الأسمدة المغربية في خدمة الفلاحة الإفريقية .. أو تحقيق الأمن الغذائي في إطار التعاون جنوب-جنوب
مع مرور الأيام يتعزز التعاون المغربي الإفريقي في شتى المجالات، كنتيجة حتمية لتوجه جديد نحو القارة الإفريقية، والذي ضاعف المغرب في إطاره من مجهوده التنموي كي يغطي مجالات مختلفة، منها الفلاحة التي بدأت فعليا في الاستفادة من الأسمدة المغربية،التي توفرها وحدات الإنتاج بالجرف الأصفر. فبعد تدشين صاحب الجلالة الملك محمد السادس لمركب لإنتاج الأسمدة المخصصة بكاملها للقارة الإفريقية (أفريكا فيرتيلايزر كومبليكس بالجرف الأصفر، في بداية السنة الجارية، يكون قطار تنمية الفلاحة الإفريقية قد انطلق فعليا بالاعتماد على مؤهلات المغرب وجهد موارده البشرية، التي راكمت خبرة كبيرة في إنتاج الأسمدة التي تتلاءم مع الزراعات والأراضي بمختلف بلدان المعمور.
وبعد الزيارات الملكية المتتالية لعدد من بلدان القارة، والتي توجت بإبرام شراكات ذات طابع تنموي تضامني مع هذه البلدان، شرع المغرب مباشرة في تنفيذ مضامين هذه الشراكات في شتى المجالات، ولعل مركب (أفريكا فيرتيلايزر كومبليكس) الذي شيد بغاية إنتاج مليون طن من الأسمدة سنويا، يشكل أحد أوجه هذا الجهد التنموي المشترك، الذي يجعل المغرب وفيا لجذوره الإفريقية.
وحسب معطيات تقنية ورقيمة لمجموعة المكتب الشريف لفوسفاط، فإن أنشطة هذا المركب المندرج في إطار تعزيز التعاون جنوب- جنوب، تركز على إنتاج أسمدة تتلاءم مع الزراعات والأراضي الفلاحية الإفريقية، وذلك بهدف تطوير أداء الفلاحين الأفارقة وتحسين مستوى الأمن الغذائي بالقارة.
ويشكل هذا المركب تجسيدا جديدا لالتزام جلالة الملك من أجل تعاون جنوب-جنوب، وحرص جلالته على دعم مبادرات الابتكار والتنمية المستدامة لمجموعة المكتب الشريف لفوسفاط وشركائها الأفارقة، ومصاحبة استراتيجيتها الصناعية، ومن تم، تعزيز ريادة المملكة المغربية في السوق العالمية للفوسفاط.
ويروم مركب إفريقيا للأسمدة، الذي تم إنجازه تنفيذا للتعليمات الملكية، مصاحبة نمو الأسواق الإفريقية عبر تزويدها الدائم والمنتظم بالأسمدة بمختلف أصنافها.
ويتألف هذا المركب الجديد، الذي تطلب إنجازه استثمارا قيمته 5,3 مليار درهم، من وحدة للحامض الكبريتي (1,4 مليون طن/ سنة )، ووحدة للحامض الفوسفوري (450 ألف طن/ سنة)، ووحدة للأسمدة (مليون طن معادل ثنائي فوسفاط الأمونيوم/ سنة)، ووحدة مركزية كهرو- حرارية بقدرة 62 ميغاوات، ومختلف البنيات الخاصة بالتخزين، والتي بوسعها استقبال 200 ألف طن من الأسمدة.
وحسب هذه المعطيات الرقمية، فإن ” أفريكا فيرتيلايزر كومبليكس”، الذي ساهم في إحداث 1,35 مليون يوم عمل خلال مرحلة البناء، من المقرر أن يحدث ما مجموعه 380 منصب شغل خلال مرحلة الاستغلال.
ويكتسي الشق البيئي في المشروع أهمية كبيرة، حيث تم تزويد وحدة إنتاج الحامض الكبريتي بنظام استرجاع الحرارة ” آش. إر. إس”، والذي يعمل على استرجاع الطاقة الناتجة عن الحامض الساخن، مما يسمح للمركب بإنتاج طاقة كهربائية إضافية تصل قوتها إلى 9 ميغاوات، وتخفيض استهلاك مياه البحر ب 3000 متر مكعب في الساعة، والتي توافق استهلاك الطاقة الناجمة عن ضخ 1 ميغاواط.
وينضاف إلى هذه الابتكارات، نظام استرجاع الطاقة الصادرة عن المداخن على مستوى وحدة الأسمدة (استرجاع الحرارة المنبعثة من الغاز)، والذي يقوم على استعمال الغازات المنبعثة من مدخنة وحدة الأسمدة، في عملية تبخر الأمونياك عوض استعمال البخار متوسط الضغط.
وفي المجال البيئي أيضا، تم إنشاء وحدة جديدة لمعالجة المياه العادمة بغاية الاستجابة للمعايير الدولية واحترام الالتزامات التي تعهدت بها مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط خلال دراسة الأثر البيئي، وذلك من أجل مراقبة النفايات السائلة قبل تفريغها في الوسط البحري.
ويؤكد إنجاز هذ المركب، الذي يندرج في إطار التعاون المغربي الإفريقي، الذي يوليه جلاله الملك عناية خاصة، عزم المغرب على إرساء علاقات سمتها النجاعة والفعالية والمصداقية مع البلدان الإفريقية، حيث سيمكن المملكة من تكريس ريادة ذكية في السوق العالمية للفوسفاط والمنتوجات المشتقة، والتي أضحت تقوم على معايير الإنتاجية والمردودية، ولاسيما على مقاربة الاستدامة.
وتجدر الاشارة إلى أن إنجاز هذه الوحدة، يتماشى مع الإستراتيجية الاستثمارية الطموحة لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، التي تهدف إلى تعزيز مكانتها في السوق العالمي للأسمدة، من خلال رفع قدرتها الإنتاجية من 4,5 مليون طن سنويا في 2010، إلى 8 مليون طن سنويا في 2014، إلى 12 مليون طن سنويا بحلول 2017.
وبشكل عام ، فإن التعاون المغربي الإفريقي الذي كان يغطي مجالات لها علاقة بالأبناك والطاقة والبنيات التحتية والشأنين الديني والاجتماعي، أصبح بفضل التوجه المغربي الجديد، يغطي مجالات أخرى لتعزيز التنمية الشاملة بالقارة، والتي لا يمكن أن تكتمل بدون الفلاحة التي يشتغل بها جل الأفارقة وتحقق الأمن الغذائي لساكنة القارة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.