مجلة المحيط الفلاحي

المغرب نموذج رائد في تأمين الأمن الغذائي رغم التحديات العالمية والتغيرات المناخية..

في ظل عالم متقلب يواجه أزمات متلاحقة، من التقلبات الاقتصادية العالمية إلى إنتشار الوباء العالمي “فيروس كورونا ” وتفاقم التغيرات المناخية غير المسبوقة، كل هذه العوامل رأينا كيف برز المغرب كنموذج رائد في مجال تحقيق الأمن الغذائي واستدامته. وبمناسبة اليوم العالمي للأغذية، لا بد من الإشادة بسياسة جهود وزارة الفلاحة  التي اعتمدت على نهج زراعي متقدم يرتكز على التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد، والاستثمار المستدام، وتعزيز الابتكار في القطاع الزراعي. هذا النهج مكّن المغرب من الصمود أمام هذه التحديات، مؤسسًا لقاعدة قوية تضمن استمرارية الإنتاج وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ليصبح مثالاً يُحتذى به.

إحدى أبرز المبادرات التي ساهمت في هذا النجاح هي استراتيجية “مخطط المغرب الأخضر”، الذي تم إطلاقه بهدف تطوير القطاع الزراعي وتحديثه. وقد أسهم هذا المخطط في تحسين إنتاجية الأراضي الزراعية، وتقديم دعم تقني ومالي للمزارعين، وتعزيز الزراعة المستدامة القائمة على الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية. هذا بالإضافة إلى تشجيع الابتكار في مجالات الري بالتنقيط والزراعة البيولوجية، مما ساهم في تحسين كفاءة استغلال المياه وتخفيف آثار الجفاف والتغيرات المناخية.

السياسات التي نهجتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات في الزراعية لم تقتصر على الإنتاج المحلي فحسب، بل امتدت لتشمل تعزيز التكامل مع الأسواق الدولية. فقد عمل المغرب على تنويع شراكاته الزراعية مع العديد من الدول، ما ساعد على تعزيز صادرات المنتجات الزراعية المغربية، خاصة الفواكه والخضروات، وتحقيق توازن في الميزان التجاري الغذائي. كما تم التركيز على تحسين جودة المنتجات الزراعية وتطبيق معايير عالية للصحة والسلامة الغذائية، مما عزز ثقة المستهلكين والأسواق الدولية في المنتجات المغربية.

من جهة أخرى، فإن التحول نحو الزراعة المستدامة يعتبر أحد الركائز الأساسية التي تعزز قدرة المغرب على مواجهة التقلبات المناخية. فالمغرب يتبنى سياسات تهدف إلى التكيف مع التغيرات المناخية من خلال تقنيات الري الذكي، وتحسين إدارة الأراضي، وزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة في العمليات الزراعية. هذه الجهود جعلت المغرب في مقدمة الدول الإفريقية التي تأخذ بعين الاعتبار التحديات المناخية وتعمل على ضمان استدامة نظمها الغذائية.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استثمار المغرب في البحث والتطوير الزراعي يمثل دعامة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي على المدى الطويل. فقد تم إنشاء مراكز بحث متخصصة في تطوير أنواع جديدة من المحاصيل الأكثر تحملًا للجفاف والحرارة مثل الاصناف الجديدة التي إكتشافها من الحبوب المقاومة للتغيرات المناخية، وتطبيق تقنيات جديدة لتحسين الإنتاجية الزراعية. هذا البحث العلمي المستمر يعزز من قدرة المزارعين المغاربة على التكيف مع التغيرات المناخية ومواجهة التحديات الزراعية المستقبلية.

ولا يمكن إغفال دور الحكومة المغربية في توفير شبكة أمان اجتماعي لضمان وصول الفئات الأكثر هشاشة إلى الغذاء. فقد اعتمدت الحكومة برامج دعم للفلاحين الصغار ، وضمان توفير المواد الغذائية الأساسية بأسعار مناسبة في جميع أسواق المملكة . كما تم تحسين سلاسل التوزيع لضمان وصول المنتجات الزراعية إلى جميع المناطق ، بما في ذلك المناطق النائية .

وفي إطار هذا الجهد المتكامل، يبقى المغرب ملتزمًا بتعزيز دوره كفاعل أساسي في تحقيق الأمن الغذائي ليس فقط على المستوى الوطني، ولكن أيضًا في إفريقيا . فقد أصبح المغرب مصدر إلهام للعديد من الدول في المنطقة بفضل سياسياته الزراعية الناجحة التي أثبتت قدرتها على التكيف مع الأزمات العالمية والتغيرات المناخية، وتحقيق توازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة.

في الختام، يمكن القول إن السياسة المغربية في الحفاظ على الأمن الغذائي تمثل نموذجًا يحتذى به في مواجهة التحديات العالمية. فمن خلال الاستثمارات المستدامة، والدعم الحكومي المستمر، والابتكار الزراعي، يثبت المغرب أن تحقيق الأمن الغذائي في ظل الأزمات هو هدف قابل للتحقيق إذا توفرت الإرادة السياسية والالتزام بالتنمية المستدامة.

# عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.