تسليط الضوء على الإجراءات متعددة الأبعاد التي اتخذها المغرب لمواجهة الإجهاد المائي
جرى اليوم الخميس بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالرباط، إبراز الإجراءات متعددة الأبعاد التي اتخذها المغرب لمواجهة الإجهاد المائي، بغرض الانكباب على توفير هذه المادة الحيوية في سياقات مطبوعة بشح التساقطات المطرية.
تم ذلك خلال لقاء دراسي خصص لموضوع الماء بعنوان: “نماذج وآليات التمويلات المبتكرة”، وشهد حضور فعاليات علمية وأكاديمية، وأخرى تنتمي لمؤسسات تمويلية.
وتوخى اللقاء المنظم بمبادرة من مكتب Consensus للعلاقات العامة، بحث سبل التعزيز الأمثل للشراكات بين القطاعين العام والخاص، بغرض تمويل المشاريع الموجهة لقطاع الماء، ولاسيما تلك التي تتصل بتحلية الماء، ومعالجة المياه المستعملة، وبناء المنشآت على غرار السدود، وكذا أنشطة التوعية والتحسيس بعدم تبذير هذه المادة الحيوية.
ونوه وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في كلمة بالمناسبة، بموضوع اللقاء الذي يتصل بالماء ومكانته ضمن أهداف التنمية المستدامة، والتمويل، ومختلف استعمالات الماء، والارتباط الوثيق بين الطاقة والتغذية ومختلف المنظومات، إضافة إلى ضرورة تطوير الموارد المائية التقليدية، وتثمين الموارد غير التقليدية، مستعرضا تجربة المغرب في مجال بلورة حلول ناجعة للصمود في مواجهة الإجهاد المائي.
وأكد السيد بركة، أن التوجهات الاستراتيجية المعتمدة، تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تروم ضمان استدامة التزود بالماء، مع استحضار السياق المناخي الجاف وشبه الجاف الذي يؤثر على مدى وفرة المياه سواء من حيث الزمان أو المكان، مما شكل على الدوام أولوية في السياسات العمومية.
وأبرز الوزير في هذا الصدد إنجاز البنيات التحتية المائية على غرار السدود الكبرى (153 سدا) والصغرى (141 سدا)، مشيرا إلى إنجاز 17 نظاما لنقل الماء من قبيل الربط المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق على طول 67 كلم، و”الذي أنجز من قبل كفاءات مغربية وبتمويل مغربي”، فضلا عن 15 محطة لتحلية مياه البحر، و158 محطة لمعالجة المياه المستعملة.
كما تطرق إلى أهمية تلازم البحث والتنمية في قطاع الماء، وهو ما من شأنه أن يفضي إلى حلول تقنية-مالية، وأخرى من أجل تحقيق التنمية المستدامة، من أجل بلوغ الصمود الأمثل في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، داعيا الطلبة في مختلف الشعب ذات الصلة بالماء إلى “تطوير أبحاثهم ومشاريعهم من خلال الاستثمار أكثر في حلول مندمجة ومبتكرة تتكيف مع خصوصية بلادنا، وتبادل الممارسات الجيدة وأفضل المشاريع التي تعنى بموضوع الماء”.
من جهتها، أكدت رئيسة مجلس جهة كلميم-واد نون، امباركة بوعيدة، أن المغرب اعتمد مقاربة إرادية في ما يتصل بسياسة تدبير الماء عبر مراجعة قانون الماء، واعتماد رؤية استراتيجية بهذا الشأن، وتعزيز البنيات التحتية المائية، وتفعيل البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي (2020-2027)، إضافة إلى إحداث هيئات للحكامة والتدبير، مبرزة أن مختلف هذه التدابير تتوخى المحافظة على الموارد المائية، وإعادة توزيعها بشكل منصف، مع النهوض بجودتها.
وأوضحت السيدة بوعيدة التي ترأس جمعية جهات المغرب، في كلمة خلال اللقاء، أن الجهة تضطلع بحكم خصوصياتها الذاتية بـ”بلورة استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة والماء”، داعية إلى ضمان التمويل المشترك للمشاريع الموجهة للماء، وخاصة عبر الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وخلصت إلى أن تمويل المشاريع المائية يعتبر شأنا يخص كافة الفاعلين والمتدخلين، بالنظر لأدوارها المشهودة في تحقيق تطور المجتمع، داعية إلى وضع “الهندسة المالية” في خدمة مختلف هذه المشاريع.
من جهته، قال مدير المعهد الدولي لبحوث المياه التابع لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، عز الدين الميداوي، إن المغرب بلور تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، سياسة مندمجة تعمل على الانفتاح على الموارد المائية غير التقليدية، من قبيل تحلية المياه، ومعالجة المياه المستعملة، والمخلفات السائلة الصناعية، وإعادة استعمالها.
وسلط السيد الميداوي الضوء على البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي يرتكز بشكل خاص على تنمية الموارد المائية، وتوفير مياه الشرب، وتدبير الطلب والاستثمار في مجال الابتكار العلمي والتقني، داعيا إلى تعزيز الشراكة بين مختلف المتدخلين لبحث السبل الكفيلة بتوفير الماء وضمان استدامته.
ويبحث اللقاء جملة من المحاور تتعلق أساسا بـ”مكانة الماء ضمن أهداف التنمية المستدامة”، و”المخططات المالية والآليات التي يتعين تطويرها أو إرساؤها من أجل سد النقص المسجل في تمويل البنيات التحتية المائية”، و”الرافعات اللازمة لتحقيق الانتقال في مجال النجاعة المائية”، إضافة إلى “التحديات التقنية والاقتصادية للتحلية”، و “فرص وتحديات التكوين المالي المعتمد في قطاع الماء”.