المملكة المغربية تسعى الى تطوير وتنفيذ أنظمة فلاحية مستدامة..
مع تفاقم تداعيات التغير المناخي خلال السنوات الأخيرة، أضحى الابتكار أكثر من أي وقت مضى الكلمة المفتاح في المنظومة الفلاحية المغربية ليصبح بإمكانها تطوير وتنفيذ أنظمة إنتاج مستدامة ومرنة قادرة على التكيف مع السياق الراهن الذي يتسم، على الخصوص، بالإجهاد المائي.
ويقود هذا الضغط المتزايد على المياه الفلاحين إلى استكشاف تقنيات جديدة، على غرار الري الناجع، واختيار المحاصيل التي تتحمل الجفاف، واللجوء إلى التكنولوجيات الفلاحية المتقدمة، حيث لا يمكن، في مواجهة هذه التحديات، إنكار أن الابتكار يمثل الفرصة الأمثل لتحويل القطاع الفلاحي وضمان الأمن الغذائي للمملكة.
ومن هذا المنطلق، ستتمحور الدورة الـ 16 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب حول موضوع “المناخ والفلاحة: من أجل نظم إنتاج مستدامة وقادرة على الصمود”، إذ يعكس هذا الاختيار الرغبة في إبراز الأهمية الحاسمة التي يكتسيها تكييف الفلاحة مع تحديات المناخ الحالية والمستقبلية.
ويوفر ملتقى هذه السنة منصة أساسية للتبادل وتقديم حلول مبتكرة لتشجيع التعاون بين الفاعلين في القطاع الفلاحي، من أجل تعزيز الممارسات الفلاحية المستدامة والمرنة التي تستجيب بفعالية لتداعيات التغيرات المناخية، مع ضمان الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية.
وتأتي هذه الدورة بعد سنوات عاش فيها المغرب فترات من الجفاف، مما أثر بشكل مباشر على احتياطيات المياه المخصصة للري، إذ أن المياه الجوفية آخذة في التراجع، وأصبحت التساقطات المطرية أقل تواترا، مما يهدد بعض المحاصيل.
إن استخدام تقنيات الري الناجعة مثل الري بالتنقيط، والتدبير المندمج للماء عن طريق إعادة تأهيل البنيات التحتية المتاحة، واستكشاف مصادر بديلة للمياه، على غرار مياه الأمطار المجمعة، تعد من الطرق التي من شأنها تمكين الفلاحين المغاربة من تعزيز قدرتهم على الصمود والحفاظ على استدامة إنتاجهم الفلاحي.
وعلاوة على ذلك، يتم بذل جهود ملحوظة من أجل تطوير البنيات التحتية اللازمة، مثل مرافق تحلية مياه البحر واستغلال الطاقات المتجددة، وكلها مشاريع هيكلية تروم تأمين التزويد بالماء وتقليل الاعتماد على الموارد المائية المعرضة للتقلبات المناخية.
كما يتم إيلاء اهتمام خاص بزراعة الأصناف المقاومة للجفاف، مع تبني ممارسات تروم صون التربة للاحتفاظ بالرطوبة، وكذا تنفيذ خطط لتدبير المخاطر الفلاحية، مما يمكن من التخفيف من الآثار السلبية للظروف المناخية التي لا يمكن استباقها على المحاصيل والبنية التحتية الفلاحية.
ويعتزم منظمو الملتقى، بالإضافة إلى مناقشة العلاقة بين الفلاحة والمناخ، إحداث قطب “الطبيعة والبيئة” الذي يركز على التحديات البيئية المطروحة في الوقت الراهن.
وتماشيا مع تحديات الفلاحة المغربية والفرص التي تتيحها، ينصب اهتمام هذا القطب بشكل أساسي على أنشطة الوكالة الوطنية للمياه والغابات، وبحث مواضيع تهم، على الخصوص، البيئة والطاقات المتجددة والتنمية المستدامة.
كما يلقي الموضوع، الذي وقع عليه الاختيار لنسخة الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب لهذه السنة، الضوء على فرص التكيف الممكنة في عدد من المجالات الجوهرية، لاسيما أن الأمر يتعلق بتحسين أنظمة الري، مثل اعتماد تقنيات الري بالتنقيط وتحديث البنيات التحتية للماء، وذلك بغية ترشيد استخدام المياه.
ويهم الأمر أيضا مناقشة المجالات الفلاحية التي من شأنها مواجهة التغيرات المناخية، من حيث تنويع المحاصيل واستخدام أصناف تتحمل الجفاف وتساهم في تعزيز مرونة النظم الفلاحية، فضلا عن إدراج التقنيات المتقدمة على غرار الاستشعار عن بعد والطائرات الفلاحية بدون طيار من أجل التوفر على إدارة دقيقة للأراضي المخصصة للفلاحة، مما يسمح بزيادة الإنتاجية والتخفيف من المخاطر المتصلة بالمناخ، وكذا التطرق إلى التمويل والاستثمار المستمر في البحث الزراعي لكونه من العوامل الرئيسية في بلورة حلول ملائمة ومرنة ومستدامة.