الأمن الغذائي من خلال الاستثمار في زراعة الحيازات الصغيرة
ألمانيا- محمد أحيزون : في ختام أسبوع من المباحثات المكثفة شددت لجنة الأمن الغذائي العالمي مع انتهاء دورتها الأربعين على الارتباط بين الوقود الحيوي والأمن الغذائي، من خلال التأكيد بأن “النيل التدريجي للحق في الحصول على غذاء كاف للجميع”، ينبغي أن يصبح من أولوية الشواغل في جهود تطوير الوقود الحيوي.
وأوردت اللجنة الدولية التي تعد أهم منتدى حكومي دولي مختص بالأمن الغذائي والتغذية ومحفلاً متعدد الأطراف لمختلف أصحاب الحصص، أن “إنتاج الوقود الحيوي لا ينبغي أن يعرِّض الأمن الغذائي للخطر، ومن المتعين أن يضع في الاعتبار على الأخص احتياجات النساء وصغار أصحاب الحيازات”.
وفي غضون اجتماعات الفترة 7 – 11 اكتوبر ، اتفقت لجنة الأمن الغذائي العالمي أيضاً على أهمية دمج زراعة الحيازات الصغرى في صلب السياسات والاستراتيجيات الوطنية، وأكدت أهمية البحوث الهادفة إلى زيادة الاستثمار وتدعيم التنمية المستدامة. وحضر أعمال لجنة الأمن الغذائي العالمي 750 شخصاً، وشمل الحاضرين 130 وفداً حكومياً، و100 منظمة من المجتمع المدني، و50 منظمة من القطاع الخاص.
وطبقاً لتقرير “حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم” الصادر عن منظمة “فاو” مؤخراً، فأن صغار المزارعين وأسرهم وصيادي الأسماك وغيرهم من أصحاب الحيازات الصغرى لدى البلدان النامية إنما يؤلفون ما يصل إلى 840 مليون من سكان العالم الذين يعانون تحت وطأة الجوع المزمن.
الفرص والأخطار
وبالنسبة إلى قضية الوقود الحيوي والأمن الغذائي – وفق تقرير صادر عن لجنة الخبراء الرفيعي المستوى حول الأمن الغذائي والتغذية “HLPE” – لاحظت لجنة الأمن الغذائي العالمي أن “تطوير الوقود الحيوي ينطوي على فرص وأخطار على الأصعدة البيئية والاجتماعية والاقتصادية”، تبعاً للسياق الجاري. وأضافت أن “الوقود الحيوي يخلق منافسة في بعض الحالات بين المحاصيل المستخدمة في إنتاج الوقود الحيوي والمحاصيل الغذائية”.
وشجعت لجنة الأمن الغذائي العالمي منظمة “فاو” وغيرها من أصحاب الحصص، على إمعان النظر في سبل مساعدة البلدان على تدعيم قدرات التقييم لديها فيما يتعلق بأوضاعها بالنسبة إلى الوقود الحيوي، على أن تضع في الاعتبار، على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية، شواغل الأمن الغذائى وحقوق الحيازة المشروعة للأراضي”.
وأوردت اللجنة الدولية أن “الحكومات وأصحاب الحصص يشجَّعون على إعادة النظر في سياسات الوقود الحيوي – حيثما ينطبق ذلك وإذا ما دعت الضرورة – بالاستناد إلى تقديرات علمية متوازنة لتقييم الفرص والأخطار فيما يتعلق بالأمن الغذائي”.
والتمست لجنة الأمن الغذائي العالمي من الشركاء في مجالات بحوث وتطوير الوقود الحيوي تحسين كفاءة الوقود الحيوي على صعيد الموارد والعمليات، واستنباط حلول تلائم احتياجات جميع أصحاب الحصص، شاملة البلدان الأقل نمواً، واحتياجات النساء وصغار المزارعين الذين تمسّ حاجتهم للوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة.
وطلبت توصيات لجنة الأمن الغذائي العالمي من شركاء “البحوث والتطوير” (R & D) مواءمة الإنتاج وعمليات معالجة الوقود الحيوي بغية مناسقة سلسلة الإمداد والتجهيز بين الغذاء والأعلاف والطاقة، حسب الاحتياجات السائدة.
وأشارت لجنة الأمن الغذائي العالمي تحديداً إلى أن التوجيهات في هذا الصدد تأتي متضمّنة في الاتفاقيات والصكوك الدولية المعتَمَدة، بما في ذلك: إطار – لجنة الأمن الغذائى العالمي – الاستراتيجي العالمي للأمن الغذائي والتغذية (GSF)؛ الخطوط التوجيهية الطوعية للحوكمة المسؤولة في حيازة الأراضي والثروات السمكية والغابات ضمن سياق الأمن الغذائي القومي (VGGT) ؛ الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإحقاق التدريجي للحق في غذاء كاف ضمن سياق الأمن الغذائي القومي؛ ومؤشرات الاستدامة للوقود الحيوي لدى الشراكة العالمية للوقود الحيوي (GBEP)، وتوجيهات منظمة “فاو” للوقود الحيوي والأمن الغذائي (BEFS) .
الاستثمار في الحيازات الصغرى
وفيما يخص الاستثمار في زراعة الحيازات الصغرى – أيضاً وفق تقرير صادر عن لجنة الخبراء الرفيعي المستوى حول الأمن الغذائي والتغذية “HLPE” – اعتمدت لجنة الأمن الغذائي العالمي توصية لسياسات تناشد الحكومات، بالاشتراك مع منظمات صغار المزارعين، والمجتمع والمدني، والقطاع الخاص، ومعاهد البحوث والتطوير الدولية العمل سوياً من أجل “صياغة رؤية ذات ملكية قطرية” تُصمَّم خصيصاً لزيادة الاستثمارات في زراعة الحيازات الصغرى.
وأوصت لجنة الأمن الغذائي العالمي البلدان بمراعاة النظر في الكيفية التي تمكّن بها سياسات القطاعات الريفية والحضرية والزراعية واستراتيجياتها وميزانياتها من وصول صغار المزارعين على النحو الأكمل إلى الأصول الإنتاجية، ومرافق التسويق المحلية والوطنية والإقليمية، والتدريب الملائم، والبحوث، والتكنولوجيا، وخدمات الدعم الزراعي – خصوصاً للنساء.
والمنتظر أن تُلقى الأضواء على أهمية زراعة صغار المزارعين، في عام 2014 بمناسبة حلول السنة الدولية للزراعة الأسرية.
كما عالجت لجنة الأمن الغذائي العالمي جملة واسعة التنوع من القضايا الأخرى الرامية خصيصاً إلى دعم الجهود لاجتثاث الجوع المزمن والفقر المدقع، بما في ذلك تشجيع الاستثمارات الزراعية المسؤولة والأمن الغذائي في غضون الأزمات الممتدة. والمعتزم مواصلة هذه المداولات خلال المشاورات الإقليمية في الأشهر المقبلة.
هذا، وانتخبَت السيدة غيردا فيربورغ رئيساً للجنة الأمن الغذائي العالمي لفترة العامين القادمين، خلفاً للرئيس السابق يايا أولانيران، من نيجيريا.