هل الماء من حقوق الإنسان؟ العالم منقسم والغرب يعارض الإقرار بهذا الحق .
مراسلة خاصة من ثاليف ديين: يهدد إقتراح مطروح علي الأمم المتحدة للإقرار بالحق في المياه كحق أساسي من حقوق الإنسان العالمية بإنقسام حاد بين البلدان الفقيرة والدول الغنية في صلب المنظمة الأممية.
ففي هذا الشأن، صرحت موود بارلو، المدافعة الناشطة عن هذا الحق ومؤسسة منظمة “العالم الأزرق” ومقرها كندا، أن الإعتراضات علي الإقرار بهذا الحق تأتي في غالبيتها من الدول الغربية.
وشرحت لوكالة انتر بريس سيرفس أن “كندا هي الأسواء، لكن أستراليا والولايات المتحدة وبريطانيا تعرقل بدورها هذا المسار” الهادف إلي الإعتراف بحق المياه كحق من حقوق الإنسان الأساسية.
وأضافت أنه في حالة إعتماد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ( 192 دولة) لمشروع القرار المطروح عليها في هذه الشأن “لُأعتبر ذلك واحدا من أهم إنجازات الأمم المتحدة منذ إعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” المعتمد في عام 1948.
ويذكر أن مشروع القرار هذا، المعد من صفحتين، ينص علي الإقرار ب “الحق الإنساني في الحصول علي المياه والصرف الصحي “، وجري إعداده بناء علي مبادرة من بوليفيا. ومن المتوقع أن يعرض رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، علي عبد السلام تريكي، المسودة النهائية لمشروع القرار بحلول نهاية شهر وليو الجاري، إذا ما تحقق التغلب علي المصاعب السياسية القائمة.
فعلق مصدر دبلوماسي في حديث غير رسمي مع وكالة انتر بريس أن هذه القضية “عزيزة للغاية علي البلدان النامية”، وإن كان الواقع هو أنه لا يوجد حاليا أي سند قانوني لإعلان حق الحصول علي الماء والصرف الصحي كحق أساسي من حقوق الأنسان، كما أن هناك مسائل كثيرة معلقة ومنها تعريف هذا الحق ومداه.
وأضاف المصدر الدبلوماسي أن عددا من الدول تتذرع بأن هذه المسائل مطروحة بالفعل في جنيف (المقر الأوروبي للأمم المتحدة) وبالتالي لا يجب علي الجمعية العامة في مقرها في نيويورك أن تتولاها.
وقال “عموما، المياه والصرف الصحي هي قضايا حرجة، ومن ثم علينا ان نعمل من أجل تحقيق توافق في الآراء بشأن هذا القرار. فأي شيء يقل عن توافق الآراء من شأنه أن يقوض جوهر الأهمية التي نعلقها عليها”.
هذا وأفادت مؤسسة منظمة “العالم الأزرق” موود بارلو في حديثها لوكالة انتر بريس سيرفس أن نحو مليارين من البشر يعيشون في مناطق تعاني من ندرة المياه في العالم، إضافة إلي ثلاثة مليارات شخصا محرومين من مياه الشرب الجارية ضمن نطاق كيلومتر من منازلهم.
وقالت هذه الخبيرة التي سبق وأن شغلت منصب كبير المستشارين في مجال المياه تحت إشراف رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعية في الفترة 2008-2009، قالت في رسالة بعثتها إلى سفراء ال 192 دولة في الأمم المتحدة أن لدي إعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، لم يكن في وسع أحد التنبؤ متي ستصبح المياه قضية متنازع عليها.
وإستطردت قائلة “لكن في عام 2010، ليس من قبيل المبالغة أن نقول أن عدم الحصول على مياه نظيفة هو أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في العالم”. ثم شرحت أن كندا قد منعت حتى أكثر الخطوات تواضعا علي سبيل تحقيق الإعتراف الدولي بحق المياه، وعملت وراء الكواليس لعرقلة التقدم نحو وضع قرار أي ملزم قانونيا في هذا الصدد.
هذا ولم يشرح المسؤولون الحكوميون الكندييون موقفهم المعارض، بإستثناء القول بإن مثل هذه الاتفاقية قد تجبركندا علي مشاركة مياهها مع الولايات المتحدة، وفقا للخبيرة التي تعتبر هذا الموقف خارجا عن نطاقه. وقالت أن رئيس الحكومة الكندية ستيفن هاربر يعرف ذلك.
وأوضحت بارلو أن الحقيقة هي إتفاقية للأمم المتحدة عن حق المياه ستكون بمثابة “ثقل موازن” لأولئك الذين يرغبون في بيع مياه كندا من أجل تحقيق الربح، وهذا هو التفسير الأكثر ترجيحا لمعارضة كندا المستمرة.
ومن ناحيتها، صرحت آن ماري كارلسون، الخبيرة بمعهد ستوكهولم الدولي للمياه، لوكالة انتر بريس سيرفس أن منظمتها تؤيد حق الإنسان في المياه والصرف الصحي “لكننا نشاطر وجهة نظر خبراء الأمم المتحدة المستقلين بأن الحق في المياه والصرف الصحي هو أحد عناصر الحق في مستوى معيشي لائق، وأن هذه الحقوق مضمونة ومحمية بموجب المادة 11 من المعاهدة الدولية عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وقالت أن من المهم أن ينص قرار الامم المتحدة حول الحق في المياه والصرف الصحي علي هذه الناحية بوضوح، وهو ما لا يتضح من مشروع القرار الحالي”، بل وما هو أكثر من ذلك، فلا يمكن الإستهانة بأهمية الصرف الصحي أيضا.
وشددت كارلسون علي الإرتباط الوثيق بين المياه والصرف الصحي، محذرة من أن العالم لن يحقق الأهداف الإنمائية لألفية الأمم المتحدة فيما يخص الحصول علي المياه طالما لم يكفل الحق أيضا في مرافق الصرف الصحي.
وأخيرا يذكر أن ائتلاف من المنظمات الدولية غير الحكومية يشمل منظمات مجلس الكنديين، والأغذية والمياه- أوروبا، ومرصد أوروبا، ومشروع الكوكب الأزرق، قد ناشد أعضاء البرلمان الأوروبي حشد الدعم السياسي لقرار حق المياه.
وشدد الإئتلاف علي أن “في ضوء إعتراف الإتحاد الأوروبي بالمياه كحق من حقوق الإنسان، أصبح من الأهمية بمكان أن يلعب الإتحاد الأوروبي دورا رئيسيا في الترويج لهذا القرار في الأمم المتحدة”.