القنصل العام للمملكة المتحدة بالدار البيضاء يكشف تفاصيل تعاون بلاده والمغرب بالمجال الفلاحي
أجرى القنصل العام للمملكة المتحدة بالدار البيضاء والمدير الإقليمي لقسم الأعمال والتجارة بالمملكة المتحدة، توم هيل، حوارا، وذلك بمناسبة مشاركة المملكة المتحدة كضيف شرف في النسخة الخامسة عشرة من معرض الفلاحة بالمغرب (SIAM) والمقرر تنظيمها خلال الفترة الممتدة من 2 إلى 7 ماي المقبل بمكناس.
1. ماذا تعني مشاركة المملكة المتحدة في الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب لسنة 2023؟
جاء الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب لسنة 2023 عقب النجاح الذي عرفته الدورة الثانية لمجلس الشراكة السنوي المنعقد في شهر فبراير الماضي، وذلك في إطار اتفاقية الشراكة المبرمة بين المملكة المتحدة والمغرب والموقعة من طرف وزير الدولة البريطاني المكلف بالأعمال والتجارة، نايجل هدلستون، ووزير الصناعة والتجارة، رياض مزور.
وتعهد الوزيران بموجب هذه الاتفاقية بتطوير العلاقات التجارية الثنائية القائمة، حيث تبلغ قيمة المبادلات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة ما مجموعه 2,9 مليار جنيه إسترليني.
ويأتي الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب لتتويج العديد من الإنجازات المحققة، ليس فقط على مستوى القطاع الفلاحي، وإنما أيضا على مستوى القطاعات الرئيسية الأخرى التي تشكل محور التعاون بين المغرب والمملكة المتحدة.
وفي ما يتعلق بهذه النسخة، تتشرف المملكة المتحدة بمشاركة وفد يضم أزيد من 70 خبيرا وممثلا عن الحكومة البريطانية، وذلك برئاسة وزير البيئة والغذاء والشؤون القروية البريطاني، اللورد ريتشارد بينيون.
2. سيشكل هذا الحدث الهام، بلا شك، فرصة لتدارس التعاون الفلاحي بين المغرب والمملكة المتحدة. كيف تقيمون جودة هذا التعاون؟
اتفق كل من المملكة المتحدة والمغرب على تدارس الفرص الكفيلة بتعميق العلاقات الاقتصادية ورفع إجمالي المبادلات التجارية وتعزيز حجم الاستثمارات الثنائية، وذلك من خلال السهر على تنفيذ اتفاقية الشراكة بأكثر الطرق فعالية والتصدي للمعوقات التي تواجهها المقاولات البريطانية والمغربية عند الولوج إلى أسواق الدول الأخرى.
ترجع علاقات التعاون الرابطة بين المغرب والمملكة المتحدة على مستوى قطاع الفلاحة إلى عدة سنوات. وتجمع البلدان شراكات عديدة في عدد من المجالات، لا سيما في:
• البحث والتطوير: أطلقت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، بالتعاون مع روثامستيد للأبحاث (Rothamsted Research) وجامعة كرانفيلد (Cranfield) بالمملكة المتحدة مبادرة لتطوير الجيل القادم من العلماء والمهندسين المغاربة، وانصبت المرحلة الأولى من الشراكة على إنجاز سبعة مشاريع بحثية فلاحية وإنشاء مركز للتكوين في الدكتوراه، بدعم من مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP)، بصفته واحدا من أكبر مصدري الأسمدة الفوسفاطية في العالم.
• تبادل الخبرات: حل المعهد الوطني للبحث الزراعي (INRA) ضيفا على المملكة المتحدة في زيارة همت مجال إزالة الكربون بالفلاحة واستقبل المعهد خبيرين بريطانيين للتدريب في هذا المجال، وذلك عقب مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP26) بفترة وجيزة.
• البرامج الممولة من طرف المملكة المتحدة بالمغرب: أقدمت المبادرة البريطانية داروين (DARWIN) على تمويل مغربية، عبر مؤسسة التنوع العالمي (Global Diversity Foundation) ووزارة البيئة والغذاء والشؤون القروية (DEFRA)، المتعلقة بضمان الجدوى الاجتماعية والبيئية للمناظر الطبيعية للأطلس الكبير والحفاظ على التنوع البيولوجي الفلاحي بمرتفعات أطلس من أجل تحسين سبل عيش الأمازيغ بالمغرب.
• برنامج الفلاحة التجارية الموجه لأصحاب الحيازات الصغيرة والأعمال الفلاحية (CASA): في إطار هذا البرنامج وفي إطار برنامج « بوابة النمو » (Growth Gateway)، أقدمت المملكة المتحدة على تنفيذ أوراش تروم إلى تحسين الاستدامة ودعم منتجي الطماطم المغاربة.
تشكل الطماطم أكبر قطاع تصدير فلاحي بالمغرب (بإجمالي يبلغ 900 مليون دولار)، وقد عرف هذا القطاع نموا سريعا بفضل سياسة فلاحية استباقية واستثمارات القطاع الخاص الضخمة التي انطلقت قبل 20 سنة.
وعلى هذا النحو، أسهم تطوير القطاع الفلاحي التجاري في النمو، إلا أن الاعتماد على حفنة من الفاعلين التجاريين الكبار، إلى جانب التقلبات العالية، أفرزت عن المخاطر المرتبطة بتوافر العرض داخل السوق المحلية والتي تجلت خلال الشهرين الماضيين.
وعلاوة على ذلك، أدى ارتفاع التكاليف إلى إلحاق الضرر بربحية أصحاب الحيازات الصغيرة.
كما خضعت الموارد المائية لضغط متزايد وارتفع الإجهاد البيئي. وقد أقدمت الدراسة التي أجراها فريق الفلاحة التجارية الموجهة لأصحاب الحيازات الصغيرة والأعمال الفلاحية (CASA) مختلف الفرص الاستراتيجية الكفيلة بتحفيز نمو شامل ومستدام في القطاع.
وتشمل هذه التدابير وضع سياسات لحماية أصحاب الحيازات الصغيرة بشكل أفضل مع ضمان استمرار نمو قطاع التصدير، فضلا عن تنويع الإنتاج بعيدا عن الطرز العليا من أجل تقليل الفجوات والمنافسة بين المنتجين في مجال الحقول المفتوحة، إلى جانب ربط المزارع المغربية بالمقاولات البريطانية المختارة في مجال التكنولوجيا الفلاحية والتي يمكن أن تساعد في رفع بعض التحديات التي يواجهونها.
3. ماذا عن آفاق هذا التعاون، لا سيما في السياق العالمي الحالي ومع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، أتاحت اتفاقية الشراكة المبرمة بين المغرب والمملكة المتحدة إطارا للتعاون في مجالات متعددة على غرار الفلاحة والرعاية الصحية والبنية التحتية والتربية، والتي تعد محركات رئيسية للنمو.
كما تمهد هذه الشراكة الطريق لتعزيز التعاون في مجالات مثل الطاقات المتجددة والتكنولوجيا، حيث تتمتع المملكتان بخبرة واسعة في هذا الصدد.
وارتفعت صادرات المغرب من الفواكه والخضار الموجهة إلى المملكة المتحدة بنسبة 15 في المائة برسم السنة الماضية، لتنتقل من 350 مليون جنيه إسترليني في سنة 2021 إلى 400 مليون جنيه إسترليني في سنة 2022، مدفوعة بالأساس بارتفاع صادرات الطماطم التي يعد المغرب حاليا المورد الرئيسي لها بالمملكة المتحدة.
وخلال الشهرين الأولين من هذه السنة، صدر المغرب ما يناهز 30 ألف طن من الطماطم في اتجاه المملكة المتحدة، وهو ما يمثل قرابة 45 في المائة من إجمالي الطماطم المستوردة إلى المملكة المتحدة خلال هذه الفترة.
وستتجسد آفاق هذا التعاون بتوقيع مذكرتي تفاهم تغطي الجوانب التالية:
• إقدام البلدين على تحديد أهم التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي بالمغرب.
• مواءمة الحلول التقنية الفلاحية المحتملة بالمملكة المتحدة وتسهيل سبل التعاون بين المملكة المتحدة والمغرب بغية معالجتها.
• تسهيل ولوج موردي التكنولوجيا الفلاحية المغاربة إلى سوق المملكة المتحدة من خلال الوصول إلى مرافق الأعمال والخبرات والشبكات وآليات الدعم المتوفرة بالمملكة المتحدة.
• السعي لإزالة العوائق التي تحول دون اعتماد التكنولوجيا الفلاحية بالمغرب.
• تقديم الدعم للمقاولات البريطانية من أجل المساهمة داخل البلد على اختبار وتكييف التقنيات الفلاحية ذات الصلة مع أنظمة وتحديات فلاحية محددة.
• إبراز الآثار المترتبة عنها بغية تقديم وعرض مزايا اعتماد التقنيات الفلاحية على المجتمع الفلاحي بشكل عام.
• تقديم المساعدة بشكل مشترك لأولئك الذين يعملون داخل المنظومة الفلاحية التكنولوجية من أجل تحديد سبل التعاون في مجال البحث والتطوير والفرص التجارية بالمملكة المتحدة.
4. ماذا عن استعدادات جناح المملكة المتحدة للمشاركة في النسخة الحالية من معرض الفلاحة بالمغرب لسنة 2023؟
بصفتها دولة الشرف لهذه النسخة من معرض الفلاحة بالمغرب، سيمتد جناح المملكة المتحدة على مساحة 200 مترا مربعا واقعة في قلب القطب الدولي.
ستضم هذه المساحة أزيد من 30 مقاولة بريطانية عارضة تمثل القطاعات الفلاحية الرئيسية بما فيها التكنولوجيا الفلاحية والآلات والاستدامة والبستنة واللوجستيك.
وتمت بلورة وتخصيص برنامج متنوع، حيث سيشارك أكثر من 60 خبيرا بريطانيا في ندوات حول موضوعات تهم ندرة المياه، والاستثمار في الفلاحة المستدامة، والبحث والتطوير، والتنوع البيولوجي الفلاحي التكنولوجي، وغيرها.
وسيشكل هذا الحدث أيضا فرصة لإقامة روابط بين المقاولات البريطانية والمقاولات المغربية والإفريقية وغيرها من المقاولات التي ستكون حاضرة، من خلال مختلف اجتماعات الأعمال التجارية (B2B) التي سيتم تنظيمها على هامش الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب (SIAM).
كما يمثل الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب فرصة لتقديم المنتجات البريطانية والاحتفاء بها، ولا سيما « كوستا كوفي » (Costa Coffee) التي افتتحت أول متجر لها في المغرب (مراكش) قبل بضعة أشهر والتي تستعد لافتتاح متجرها الثاني بالدار البيضاء.
كما ستحضر مقاولات أخرى على غرار « إيمرسون » (Emerson)، وهي شركة بريطانية تهتم بتطوير مشروع الخميسات لإنتاج البوتاس بشمال المغرب، باعتباره مكونا رئيسيا للأسمدة الضرورية لضمان الأمن الغذائي.
أجرى الحوار :ياسين أحيزون