر 2020-2030″ و”غابات المغرب 2020-2030”.
كما شدد وزير الفلاحة على أن المغرب أحرز تقدما كبيرا في إدارة الموارد المائية وإعادة التشجير.
وقال السيد صديقي “لقد قمنا بمبادرات طموحة لاستعادة النظم الإيكولوجية المتدهورة من خلال برامج إعادة التشجير وإدارة أحواض المياه، وبالتالي المساعدة في مكافحة تآكل التربة والتصحر. وعملنا، بالشراكة مع مجموعة من الفاعلين، على دمج برامج مهيكلة مع مشاريع تهدف إلى حماية الموائل الطبيعية والحفاظ عليها”.
من جانبها قالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو، أودري أزولاي ، إن “التربة تضطلع بدور حاسم في الحفاظ على الحياة على الأرض. ومع ذلك فهي لا تزال مهملة أو تتعرض لسوء الإدارة في كثير من الأحيان”.
وفي هذا الصدد، أطلقت نداء للدول الـ 194 الأعضاء في المنظمة لكي تنهض بحماية التربة وبإعادة تأهيلها، مشيرة إلى أن منظمة اليونسكو تقوم أيضا بعدد من الإجراءات من أجل تعويض النقص في المعارف العلمية في هذا المجال.
من جهتها تمنت السيدة لطيفة يعقوبي ، التي تم إنتخابها رئيسية المجلس الدولي لتنسيق برنامج اليونسكو حول الإنسان والمحيط الحيوي خلفا للنيجيري أديبوجو أديشولا، الثقة التي تم وضعها في المغرب لرئاسة المجلس الدولي لتنسيق برنامج الإنسان والمحيط الحيوي، مؤكدة التزامها بالعمل مع باقي أعضاء وشركاء المجلس من أجل إنجاز مختلف المشاريع المندرجة في إطار هذا البرنامج.
وقالت في هذا الصدد “يشرفني تولي هذه المسؤولية، وأنا ملتزمة بشكل تام، وفقا للتوجيهات الملكية السامية، بتعزيز علاقات التعاون مع الدول الأعضاء، ومواصلة العمل على نفس المنوال بهدف النهوض بتنمية المجالات الحيوية، على طريق تحقيق أهداف التنمية المستدامة”.
الباحث المغربي البارز في المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) والخبير الزراعي الدولي ، الدكتور رشيد مصدق اوضح في عرضه بعنوان “صحة التربة في مواجهة التغير المناخي العالمي – التحديات والفرص”، أن هناك حلولًا متاحة لتعزيز صحة التربة، مشيرًا إلى ضرورة زيادة نسبة المادة العضوية، والحفاظ على المياه الجوفية، وتحسين التنوع البيولوجي. وأكد مصدق، الذي يعمل أيضًا باحثًا في المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ICARDA)، على أهمية الترويج لممارسات زراعية بيئية، خصوصًا بين الشباب، مستعرضًا برنامجًا طموحًا تم إطلاقه يهدف إلى تعزيز الزراعة الحافظة على مساحة مليون هكتار التي تدخل في اطار الجيل الأخضر ، بالإضافة إلى مشاريع مخصصة للمناطق الواحاتية لمواجهة التغير المناخي في المغرب.
كما تطرق إلى مبادرات المغرب في هذا المجال لصالح القارة الأفريقية، مثل مبادرة التكيف مع الزراعة الأفريقية (AAA) مع التغيرات المناخية، وخريطة خصوبة التربة التي أنشأتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بالتعاون مع مجموعة “OCP” والمعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA)، والتي تم مشاركتها مع حوالي عشرين دولة أفريقية في إطار التعاون جنوب-جنوب بدعم من جلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
من جانبها أكدت السيدة ليت فاسور، رئيسة كرسي اليونسكو لمرونة المجتمعات بجامعة بروك في كندا، أن حماية التربة تتطلب التوعية والتعليم وتعزيز البحث العلمي، مشددة على أهمية إشراك المجتمعات المحلية وزيادة وعيها بأهمية إدارة تربتها. وأضافت أن التحديات في أفريقيا كبيرة، بالنظر إلى انخفاض كميات الأمطار وتأثير ذلك على صحة التربة والغطاء النباتي.
وشددت هيلينا فريتاس، أستاذة التنوع البيولوجي والبيئة بجامعة كويمبرا في البرتغال، على أهمية الحفاظ على صحة التربة ومنع تدهورها لحماية النظم البيئية. ودعت إلى “مبادرة قوية” للحفاظ على التربة واستعادة حالتها، مؤكدة أن العالم بحاجة إلى التربة للحفاظ على نظم بيئية منتجة وحية، ولمنع فقدان المياه، خاصة في البلدان التي تواجه الجفاف.
وأوضحت السيدة ناتاليا رودريغيز أوجينيو، المسؤولة عن التربة والمياه في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، أن هناك وسائل مختلفة لحماية التربة، من بينها توعية المجتمع بأسره، من الأطفال إلى المزارعين وصانعي القرار السياسي، بأهمية التربة.
#المحيط الفلاحي: عادل العربي