مجلة المحيط الفلاحي

الجيل الأخضر: رقمنة الفلاحة المغربية نحو مستقبل زراعي مستدام وذكي

في إطار الرؤية الاستراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ، تتجه الفلاحة المغربية نحو مرحلة جديدة من التطور والابتكار، حيث باتت الرقمنة تشكل رافعة أساسية لتسريع النمو الفلاحي وتعزيز الإنتاجية.

يُعد إدخال التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الرقمية في القطاع الفلاحي رهاناً استراتيجياً للمغرب، يسعى من خلاله إلى تحسين كفاءة الإنتاج، وتعزيز الاستدامة، ودعم المزارعين، خاصة الشباب الذي يحمل مشاريع مبتكرة ، لتبني هذه التقنيات وتطوير مهاراتهم في مجال الفلاحة الذكية.

ومن أبرز المبادرات في هذا الإطار، توقيع اتفاقية شراكة بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات ومجموعة “هواوي” العالمية على هامش معرض الفرس بالجديدة ، بهدف تطوير و تسريع رقمنة الفلاحة المغربية ضمن إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”، وتعزيز استخدام التقنيات والتكنولوجيات الحديثة في القطاع الفلاحي، إلى جانب النهوض بفن الفروسية.

استخدام التكنولوجيا الرقمية في القطاع الفلاحي. تهدف إلى تعزيز استخدام الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات الكبيرة، وتقنيات إنترنت الأشياء في تدبير الموارد الزراعية، مما سيساهم في تحسين الإنتاجية والحد من التكاليف، فضلاً عن تعزيز الاستدامة البيئية من خلال التوظيف الأمثل للموارد الطبيعية.

وتأتي هذه الاتفاقية كجزء من الجهود المستمرة لتسريع رقمنة الفلاحة المغربية وإدخال منصات متصلة بالانترنت ونشر خدمات إلكترونية فلاحية فضلا عن تشجيع ريادة الأعمال لدى الشباب ، حيث ستعمل على إحداث تحول نوعي في أساليب الزراعة التقليدية، مما يتيح للمزارعين الاستفادة من تقنيات مبتكرة تساعدهم في اتخاذ قرارات زراعية أكثر دقة بناءً على بيانات وتحليلات علمية دقيقية.

كما ستساهم الرقمنة في تحسين أنظمة الري وإدارة المحاصيل، ومراقبة جودة التربة، والتنبؤ بالطقس، بما يساهم في تقليل المخاطر المرتبطة بالتغيرات المناخية وتعزيز الأمن الغذائي.

واستناداً إلى أهداف “الجيل الأخضر”، تسعى وزارة الفلاحة من خلال هذه الخطوة إلى تشجيع الشباب على الانخراط في القطاع الفلاحي الرقمي، من خلال دعم إنشاء مقاولات ناشئة تعمل في مجال التكنولوجيا الفلاحية، وإطلاق برامج تدريبية لتأهيل الكفاءات الوطنية الشابة في مجال الابتكار الزراعي. يشكل الشباب الركيزة الأساسية لهذه الرؤية الطموحة، حيث يراهن المغرب على قدراتهم وإبداعاتهم في تقديم حلول ذكية ومستدامة تتماشى مع التحولات الرقمية التي يشهدها العالم.

علاوة على ذلك، فإن إنشاء “القطب الرقمي الفلاحي” يأتي لتعزيز البنية التحتية الرقمية للقطاع، حيث سيكون هذا القطب منصة متكاملة تجمع بين الفاعلين الرئيسيين في القطاع الزراعي والتكنولوجي، مما يتيح تبادل الخبرات والابتكارات، وفتح المجال أمام الشركات الناشئة والمقاولات الصغرى والمتوسطة للمساهمة في رقمنة الفلاحة المغربية.

إن تسريع رقمنة الفلاحة المغربية يعكس التزام وزارة الفلاحة بتعزيز دور القطاع الفلاحي كقاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تسعى من خلال هذه الاستراتيجية الطموحة إلى تعزيز مكانتها كرائدة إقليمية في مجال الفلاحة المستدامة والذكية.وتجسد هذه التحولات جزءاً من رؤية أوسع تهدف إلى تعزيز الابتكار والنمو المستدام، وتحقيق الاستقلالية الغذائية من خلال استثمار إمكانات التكنولوجيا في خدمة القطاع الزراعي.

في النهاية، فإن رقمنة الفلاحة المغربية ليست مجرد خيار بل ضرورة استراتيجية لمواجهة تحديات المستقبل، وتعزيز مكانة المغرب على الساحة العالمية كدولة تتبنى الابتكار والتكنولوجيا في تحقيق التنمية الزراعية المستدامة.

# عادل العربي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.