المبيدات الكيماوية في الانتاج الفلاحي و ارتباطها بصحة المستهلك
المحيط الفلاحي : تسعى كل الدول والبلدان إلى تحقيق وضمان أمنها الغذائي عن طريق الإهتمام بالمجال الزراعي والذي هو مصدر الغذاء الأول لملايين البشر على البسيطة ، ففي هذا السعي والتوجه الأممي يتم إستخدام وتسخير كل الإمكانيات والتقنيات الممكنة للزيادة في نسبة الإنتاج والمردودية وتلبية حاجيات السوق المتزايدة يوما بعد يوم .
من أهم الوسائل المعتمدة في سلسلة الإنتاج خصوصا فيما يتعلق بوقاية وعلاج النباتات والتي هي مدخل محوري للموضوع الذي نحن بصدد التفصيل عنه بناء على معلوماتنا المتواضعة بهذا الخصوص.
كان الفلاح والمزارع ولا يزال يعتمد في أنشطته على استعمال المبيدات الكيماوية لمعالجته محاصيله من الأمراض التي تصيبها والتي زادت حدة استعمالها في السنوات الأخيرة حيث شهدت ظهور الكثير من الآفات الزراعية الجديدة التي لم يكن يسمع لها حديثا في الماضي غير البعيد ؛ استعصت معها البحث عن حلول جذرية ناجعة دون اللجوء إلى الاختيار الصعب والأخير والمكلف على عدة أصعدة وهو المبيدات الكيماوية ؛ حيث فرضت نفسها بقوة كحل عملي للقضاء على الأمراض بشكل كامل وشامل؛ بالرغم من تكلفتها الباهظة والتي تعكس بشكل أو بآخر على ثمن المنتوج في السوق الإستهلاكية .
ما يهمنا بالأساس في موضوعنا هذا هو الإشكاليات والنتائج السلبية المترتبة عنها والمرتبطة بالمبيدات الكيماوية
في القطاع الزراعي وتأثيرها على صحة المستهلك ؛ فمضمون الموضوع وحجمه يستلزم من المزارعين والمنتجين الأخذ بكافة الاحتياطات ؛ والعمل بكل عقلانية ومسؤولية من أجل تفادي مخاطرها وأضرارها على المستهلك ، والذي أضحى يشكو اللآن أكثر من وقت مضى من العلل والأسقام الناجمة عن تناوله للمواد الإستهلاكية ذات الأصل الفلاحي والتي تمر من سلسلة المعالجة الكيماوية وهي في طور الإنتاج بالضيعات والإستغلاليات .
يعتبر تلوث المياه والغذاء مسؤول عن وفاة ما يزيد عن ( 1،3) مليون طفل كل سنة ووفاة ما يزيد عن (1،7 ) مليون إنسان في السنة جرّاء أمراض الجهاز الهضمي والناتج من تلوث المياه وذلك من خلال تناول مياه شرب ملوثة أو طعام مروي بهذه المياه الملوثة وبشتى الملوثات الخطيرة مثل ( الملوثات الجرثومية أو الكيميائية الناجمة عن المبيدات الحشرية أو الأسمدة الكيميائية الشائعة الإستخدام ؛
بشكل عام فإن تلوث الهواء أو الماء أو الغذاء يتسبب في وفاة ما يزيد عن (2،6 ) مليون إنسان في السنة جرّاء الأمراض القلبية الوعائية و( 1،4 ) مليون حالة وفاة في السنة جرّاء حالات السرطان المختلفة (المصدر: موقع دراسات خضراء )
معرفتنا لأصل للمضاعفات الصحية للمستهلك تعبدنا لنا الطريق باتجاه واحد غير ملتوى ولا آعوجاج فيه لمعرفة العامل المسبب ؛ وهو النسبة العالية لبقايا المبيدات الكيماوية في المنتوج ، والذي يتحمل فيه الفلاح القسط الأكبر وحصة الأسد من المسؤولية لعدم تقيده واحترامه لمسار المعالجة بالمواد الكيماوية المعمول به وفق القوانين المنظمة للعملية في إطار الجودة الشاملة حسب المعايير الصحية الدولية ؛ خاصة فيا يتعلق باحترام المدة الزمنية الفاصلة بين المعالجة والجني وهو ما يصطلح عليه ميدانيا ب((DAR )).
يلاحظ من خلال اهتمامنا بالقطاع وما نتوصل به من معلومات أن هناك فئة من الفلاحيين لا تحترم هذه الضوابط دون طمعا في ولوج السوق بشكل مبكر وبيع المنتوج في وقت وجيز بعد الجني خوفا من تلفه وضياعه ؛خصوصا فيما يتعلق بالمنتوجات التي ليست لديها القدرة التحملية الكافية للبقاء مدة طويلة محافظة على طراوتها وجودتها ،
فكل هذا يقع ويحدث في السر والخفاء بعيدا عن الأنظار دون الاكثرات بالنتائج والعواقب على مستوى الصحي للمستهلك ، فالفلاح لا يهمه إلا جمع الأموال وتحقيق الأرباح ؛ فما سيأتي بعد ذلك لا يهتم لشأنه ولا يبالي لأمره إطلاقا ؛ لتبقى إذن الدرجة الثانية من المسؤولية معلقة وملقاة على المسؤولين والمؤسسات وجمعيات المستهلك ؛ والمتدخلين من قريب أو بعيد في عملية المراقبة والدفاع عن حقوق المستهلك ؛ومتابعة كل من سولت له نفس التطاول على القانون وتهديد الصحة العامة بأي حال من الأحوال وبأي طريقة ووسيلة كانت .
أعتقد أن الموضوع حبلى بالمزيد من الإشكاليات وشائك ومتشابك للغاية ، فهو يحتاج لذوي الاختصاص لفك خيوطه ، أما نحن ليس في جهدنا ومقدرتنا أن نفعل شيء سوى الإشارة بأصبع الواجب إلى مكمن الداء طلبا لوصف الدواء ؛ ولعب دور إثارته والخروج به إلى دائرة الأضواء لعرضه على طاولة النقاش والفصل فيه ؛ وتوضيح الخفيات وإزالة اللبس عنه ؛ لأنه موضوع هام يعني الجمع بدون استثناء دافعنا فيه الكبير الوصول إلى حاجز يقي ويحمي سلامتنا الصحية من كل العوامل التي قد تمس بها وتضر بها وتفقدها توازنها ؛ فالصحة أولا من واجبنا الحفاظ عليها ؛ ودرء كل ما من شأنه أن يعكر صفوها ونقاءها ؛ كم حسب موقعه وبطريقته الخاصة .
المحيط الفلاحي : هشام ضفير