تقطير الورد بتازة نشاط تراثي صامد في وجه التحولات
تعد عملية تقطير الزهر والورد من العادات التي تقاوم الزوال بمدينة تازة، حيث تعد جمعية دار السماع من الجمعيات التي تحاول الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والتراث اللامادي بإحيائه كل سنة كلما حل فصل الربيع.
وتعمل جمعية دار السماع على الاحتفاء بهذه العادة التي تعتبر من التقاليد التازية الضاربة في عمق التاريخ، بتنظيم مهرجان تازة لتقطير الزهر.
وأفاد حميد السليماني رئيس جمعية دار السماع بتازة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه “منذ سنة 2015، شهدت مدينة تازة ميلاد موسم ثقافي إشعاعي، يتلاءم وطبيعة المدينة، في إطار المساهمة في التنشيط السوسيو-ثقافي، وتثمين وتجويد الرأسمال اللامادي للمدينة.
ويضيف السليماني أنه لضمان تناقل هذا الموروث الثقافي عبر الأجيال، تم العمل على إنشاء تعاونية تعنى بتقطير الزهر والورد وباقي النباتات العطرية تحت اسم “تعاونية خناثة لتثمين وإنتاج وتسويق المنتجات العطرية والطبية” بما في ذلك ماء الزهر (زهرة النارنج) والورد.
وتعد استمرارية هذا التقليد رهانا تعمل عليه دار السماع، فعملية تقطير الزهر والورد شاقة وطويلة تشرف عليها الأمهات والجدات بمختلف البيوت بمدينة تازة كلما حل فصل الربيع، حيث أن هذه المادة مطلوبة بكثرة بالأوساط التازية وتستعمل كمعطر في جميع المناسبات كالأعياد والأفراح والمناسبات الدينية والأسرية إلى جانب كونها تستعمل في الطبخ المغربي وفي تحضير الحلويات، فضلا عن الاستخدامات العلاجية.
وتستعد مدينة تازة لاحتضان الدورة الخامسة من موسم تقطير الزهر، شهر ماي القادم، وهي الدورة التي يسعى المكتب المسير للجمعية من خلالها الى الربط بين الثقافة التازية من خلال عادات وتقاليد تقطير الزهر والثقافة الحسانية، كنوع من الاحتفاء بروافد ومكونات الثقافة المغربية.
وتتوارث التازيات عادة تقطير الورد والزهر جيلا بعد جيل وبطقوس وتقاليد مرعية، مع حلول فصل الربيع من كل سنة، حيث تكتسي أشجار النارنج لونا أبيضا بظهور نبتة الزهر عليها، فتفوح رائحتها بالمنازل والشوارع. تقول الحاجة خدوج بن جدي “إن عملية تقطير الزهر تبدأ بوضوء المرأة والصلاة للتيمن والبركة، والقيام بمجموعة من الاجراءات والترتيبات وطقوس تدبير خاصة كما بالنسبة لطهارة المكان ونظافته وتعطيره بعود القماري. وفي العرف أثناء عملية التقطير كثيرا ما تتواجد امرأتان تكمل إحداهما الأخرى وهما ترتديان زيا أصيلا ونظيفا. وتقضي الممارسة أيضا بوضع ستار حاجب لعملية التقطير”.
وتقول الحاجة خدوج، حول الفرق بين استعمالات ماء الزهر وماء الورد، أن (ماء الزهر) متعدد الاستعمالات فهو يوظف في الطبخ لإعداد بعض المأكولات والحلويات فضلا عن استعمالاته كمعطر بينما يستخدم ماء الورد لتخفيض حرارة الجسم، أو كمطهر للعيون، وأحيانا للتجميل.
وتبادر عدد من الجمعيات بمناسبة الإحتفال ب”ليلة القدر” إلى برمجة أنشطة تطوعية تستقبل فيها أطفال من أسر ضعيفة للإستفادة من حفلات الحناء المجانية، بالإضافة إلى تجهيز بعض الفضاءات الخاصة لإستقبال الأطفال لحفلات الحناء مقابل مبالغ مالية رمزية.
المحيط الفلاحي: و.م.ع