الانتصار في الحرب على الجوع رهن بالاستخدام المرشّد للمياه
المحيط الفلاحي: صرح الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون بالقول أن “إنتاج غذاء كاف لاحتياجات البشرية التي تتزايد أعدادها سريعاً وباستمرار سوف يتطلّب من المجتمع الدولي أن يضمن الاستخدام المستدام على صعيد العالم أجمع ‘لأكثر الموارد الحرجة والمحدودة’ أي المياه“.
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة متحدثاً مع انطلاق أحداث اليوم العالمي للمياه بمقر المنظمة “فاو” قائلاً “أننا ما لم نرفع قدراتنا على استخدام المياه بحكمة أكبر في الزراعة، فلسوف نخفق في القضاء على الجوع وسنفتح الأبواب على مصراعيها أمام مزيد من التدهور، بما في ذلك الجفاف والمجاعات وعدم الاستقرار السياسي“.
ولاحظ بان كي مون أن العديد من أجزاء العالم، ندرة تشهد شحاً متفاقما في المياه وتناقص معدّلات النمو في الإنتاج الزراعي، في نفس الوقت الذي يفاقم فيه تغير المناخ من الأخطار وعدم ثبات الأوضاع بالنسبة للمزارعين، ولا سيما الفقراء منه لدى البلدان المحدودة الدخل وهي الأشد تعرضاً لهذه العواقف والأقل قدرة على التكيّف لتلك التطورات“.
وأكد الأمين العام أن ضمان الأمن المائي والغذائي للجميع نقل تكنولوجيات الاستخدام المائي، ووضع الإمكانيات في أيدى صغار منتجي الغذاء، وحفظ خدمات النظام البيئي الضرورية. ودعا إلى تطبيق سياسات تروج أيضاً للحقوق المائية لكلّ فرد، ورفع القدرات التنظيمية في هذا المجال، وضمان المساواة الجنسانية في الموارد المائية.
واختتم بان كي مون حديثه مؤكداً أن “المياه سيكون لها دوراً مركزياً في صياغة شكل المستقبل الذي نبتغيه”، مستنتجاً أن البشرية في غضون مؤتمر قمة الأرض بعد مرور عشرين عاماً المعروف باسم “ريو +20″، أضحت مطالبة بوصل النقاط بين أمن المياه وأمن الغذاء واعتبارات التغذية ضمن سياق من الاقتصاد الأخضر.”
وتحتفل الشراكة الدولية لشوؤن المياه بتاريخ 22 مارس/آذار من كل عام، من 28 وكالة لدى منظومة الأمم المتّحدة باليوم العالمي للمياه كسبيل لجذب اهتمام الرأي العامّ الدولي على مختلف قضايا ذات العلاقة بالماء وضرورة إدارة الموارد المائية العذبة.
وتقوم المنظمة “فاو” بدور وكالة المنسقة لرعاية احتفالات وفعاليات اليوم الدولي لهذه السنة، بموضوعه المحوري “المياه والأمن الغذائي” (
ماء للمستقبل
وخلال تعليقاته صرح المدير للمنظمة “فاو” قائلاً أن “قمة الأرض الأولى قبل عشرين عاماً، أبرزت مدى الأهمية الحاسمة للإدارة السليمة المرشدة في بناء مستقبل آمن غذائياً ومستدام للكوكب”، وأضاف أن “العديد من البلدان خطت خطوات عملاقة في تحسين إدارتها لموارد المياه منذ ذلك الحين، لكن الأكثر بكثير لم يزل من الضروري أن يُبذل في هذا المجال“.
وأوضح غرازيانو دا سيلفا أن “علينا أن نلبّي المطالب الزراعية بطرق تصون المياه والموارد الطبيعية الأخرى، وتتراوح تلك من التكثيف المستدام للزراعة لانتاج ما يكفي تلبية لاحتياجات الغذاء العالمية وفي وقت لا بد فيه من استخدام المياه بمزيد من الذكاء، وتغيير العادات الغذائية لخفض للخسائر، والحد من الهدر، والترويج لحمية صحية أفضل“.
وقال المدير العام للمنظمة “فاو” أن ذلك يتطلّب استثماراً في البشر، والبُنى التحتية، والتعليم، ورفع مستويات الوعي العام، وتوفير الحوافز لصغار المزارعين بهدف التشجيع على تبنّي أفضل الممارسات وتدعيم قدراتهم على النهوض بمعدلات إنتاجهم.
وذكر غرازيانو دا سيلفا أن زيادة مرونة المزارعين في مواجهة تغير المناخ، وتحسين حوكمة إدارة المياه، وإنشاء مؤسسات لتحسين إدارة المياه على المستويات الوطنية والمحلية والإقليمية تعد جميعاً من مجالات الأولوية القصوى.
مياه النفاية والغذاء
في تلك الأثناء تقدِّر المنظمة “فاو” أن 1.3 مليار طن من الغذاء تهدر كل عام، ومن شأن التقليص بمقدار 50 بالمائة من الخسائر الغذائية وغذاء النفاية على الصعيد العالمي أن ينقذ 1350 كيلومتر مكعب من المياه كل عام، طبقاً للمنظمة “فاو”. وللمقارنة فأن كميات المطر السنوي التي تسقط في إسبانيا على سبيل المثال تبلغ 350 كم?، وتبلغ قدرات التخزين في بحيرة ناصر في مصر نحو 85 كم#، بينما يبلغ حجم المياه التي تمر عبر مدينة بون في نهر الراين على مدى سنة بأكملها نحو 60 كم مكعب.
الارتباط بين الزراعة والأمن المائي
يعيش اليوم 1.6 مليار شخص في بلدان ومناطق تعاني من الندرة المطلقة للمياه، وبحدود عام 2025 من الممكن أن يجد ثلثا سكان المعمورة أنفسهم يقيمون في مناطق تعاني تحت وطأة الإجهاد المائي.
ويُعزى أحد الأسباب الرئيسية لهذه الأوضاع إلى الاستخدام الضروري للمياه في الإنتاج الغذائي. وفي حين يشرب الفرد المتوسّط من 2 إلى 4 لترات من المياه يومياً، ثمة حاجة إلى ما يتراوح بين 2000 إلى 5000 لتر من الماء لإنتاج غذاء الشخص الواحد يومياً.
وتعد الزراعة وحدها مسؤولة عن 70 بالمائة من جميع عمليات سحب المياه الجوفيّة واستهلاك الماء العذب في جميع أنحاء العالم.
غير أن السبب الكامن وراء “البصمة المائية الكبرى” تلك يظل واضحاً إذ أن المزارعين بوسعهم من خلال الري إنتاج مزيد من الغذاء، لكن الزراعة المروية تغطي 20 بالمائة فحسب من رقعة العالمم المنزرعة في حين لا تنتج سوى 40 من غذاء البشرية.
منظمة الأغدية والزراعة الدولية