المغرب يقود الطريق: جهود مستدامة لدعم الزراعة الحافظة في إفريقيا..
في عالم يواجه تحديات بيئية غير مسبوقة، تتزايد الحاجة إلى تكثيف الجهود وتضافرها لتحقيق الزراعة المستدامة. في هذا السياق، اجتمع نخبة من الخبراء والباحثين الزراعيين في المؤتمر الدولي التاسع حول الزراعة الحافظة، المنعقد في جنوب إفريقيا، لتبادل الأفكار والخبرات حول كيفية تعزيز الزراعة الحافظة والمكننة الزراعية المستدامة.
لقد شهد المؤتمر مشاركة قوية وملهمة من المغرب، ممثلة في الدكتور رشيد مصدق، الخبير الزراعي الدولي والباحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالمغرب وإيكاردا. في كلمته، أبرز الدكتور مصدق نجاح التجربة المغربية في الزراعة الحافظة، التي تعد جزءًا أساسيًا من إستراتيجية “الجيل الأخضر”. هذه الإستراتيجية ليست مجرد رؤية طموحة، بل هي تجسيد لالتزام المملكة المغربية بتحقيق الزراعة المستدامة، مع هدف ورؤية طموحة بتنفيذ الزراعة المحافظة على مساحة تقدر بمليون هكتار بحلول عام 2030.
تجربة المغرب الرائدة في الزراعة الحافظة تقدم نموذجًا يُحتذى به للدول الإفريقية الأخرى. فالنجاح الذي حققه المغرب في هذا المجال لم يكن وليد الصدفة، بل نتاج لسنوات من البحث والتطوير والتعاون المثمر بين المؤسسات العامة والخاصة. إن الشراكة المثمرة بين المعهد الوطني للبحث الزراعي، والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، والجمعية المغربية للزراعة الحافظة، وبرنامج “المثمر”..، بالإضافة إلى عدد من الشركاء الوطنيين والدوليين، تشكل أساسًا قويًا لدعم وتنفيذ ممارسات الزراعة الحافظة.
إن أهمية تكييف ممارسات الزراعة الحافظة مع الظروف المحلية، بما في ذلك أنواع التربة والتغيرات المناخية وأنظمة المحاصيل، كانت محورًا رئيسيًا في مداخلة الدكتور مصدق. هذا التكييف هو ما يضمن التنفيذ العملي والفعال لهذه الممارسات، مما يعزز الإنتاجية الزراعية ويحسن خصوبة التربة. بالإضافة إلى ذلك، الفوائد البيئية لهذه الممارسات لا يمكن تجاهلها، حيث تساهم في الحد من تآكل التربة، وزيادة عزل الكربون، وتحسين إدارة المياه.
لقد كانت الجلسات الأولى من المؤتمر فرصة لتقديم “نداء الرباط” السنة الماضية على هامش المؤتمر الافريقي الثالث حول الزراعة الحافظة .
الذي شدد على ضرورة استفادة الدول الإفريقية من التجربة المغربية في مجال الزراعة الحافظة. هذا النداء ليس مجرد دعوة، بل هو خارطة طريق نحو تحقيق الزراعة المستدامة في إفريقيا، بهدف الحد من تأثير التغيرات المناخية، وتحسين مستوى معيشة الفلاح الإفريقي، وتعزيز الأمن الغذائي في القارة.
إن التحديات التي تواجه الزراعة في إفريقيا تتطلب جهودًا جماعية وتعاونًا دوليًا قويًا. والتجربة المغربية تقدم نموذجًا رائدًا يمكن أن يُستلهم منه لتحقيق التنمية المستدامة والزراعة الذكية في مختلف أنحاء القارة.
علينا أن نتبنى هذه الممارسات ونعمل على نشرها على نطاق أوسع، لتحقيق مستقبل زراعي مستدام يلبي احتياجات الأجيال القادمة ويحافظ على بيئتنا الطبيعية.
في الختام، لا يمكننا إلا أن نثني على الجهود الكبيرة التي يبذلها المغرب في مجال الزراعة الحافظة، ونتطلع إلى مزيد من التعاون والشراكة لتعزيز هذه الممارسات في جميع أنحاء إفريقيا. إن مستقبل الزراعة المستدامة يعتمد على تكاتف جهودنا وتبادل معرفتنا وخبراتنا لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
#عادل العربي