التعاون جنوب-جنوب: نحو تنمية مستدامة وتكامل إفريقي واعد…
في عالم يشهد تحديات متسارعة تتعلق بالأمن الغذائي والتنمية المستدامة، تبرز أهمية تعزيز التعاون بين الدول الإفريقية بوصفه حلاً استراتيجياً لمواجهة هذه الرهانات المشتركة. وفي هذا السياق، يواصل المغرب، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، ترجمة رؤيته الطموحة للتضامن الإفريقي إلى واقع ملموس، من خلال مبادرات تهدف إلى دعم الشراكات الثنائية ومتعددة الأطراف بين الدول الشقيقة في الجنوب.
لقاء السيد أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مع نظيره الكونغولي السيد غريغوار موتشاييل موتومب، يُعدّ محطة جديدة ومضيئة في هذا المسار. فقد شكّل هذا اللقاء، الذي عُقد في إطار استراتيجية التعاون جنوب-جنوب، فرصة لبحث آفاق الشراكة بين المغرب وجمهورية الكونغو الديمقراطية، خاصة في مجالات حيوية تتعلق بتقنيات الري، تطوير الإنتاج الزراعي المحلي، وبرامج التكوين الفلاحي.
ما يميز هذه المبادرة أنها لا تقتصر على تبادل الخبرات أو تقديم الدعم الفني فحسب، بل تعكس إرادة مشتركة لتكريس التنمية المستدامة كهدف استراتيجي في القارة الإفريقية. فتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي باتا ضرورة حتمية تستوجب تعاونًا يتجاوز البُعد الثنائي ليشمل منظومة تضامن إقليمية واسعة.
اللقاء جاء ليؤكد مرة أخرى التزام المغرب بمبادئ التعاون جنوب-جنوب، وهو التزام يتجلى في مبادرات عديدة تشمل مشاريع اقتصادية وتنموية على امتداد القارة. كما أنه يعكس قدرة الدول الإفريقية على تقديم نموذج جديد للشراكات، يرتكز على القيم المشتركة والتحديات المتقاسمة، بعيداً عن التبعية التقليدية للشمال.
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى استقبال السيد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، للسيدة جوديث سومينوا تولوكا، أول امرأة تتقلد منصب رئيسة الوزراء في جمهورية الكونغو الديمقراطية. هذا اللقاء الذي يعزز العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين، يمثل خطوة إضافية نحو تعميق التعاون في شتى المجالات.
إن تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وكينشاسا، بإرادة واضحة من قادة البلدين، يشكل نموذجًا ناجحًا للتعاون الإفريقي القائم على الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة. وفي ظل رؤية ملكية طموحة ومبادرات حكومية متواصلة، تتجه هذه الشراكات نحو بناء مستقبل أكثر إشراقاً للقارة، حيث يشكل التضامن الإفريقي محورًا أساسيًا للتنمية المستدامة.
إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لتعزيز هذه الرؤية، والمغرب، بمكانته القيادية وتجربته الرائدة، يُبرهن مرة أخرى أن التحديات التي تواجه إفريقيا لا يمكن حلها إلا بالتعاون الإفريقي-الإفريقي، القائم على الإبداع والابتكار وروح التضامن.
#عادل العربي