الجيل الأخضر: استثمار في الشباب لبناء مستقبل زراعي مستدام ومبتكر في المغرب
في إطار رؤية استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030″، تُظهر وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات التزامًا راسخًا بدعم الشباب وتمكينهم ليصبحوا قادة مستقبل القطاع الزراعي في المغرب.
وسط التحديات المتزايدة والتحولات الاقتصادية العالمية، وضعت هذه الاستراتيجية الشباب في قلب عملية التحول الزراعي، حيث تهدف إلى تأهيلهم وتزويدهم بالمهارات والأدوات اللازمة لريادة الأعمال الفلاحية وتحقيق التنمية المستدامة. من خلال توفير فرص غير مسبوقة للوصول إلى الأراضي، وتطوير ريادة الأعمال الزراعية والرقمية، تفتح استراتيجية “الجيل الأخضر” آفاقًا جديدة أمام جيل من المبدعين الشباب ليكونوا المحرك الأساسي للتغيير والابتكار في الزراعة المغربية.
ومن خلال أربعة محاور تدخل رئيسية، توفر الاستراتيجية فرصًا استثنائية للشباب. أولاً، تم التخطيط للتعبئة والتنمية لمليون هكتار من الأراضي الجماعية، مع تخصيص جزء منها لدعم المشاريع الشبابية. كما تمثل ريادة الأعمال الزراعية والرقمية مجالًا حيويًا يمكن من خلاله للشباب الابتكار والإبداع وخلق فرص العمل، سواء عبر إنشاء الأنشطة في الخدمات الزراعية أو في التحول الرقمي وغيره.
إلى جانب ذلك، توفر الاستراتيجية دعمًا مباشرًا للشباب لاستئناف واستغلال الأراضي الزراعية، عبر تيسير آلية توفر فرصة متعددة لضمان استمرارية النشاط الفلاحي وتحديثه. ولتحقيق ذلك، تم تحسين عرض التدريب وتطوير بيئة مواتية للتوظيف، ما يسمح للشباب بتطوير مهاراتهم وتوجيهها نحو خلق قيمة مضافة في القطاع الفلاحي.
وفي إطار التزامها المستمر بدعم الشباب المغربي الطموح، تواصل وكالة التنمية الفلاحية جهودها الحثيثة لتعزيز ريادة الأعمال وفتح الآفاق أمام الشباب المبدع في المجال الفلاحي. ومن بين هذه المبادرات الرائدة، تأتي النسخة الثانية من المسابقة الوطنية “أكري يونغ” التي سجلت حضوراً واسعاً ومتميزاً بمشاركة 380 من حاملي المشاريع من مختلف مناطق المغرب وحتى من الخارج. وقد أسفرت المسابقة عن تتويج أربعة مشاريع ريادية تم اختيارها بفضل أفكارها الابتكارية وإمكاناتها الواعدة في إحداث تأثير إيجابي في قطاع الزراعة.
وفي خطوة هامة نحو تعزيز قدرات المشاركين وتوجيههم، استفاد 26 مشروعاً مقدماً من قِبَل 43 من رواد الأعمال الشباب من برنامج دعم مكثف وغني امتد على مدى خمسة أشهر. شمل هذا البرنامج خمس دورات تدريبية متخصصة ركزت على توجيه الشباب وتعزيز مهاراتهم في عرض المشاريع وتقديم أفكارهم بشكل احترافي، ما أسهم في صقل قدراتهم وجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة تحديات السوق.
وكجزء من هذا الدعم، أتاحت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بنياتها التحتية المتطورة لصالح المشاركين، حيث استُخدمت الضيعة التجريبية، ومدرسة الهندسة المعمارية والتصميم، ومركز الطاقة الخضراء “غرين إنرجي بارك” في تمكينهم من تطوير نماذجهم الأولية وتنمية معارفهم في مجالات ريادة الأعمال والإدارة. هذا الانفتاح على مرافق الجامعة وتجهيزاتها المتقدمة ساهم في تعزيز التجربة العملية للمشاركين ومنحهم الفرصة للابتكار في بيئة علمية محفزة.
وفي هذا الصدد، أوضح السيد المهدي الريفي المدير العام لوكالة التنمية الفلاحية أن هذه المسابقة الوطنية تندرج ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر 2020-2030” التي أطلقها المغرب لتعزيز التحول في القطاع الفلاحي. وتركز هذه الاستراتيجية على إحداث فرص شغل مستدامة ودعم المشاريع المبتكرة التي تحمل بين طياتها إمكانات كبيرة لتحديث وتطوير الفلاحة المغربية.
تعتبر إدن “أكري يونغ” أكثر من مجرد مسابقة؛ إنها منصة تعزز الابتكار وتعكس التزام المغرب بتطوير الجيل القادم من القادة الشباب في القطاع الفلاحي.
وفي هذا السياق، تلتزم وزارة الفلاحة بمواكبة الشباب ودعم طموحاتهم، ليس فقط بتوفير الأرض والمعدات، ولكن أيضًا من خلال تقديم برامج تدريبية شاملة ودعم تقني وإداري. إن رؤية “الجيل الأخضر” تهدف إلى خلق جيل من رواد الأعمال الزراعيين الشباب، القادرين على مواجهة التحديات الحديثة واستغلال الفرص المتاحة في هذا القطاع الحيوي بحلول عام 2030، مما يعزز من مكانة المغرب كداعم رئيسي للابتكار والتنمية المستدامة في الزراعة.
#عادل العربي