المغرب يعزز ريادته في حفظ التنوع البيولوجي البحري: رؤية استراتيجية للتعاون الإفريقي والدولي”
تؤكد المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، التزامها الراسخ تجاه قضايا البيئة والتنمية المستدامة، مجددة موقعها كفاعل رئيسي على الساحة الدولية في حماية الموارد البحرية وتعزيز الاقتصاد الأزرق المستدام. هذا الالتزام تجلى بوضوح في الورشة الإقليمية حول اتفاقية قانون البحار والقانون البيئي الدولي الجديد “BBNJ”، التي إنعقدت بالرباط، و شكلت فرصة لمناقشة أبرز رهانات حفظ التنوع البيولوجي البحري في أعالي البحار خارج حدود الولايات الوطنية.
إن مشاركة المغرب في بلورة رؤية إفريقية موحدة حول هذه الاتفاقية، ودوره الفعال في تعزيز حكامة المحيطات، يعكسان مدى انخراطه المسؤول في القضايا البيئية الكبرى التي تواجه العالم. لقد حرصت كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، السيدة زكية الدريوش، على تسليط الضوء على الأبعاد الحيوية للاتفاقية، وفي مقدمتها إنشاء محميات بحرية، والتوزيع العادل للموارد البحرية، ووضع آليات لتقييم الآثار البيئية، مما يُبرز أهمية التعاون الإفريقي والدولي لضمان الاستغلال المستدام للمحيطات.
في هذا السياق، أبرزت السيدة الدريوش أهمية المبادرة الملكية الأطلسية كخطوة رائدة لتعزيز ولوج دول الساحل الإفريقي إلى المحيط الأطلسي، بما يعكس رؤية ملكية استراتيجية تقوم على التضامن والتنمية الشاملة. فالمحيط، كفضاء استراتيجي وبيئي، يحمل إمكانات هائلة ينبغي استثمارها بحكمة وبمسؤولية، من خلال العمل على تعزيز الحوكمة المستدامة للموارد البحرية بما يخدم الأجيال الحاضرة والقادمة.
إن انعقاد هذه الورشة بحضور ممثلي 30 دولة إفريقية، إضافة إلى خبراء ومنظمات دولية وإقليمية، يعكس حجم الالتزام الدولي بالتعاون والتضامن لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية التي تفرضها التغيرات المتسارعة على مستوى المحيطات. كما يُظهر الدور الريادي للمغرب كمنسق للمجموعة الإفريقية لتعزيز القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية، وهو دور يستحق الإشادة لما له من أثر في تمكين الدول الإفريقية من التفاعل بفعالية مع هذه الاتفاقية التاريخية.
وبينما يلتزم الاتحاد الأوروبي بدعم جهود الدول النامية في الحفاظ على أعالي البحار، ويعزز التعاون عبر برامجه ، تبقى الحاجة مُلحة لتعبئة جماعية دولية لضمان دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وتنفيذها بشكل فعال. فالتنوع البيولوجي البحري يمثل ثروة طبيعية هائلة، لكن استدامتها رهن بتنسيق الجهود وتكثيف التعاون العابر للحدود.
إن المغرب، باستضافته لهذه الورشة الإقليمية، يثبت مرة أخرى ريادته في تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية من جهة، وبينها وبين المجتمع الدولي من جهة أخرى. فالحفاظ على المحيطات والتنوع البيولوجي البحري هو مسؤولية مشتركة، تتطلب التزاماً سياسياً، وإرادة حقيقية، وجهوداً مستمرة لضمان التوازن البيئي والاقتصادي لعالمنا المتغير.
إن هذه الورشة تمثل لحظة حاسمة لتحديد أولويات الدول الإفريقية، ورصد احتياجاتها المؤسسية والقانونية لضمان تنفيذ الاتفاقية بفعالية، لتظل المحيطات ركيزة أساسية لمستقبل مستدام، واقتصاد أزرق طموح يخدم الإنسان والبيئة على حد سواء.
وهنا لايسعنا الا الإشادة بالجهود الكبيرة التي تبذلها السيدة زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري ، والتي تواصل العمل الدؤوب من أجل تعزيز مكانة المغرب كرائد إقليمي ودولي في مجال حماية الموارد البحرية وتفعيل الاقتصاد الأزرق المستدام. إن التزامها الواضح وإسهاماتها القيمة في هذا المجال يعكسان حرص المغرب على الوفاء بتعهداته البيئية ومواكبة التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، بما يعزز رؤيته المستقبلية لحماية ثرواتنا البحرية وتنميتها بشكل مستدام.
#عادل العربي