المعهد العالي للصيد البحري بأكادير: قاطرة لتطوير الكفاءات وتحقيق الريادة في الاقتصاد الأزرق..
في عالم يشهد تحولاً سريعاً نحو اقتصاد مستدام ومتكامل، يبرز قطاع الصيد البحري بالمملكة المغربية كركيزة أساسية للاقتصاد الأزرق، حيث تتشابك قضايا البيئة والتكنولوجيا والتنمية الاقتصادية. في هذا السياق، يأتي دور المؤسسات التعليمية والتكوينية المتخصصة في إعداد أجيال شابة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية وقيادة القطاعات الحيوية نحو آفاق أرحب. ومن بين هذه المؤسسات، يتألق المعهد العالي للصيد البحري بأكادير كمنارة للتميز والإبداع، ليس فقط على المستوى الوطني، بل أيضاً على المستويات الإفريقية والدولية.
يوم الثلاثاء، الرابع والعشرون من دجنبر 2024، شهد هذا الصرح الأكاديمي حدثاً بارزاً في مسيرته المضيئة، حيث ترأست السيدة زكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، حفل تسليم الشهادات لخريجي الفوج العاشر من الإجازة المهنية والفوج الثاني من الماستر المتخصص. هذا الحفل الذي جمع شخصيات بارزة، من رؤساء الغرف المهنية إلى ممثلي الجامعات وأطر المعهد، لم يكن مجرد مناسبة لتكريم المتفوقين، بل كان احتفالاً بالإنجازات التي تعكس رؤية استراتيجية واضحة نحو تطوير قطاع الصيد البحري كما يريد له جلالة الملك محمد السادس حفظه الله .
يؤدي المعهد العالي للصيد البحري بأكادير دوراً محورياً في تكوين كفاءات متخصصة في مجالات متنوعة مثل تقنيات الصيد، تثمين المنتجات البحرية، الميكانيك البحرية، وتربية الأحياء المائية. وبفضل تنوع مسالكه واعتماده على أحدث الوسائل التكنولوجية، استطاع المعهد أن يحقق نسباً قياسية في ولوج خريجيه لسوق الشغل، حيث تصل النسبة إلى 95%. هذه النتيجة ليست محض صدفة، بل هي ثمرة جهود متواصلة لتطوير البنية التحتية التعليمية والتقنية، من مختبرات متخصصة إلى أجهزة محاكاة حديثة، تعكس الالتزام بمعايير التميز والجودة.
لقد أكدت السيدة زكية الدريوش في كلمتها الافتتاحية على أهمية هذا المعهد كرافعة لتحقيق أهداف الاستراتيجية القطاعية “اليوتيس”، التي تركز على تعزيز الاقتصاد الأزرق، وتطوير مهن الصيد البحري وتربية الأحياء المائية. كما شددت على أن الاستثمار في التكوين هو استثمار في المستقبل، حيث تساهم الكفاءات المؤهلة في تحقيق التنمية المستدامة وتطبيق التوجيهات الملكية السامية، التي تهدف إلى تحويل البحر إلى مصدر للثروة والتنمية.
ومن اللافت خلال هذا الحدث، تقديم فوج جديد من الطلبة في سلك الماستر المتخصص في إدارة الجودة، الصحة، السلامة، البيئة، والتنمية المستدامة للأغذية ومنتجات الصيد البحري، مسلك يعكس رؤية المعهد نحو تنويع مسارات التكوين لمواكبة التحولات التي يشهدها القطاع.
إن المعهد العالي للصيد البحري بأكادير ليس مجرد مؤسسة تعليمية، بل هو رمز للإبداع والابتكار في خدمة قطاع حيوي يشكل جزءاً أساسياً من الهوية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة. وبدعم من كفاءاته الإدارية والتدريسية، يستمر هذا الصرح في تحقيق رسالته النبيلة، ليكون نموذجاً يُحتذى به في إعداد أطر تساهم في بناء اقتصاد بحري متكامل ومستدام.
فلنواصل دعم مثل هذه المؤسسات التي تقود مسيرة التقدم والتنمية الاقتصادية ، ولنستمر في الاستثمار في العقول الشابة التي تمثل المستقبل المشرق لوطننا الحبيب.
#عادل العربي