تكوين مهندسين في تحلية مياه البحر :خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن المائي بالمغرب..
في إطار التوجيهات الملكية السامية والجهود المبذولة لتعزيز التدبير المستدام للموارد المائية في المغرب، أطلق معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة مسلكا جديدا يهدف إلى تكوين مهندسين متخصصين في تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة. هذا المسلك يعد خطوة استراتيجية تسعى إلى دعم الأمن المائي وتحقيق الاستدامة البيئية في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها المغرب من جراء ندرة الموارد المائية وتغير المناخ.
وقد تم الإعلان عن هذه المبادرة المهمة بمناسبة حفل الانطلاقة الرسمية للسنة الأكاديمية 2024-2025، بحضور وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السيد محمد صديقي ، في خطوة تجسد الالتزام القوي بتنفيذ التعليمات الملكية السامية التي جاءت في خطاب العرش. هذا الخطاب التاريخي قدم رؤية واضحة لمستقبل المغرب، حيث وضع التدبير المستدام للموارد المائية وتثمينها ضمن أولويات التنمية الوطنية.
يهدف هذا التكوين المتخصص إلى تزويد المهندسين المغاربة بالمعرفة والمهارات المتقدمة في مجال تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة، في وقت بات فيه الاعتماد على الموارد المائية التقليدية غير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة للبلاد. من خلال هذا المسلك الجديد، سيتم تعزيز الشعب الحالية في مجالات الهندسة القروية والآلات الزراعية، بما في ذلك تخصصات الطاقة والكهروميكانيكية، ليصبح الخريجون مؤهلين لتقديم حلول تقنية متطورة لتحديات شح المياه، خاصة في المناطق الساحلية التي تعتمد على تحلية مياه البحر.
يشمل البرنامج الأكاديمي للتكوين مجالات متعددة ومتخصصة، منها التهيئة الهيدروفلاحية والري والضخ كما أكد السيد صديقي في تصريح صحفي لمجلة “المحيط الفلاحي”، فضلاً عن معالجة وإعادة تدوير المياه. ويأتي هذا التكوين استجابةً للحاجة المتزايدة إلى كفاءات مؤهلة قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في مجال تحلية المياه واستخدام الطاقات المتجددة، مع مراعاة المعايير البيئية الصارمة التي تهدف إلى تقليل الأثر السلبي لهذه العمليات على البيئة.
إن إطلاق هذا المسلك الجديد يأتي في وقت حساس تمر فيه الموارد المائية في المغرب بمرحلة حرجة نتيجة التغيرات المناخية التي تسببت في تراجع مستويات التساقطات المطرية وزيادة الضغط على المصادر التقليدية. لذلك، يعد الابتكار في مجال تحلية المياه وتطوير استخدام الطاقات المتجددة واحداً من الحلول الواعدة لضمان استدامة المياه في المستقبل. ومن خلال هذا التكوين، يساهم معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة في إعداد جيل جديد من المهندسين المزودين بالمعرفة المتقدمة والقدرة على مواجهة التحديات المستقبلية، بما يضمن تعزيز الأمن المائي في المغرب.
إن هذه المبادرة ليست مجرد استجابة لحاجة آنية، بل تمثل جزءاً من رؤية استراتيجية بعيدة المدى تهدف إلى بناء منظومة متكاملة تستند إلى التكنولوجيا المتقدمة والمعرفة المتخصصة. كما أنها تأتي في سياق الجهود المبذولة لتعزيز البحث العلمي والتطوير في مجالات حيوية ترتبط بالزراعة والمياه والطاقة، بما يساهم في تعزيز مكانة المغرب كرائد إقليمي في مجال الابتكار البيئي والتكنولوجي.
في ختام هذه الافتتاحية، لا يسعنا إلا الإشادة بالجهود الكبيرة التي تبذلها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في مواجهة الأزمات المتزايدة المتعلقة بشح الموارد المائية. فبفضل رؤيتها الاستراتيجية والمبادرات الرائدة التي تقودها، تمضي المملكة بخطى ثابتة نحو تأمين مستقبل مائي مستدام، معتمدةً على التكنولوجيا المتقدمة والبحث العلمي. ولعل إطلاق هذا المسلك الهندسي المتخصص في تحلية مياه البحر باستخدام الطاقات المتجددة يعكس بوضوح إصرار الوزارة على إيجاد حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه القطاع، و تأتي هذه الجهود تجسيدًا للرؤية الملكية السامية التي تضع الحفاظ على الموارد الطبيعية في قلب أولويات المغرب التنموية.
#عادل العربي