مجلة المحيط الفلاحي

المغرب يُحقق إنجازًا عالميًا بحصوله على المركز الثامن في مؤشر الأداء المناخي لعام 2025

في مشهد عالمي يعكس الجهود المكثفة لمواجهة تحديات التغير المناخي، يبرز المغرب مرة أخرى كواحد من أبرز الدول الرائدة في هذا المجال، محافظًا على حضوره القوي في طليعة الدول الساعية لتحقيق الحياد الكربوني. وقد جاء إعلان تقدمه إلى المركز الثامن عالميًا في تصنيف مؤشر الأداء المناخي لعام 2025، ضمن فعاليات الدورة الـ 29 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 29) المنعقد في باكو، أذربيجان، ليؤكد مكانته الاستثنائية في الساحة الدولية.

هذا التقدم اللافت لم يكن وليد الصدفة، بل هو ثمرة استراتيجية متكاملة اعتمدها المغرب لعقود، مرتكزة على رؤية استشرافية تنبني على التنمية المستدامة وتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ويأتي هذا الإنجاز ليعزز موقع المملكة كأول دولة على مستوى القارة الإفريقية والعالم العربي في هذا التصنيف، متقدمة على دول كبرى لطالما اشتهرت بريادتها في المجال البيئي مثل ألمانيا والنرويج والسويد.

إن تحقيق المغرب لهذه المرتبة المتقدمة يعكس الجهود الوطنية المبذولة في جميع القطاعات، بدءًا من تطوير مشاريع الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية والريحية، وصولاً إلى السياسات البيئية التي تستهدف تقليص استهلاك الطاقة وتعزيز كفاءة استخدامها. ويعتبر هذا التوجه جزءًا من رؤية المغرب الطموحة لتحقيق نسبة 52% من الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة الوطني بحلول عام 2030، وهي خطوة جريئة تعكس التزامًا حقيقيًا بتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتعزيز التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

وقد أشاد خبراء مؤشر الأداء المناخي في تقريرهم بهذا الالتزام، مشيرين إلى أن المغرب أصبح نموذجًا ملهمًا يحتذى به على الصعيدين الإقليمي والدولي. فمشاريع مثل محطة نور للطاقة الشمسية، التي تعد من بين الأكبر عالميًا، ومزارع الرياح الموزعة في أنحاء المملكة، لا تعكس فقط الطموح المغربي، بل تبرز أيضًا الإمكانات الهائلة التي يمكن أن تحققها الدول النامية إذا ما تم استثمار الموارد الطبيعية بحكمة وبتوجه استراتيجي مدروس.

ولعل هذا الإنجاز يضع المغرب أمام مسؤولية إضافية، حيث يشكل دوره الإقليمي والدولي عاملًا أساسيًا في تعزيز التعاون بين دول الجنوب، ودفعها لاعتماد نماذج مستدامة في مواجهة التحديات المناخية. فالمغرب لا يقتصر دوره على تطوير سياساته الداخلية، بل يساهم بشكل فعال في نقل الخبرات والمعرفة إلى الدول الإفريقية والعربية، مما يرسخ مكانته كفاعل رئيسي في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

هذا التقدم يعكس أيضًا الأهمية التي يوليها المغرب لدمج قضايا المناخ في جميع السياسات التنموية، حيث أصبحت الاستدامة البيئية جزءًا لا يتجزأ من خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومن خلال شراكات دولية واتفاقيات استراتيجية، يثبت المغرب أن التحديات المناخية ليست عائقًا أمام النمو، بل فرصة حقيقية للابتكار وتطوير اقتصاديات أكثر استدامة وقدرة على التكيف مع المتغيرات العالمية.

إن هذا التتويج الجديد، الذي يضع المغرب في مصاف الدول الأكثر التزامًا بحماية البيئة، يمثل دعوة لجميع الدول للعمل المشترك لمواجهة التغير المناخي. ويبرهن مرة أخرى أن الإرادة السياسية، المدعومة برؤية استراتيجية، يمكن أن تحول الطموحات إلى إنجازات ملموسة، تساهم في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة للأجيال القادمة.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.