مجلة المحيط الفلاحي

السيد صديقي يختتم مسيرته كوزير للفلاحة تاركًا وراءه إرثًا قويًا وإنجازات بارزة على أرض الواقع

وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، السيد محمد صديقي، غادر منصبه اليوم بعد سنوات من الخدمة التي وضع خلالها بصمته الفريدة في القطاع، تاركًا وراءه إرثًا قويًا وإنجازات ملموسة على أرض الواقع. كان السيد صديقي من الشخصيات البارزة التي ساهمت بشكل كبير في تطوير الفلاحة المغربية، تعزيز الأمن الغذائي، ودفع عجلة التنمية القروية والبحرية إلى الأمام. قادته رؤيته الاستراتيجية وفهمه العميق لتحديات القطاع إلى تحقيق تقدم كبير، ما جعله يحظى بتقدير كبير من مختلف الفاعلين والمهنيين.

قيادة استثنائية ورؤية ثاقبة…

تميزت فترة تولي السيد محمد صديقي قيادة وزارة الفلاحة برؤية استراتيجية طويلة الأمد قائمة على الابتكار والاستدامة. كان أحد أعمدة هذه الرؤية برنامج “المغرب الأخضر” و”الجيل الأخضر 2020-2030″ ، الذي مثل مرحلة جديدة في الفلاحة المغربية بعد النجاح الذي حققه مخطط “المغرب الأخضر”. هذا البرنامج الطموح لم يكن مجرد خطة تنموية، بل كان نموذجًا يهدف إلى تعزيز الاندماج الاجتماعي في المناطق القروي. ، وتحسين دخل الفلاحين ، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان استدامة القطاع في مواجهة التغيرات المناخية.

كان وزير الفلاحة السيد صديقي يسعى دائمًا لتحقيق تنمية متوازنة تشمل كافة المناطق القروية  بالمملكة، من خلال التركيز على تعزيز الفلاحة التضامنية، دعم التعاونيات الزراعية، وتطوير مشاريع الفلاحين الصغار، الذين كان يعتبرهم العمود الفقري للاقتصاد الفلاحي الوطني. لم تكن هذه المشاريع مجرد أرقام على الورق، بل شملت تقديم دعم فعلي للفلاحين في المناطق النائية، سواء عبر تقديم المعدات أو الدعم المالي والتقني، ما أدى إلى تحسين مستوى معيشتهم ورفع إنتاجيتهم.

التكيف مع التغيرات المناخية…

أدرك السيد صديقي في وقت مبكر أن الفلاحة المغربية تواجه تحديات كبيرة ناتجة عن التغيرات المناخية، مثل الجفاف وندرة المياه. لذلك، كان تطوير حلول مبتكرة لإدارة الموارد المائية من أولويات عمله. قاد صديقي جهودًا حثيثة لتعزيز تقنيات الري الحديث وتوسيع نطاق مشاريع الري بالتنقيط، والتي أثبتت فعاليتها في تحسين استغلال المياه وزيادة إنتاجية الأراضي الزراعية في الوقت نفسه. كما عمل على دعم مشاريع الري، التي كانت جزءًا من استراتيجيته لضمان تلبية احتياجات الفلاحين في المناطق القاحلة.

إصلاحات هيكلية في الصيد البحري…

أما في مجال الصيد البحري، فقد تمكن السيد صديقي من إحداث إصلاحات هيكلية ساهمت في تحسين إنتاجية القطاع وتعزيز مكانة المغرب كواحد من أهم المصدرين على الصعيدين الإفريقي والدولي. كانت مقاربته تعتمد على تحقيق توازن بين الاستغلال المستدام للثروات البحرية والحفاظ على النظام البيئي البحري. أشرف على تطوير برامج تهدف إلى تنظيم الصيد والحفاظ على الموارد السمكية، إلى جانب تحسين ظروف عمل البحارة والتعاونيات البحرية، ما جعل القطاع أكثر تنافسية وجذبًا للاستثمارات.

التزام ميداني ودعم الفلاحين…

على الرغم من مسؤوليته الثقيلة، كان محمد صديقي دائمًا وزيرًا ميدانيًا. لم يكن يكتفي بالعمل من مكتبه في الرباط، بل كان حريصًا على النزول إلى الميدان، حيث زار مختلف جهات المملكة للاطلاع عن كثب على أوضاع الفلاحين والمشاريع التنموية. هذه الزيارات لم تكن مجرد شكلية، بل كانت جزءًا من نهجه التشاركي الذي يهدف إلى إشراك الفلاحين في القرارات المتعلقة بتطوير القطاع. كان يستمع إلى مشاكلهم ويناقش معهم الحلول الممكنة، مما جعله يحظى باحترام وتقدير كبيرين لدى الفلاحين الصغار قبل الكبار.

خلال ولايته، أطلق السيد صديقي العديد من المبادرات التي تهدف إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك من أجل تشجيع الاستثمار في القطاع الفلاحي، خاصة في مجال الصناعات الغذائية. ساهمت هذه الشراكة في تحسين القدرة التنافسية للمنتجات الفلاحية المغربية في الأسواق العالمية، مما جعل المغرب يحتل مكانة مرموقة كواحد من أهم المصدرين الزراعيين في المنطقة.

إسهام في التنمية القروية الشاملة…

لم يقتصر عمل السيد  صديقي على الفلاحة فقط، بل كان له دور كبير في تعزيز التنمية القروية بشكل عام. قام بتطوير برامج تهدف إلى تحسين البنية التحتية في المناطق القروية، مثل الطرق والمرافق الصحية والتعليمية (التكوين الفلاحي)، بهدف تحسين جودة الحياة لسكان القرى والمناطق النائية. كما ركز على دعم الشباب والنساء في هذه المناطق عبر تشجيعهم على إنشاء تعاونيات فلاحية ، مع تقديم فرص للتكوين والتمكين الاقتصادي، مما ساهم في خلق جيل جديد من الفلاحين قادر على مواجهة تحديات المستقبل.

ترك بصمة لا تُنسى…

في ختام فترة ولايته، يمكن القول إن السيد محمد صديقي قد ترك بصمة لا تُنسى في تاريخ الفلاحة والتنمية القروية بالمغرب. لقد عمل بكل تفانٍ وإخلاص من أجل الارتقاء بهذا القطاع الحيوي إلى مستويات جديدة، مستندًا إلى رؤية تستشرف المستقبل وتواجه التحديات بأدوات الابتكار والشراكة. ورغم مغادرته اليوم، إلا أن إنجازاته ستظل شاهدة على مرحلة ذهبية في تاريخ الفلاحة المغربية، وسيبقى اسمه محفورًا في ذاكرة كل من عمل معه أو استفاد من جهوده.

ختامًا، لا يسعنا إلا أن نقدم أسمى عبارات التقدير والشكر للسيد محمد صديقي على كل ما قدمه من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة للمغرب، متمنين له التوفيق في مسيرته القادمة، ومؤكدين أن بصمته في قطاع الفلاحة ستظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.

#المحيط الفلاحي :عادل العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.