العالم خارج عن مسار تحقيق معظم أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالأغذية والزراعة…
قال تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) صدر اليوم إن العالم لا يسير على الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى تحقيق معظم مقاصد أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالجوع والأمن الغذائي والتغذية. وقال بيترو جيناري، كبير خبراء الإحصاء في الفاو: “يرسم التقرير صورة قاتمة. فبعد مرور أربع سنوات على خطة التنمية المستدامة لعام 2030، فإن التراجع هو المعيار عندما يتعلق الأمر بإنهاء الجوع وتحقيق الاستدامة في الزراعة وإدارة الموارد الطبيعية، سواء على الأرض أو في المحيطات.
وقالت نائب المدير العام للفاو لشؤون المناخ والموارد الطبيعية ماريا هيلينا سيميدو: “إن عدم السير على المسار الصحيح عندما يتعلق الأمر بتحقيق الركائز الأساسية لأهداف التنمية المستدامة يعرض دون شك تحقيق خطة عام 2030 بأكملها للخطر، ويجعل هدفنا الشامل المتمثل في ضمان السلام والازدهار للناس وللكوكب أقل قابلية للتحقيق”.
وفي هذا التقرير الأول من نوعه، حللت الفاو، بطريقة بصرية، الاتجاهات والبيانات العالمية الرئيسية من ما يصل إلى 234 دولة وإقليم بشأن 18 مؤشرًا لأربعة أهداف من أهداف التنمية المستدامة (2 و 6 و 14 و 15) تشرف عليها المنظمة الأممية.
النتائج الرئيسية
الجوع في ارتفاع لا يزال أكثر من 820 مليون شخص يعانون من الجوع حتى اليوم. ظل عدد الجياع في العالم في ارتفاع لمدة ثلاث سنوات متتالية، ويعود الرقم إلى المستويات التي شهدها في الفترة 2010-2011.
عائدات منتجي الأغذية على نطاق صغير هي حوالي نصف عائدات منتجي الأغذية الأكبر
يواجه صغار منتجي الأغذية – الذين يزرعون 80 في المائة من الأغذية في العالم – تحديات غير متكافئة في الوصول إلى المدخلات والخدمات، ونتيجة لذلك، فإن دخولهم وإنتاجيتهم أقل بشكل منتظم مقارنة بمنتجي الأغذية الأكبر.
في معظم البلدان، يقل دخل صغار منتجي الأغذية عن نصف دخل منتجي الأغذية الأكبر. كما أن هناك اختلافات ملحوظة في إنتاجية صغار منتجي الأغذية مقارنة بمنتجي الأغذية الأكبر حجمًا، وإن كان هذا الفرق في الانتاجية أقل وضوحًا مقارنة مع الفرق في الدخول.
زيادة تقلب أسعار المواد الغذائية في العديد من البلدان النامية
خلال 2016-2017، أثر تقلب أسعار المواد الغذائية على أكثر من ثلث البلدان النامية غير الساحلية، وواحد من كل أربعة بلدان في أفريقيا وغرب آسيا، وواحد من كل خمسة بلدان في وسط وجنوب آسيا. أما الزيادات المعتدلة في أسعار المواد الغذائية العامة، من ناحية أخرى، فقد أثرت على جميع المناطق.
واحد من كل ستة سلالات حيوانية محلية تتعرض لخطر الانقراض
حوالي 60 في المائة من سلالات الماشية المحلية معرضة لخطر الانقراض في البلدان السبعين التي لديها معلومات عن حالة الخطر. وهذا يعني أنه من بين 7,155 سلالة من سلالات الحيوانات المحلية (أي السلالات التي تحدث في بلد واحد فقط)، هناك 1940 سلالة معرضة لخطر الانقراض. ومن الأمثلة على ذلك ماشية فوجيرا في إثيوبيا أو عنزة Gembrong في بالي.
غير أن هذا الرقم قد يكون أعلى من ذلك لأن ثلثي سلالات الماشية المحلية، وخاصة في الشرق الأوسط والأدنى وأفريقيا وآسيا، لا توجد بيانات عن حالة الخطر بشأنها.
يحذر التقرير أيضًا من “عدم إحراز أي تقدم في الحفاظ على الموارد الوراثية الحيوانية” ويلاحظ أن “الجهود المبذولة للحفاظ على هذه الموارد تبدو غير كافية”. فعلى سبيل المثال، أقل من واحد في المائة من سلالات الماشية المحلية في جميع أنحاء العالم لديها ما يكفي من المواد الوراثية المخزنة التي تسمح بإعادة تكوين السلالة في حالة الانقراض.
بعض التقدم في الحفاظ على المواد الوراثية النباتية
الحفاظ على المواد الوراثية النباتية يبدو أفضل حالًا إلى حد ما.
ففي نهاية عام 2018، بلغ إجمالي الحيازات العالمية من المواد الوراثية النباتية المحفوظة في بنوك الجينات في 99 دولة و 17 مركزًا إقليميًا ودوليًا 5.3 مليون عينة، بزيادة تقارب 3 بالمائة عن العام السابق. ويرجع ذلك أساسًا إلى نقل المواد الحالية إلى مرافق تخزين أفضل متوافقة مع المؤشرات، وليس إلى تنوع مضاف حديثًا تم جمعه من الميدان.
ويحذر التقرير من أن الجهود المبذولة لتأمين تنوع المحاصيل لا تزال غير كافية، وخاصة بالنسبة للأقارب البرية للمحاصيل، ونباتات الأغذية البرية وأنواع المحاصيل المهملة وغير المستغلة بشكل كاف.
الصيد الجائر والتنفيذ غير المتكافئ للصكوك الدولية لمصايد الأسماك المستدامة ذات الصلة
ارتفعت نسبة الصيد الجائز في الأرصدة السمكية العالمية اليوم إلى الثلث مقارنة مع 10 في المائة فقط في عام 1974.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من بعض التحسينات الأخيرة في إدارة مصايد الأسماك وحالة أرصدتها في البلدان المتقدمة، شهدت حصة الأرصدة السمكية ضمن المستويات المستدامة بيولوجياً تراجعاً كبيراً في البلدان النامية.
علاوة على ذلك، لا يزال لدى حوالي 30 في المائة من البلدان سجل تنفيذ منخفض أو متوسط للصكوك الدولية الرئيسية التي تحارب الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم، ولدى حوالي 20 في المائة من البلدان سجل تنفيذي منخفض أو متوسط للصكوك الرئيسية لتشجيع وصول صغار الصيادين إلى الموارد الإنتاجية والخدمات والأسواق.
الإجهاد المائي
يؤثر الإجهاد المائي على البلدان في جميع القارات. وتتركز غالبية البلدان التي سجلت ارتفاعاً في الإجهاد المائي منذ عام 2000 في شمال إفريقيا وغرب آسيا ووسط وجنوب آسيا.
أكبر خسائر للغابات في المناطق الاستوائية
خسر العالم بين عامي 2000 و2015 مساحة من الغابات تعادل حجم جزيرة مدغشقر، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى تحويل الأراضي الحراجية للاستخدامات الزراعية. وتم تسجيل معظم هذه الخسائر في المناطق الاستوائية في أمريكا اللاتينية والدول الأفريقية جنوب الصحراء وجنوب شرق آسيا.
ولكن، تباطأ معدل فقدان الغابات في جميع أنحاء العالم في الفترة 2010-2015، وتم تعويض هذه الخسائر جزئياً عن طريق زيادة مساحة الغابات في آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا.
ما يجب القيام به لعكس اتجاهات التدهور
يمكن استنباط عدد من العناصر لبرنامج سياسات يهدف إلى عكس هذه الاتجاهات السلبية من بعض مؤشرات أهداف التنمية المستدامة ذات الصلة بالفاو.
بداية، من المرجح أن تكون العديد من المشكلات المذكورة أعلاه أقل حدة مع وجود استثمارات كافية في القطاع الزراعي (بما في ذلك مصايد الأسماك والغابات). ولكن، يخلُص التقرير إلى تراجع الإنفاق العام في الزراعة فيما يخص مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي. وبشكل خاص، سجلت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وأوقيانوسيا (باستثناء استراليا ونيوزيلندا) أدنى القيم النسبية للاستثمار العام في الزراعة.
ويؤكد التقرير أن تعزيز نمو الإنتاجية والقدرة على الصمود والتكيف لدى صغار منتجي الأغذية أمر بالغ الأهمية لعكس اتجاه الجوع المتصاعد وتقليص عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع.
ويمكن كبح جماح التقلبات الكبيرة في أسعار المواد الغذائية، والتي ساهمت في تقويض حصول السكان على الغذاء والوضع التغذوي في العديد من البلدان النامية، عن طريق الإجراءات الحكومية التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين المعلومات حول الأسعار بما يتيح للأسواق العمل بكفاءة أكبر.
وتعد التحسينات في إنتاجية المياه والري في الزراعة، والحد من الفاقد في شبكات التوزيع البلدية وعمليات التبريد الصناعية من بين القضايا الرئيسية التي يجب اخذها في الاعتبار عندما يتعلق الأمر بالإجهاد المائي.
وفي النهاية، يتعين على جميع البلدان أن تنفذ بصورة عاجلة التغيرات التحويلية في إدارة وحوكمة مصايد الأسماك. وسيكون لهذا أيضاً تأثير اقتصادي إيجابي، حيث يمكن أن تؤدي إعادة بناء مخزونات الصيد الجائر إلى زيادة الإنتاج السنوي لمصايد الأسماك بمقدار 16.5 مليون طن والإيرادات السنوية من الصيد بمقدار 32 مليار دولار.
المحيط الفلاحي : الفاو