مجلة المحيط الفلاحي

استراتيجية صفر بقايا المبيدات ” تحت شعار فلاحة آمنة لمستهلك مطمئن”

في مواجهة التحديات المتزايدة التي يفرضها التغير المناخي والنمو الديموغرافي، أصبحت الممارسات الجيدة لاستعمال المبيدات جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية تحقيق الأمن الغذائي في المغرب.

ومن هذا المنطلق، تنظم جمعية ” كروب لايف المغرب” بشراكة مع المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية سلسلة من الأيام التحسيسية التي تهدف إلى رفع وعي الفلاحين بأهمية الاستخدام السليم للمبيدات. تستهدف هذه المبادرات بشكل مباشر تعزيز إنتاج آمن يتماشى مع متطلبات الأسواق المحلية والدولية.

في كل دورة من هذه الدورات، يستفيد حوالي 40 فلاحًا من تكوينات حول كيفية استعمال المبيدات بطريقة صحيحة، مما يضمن صفر بقايا مبيدات في المنتجات الزراعية. التواصل والاستشارة الفلاحية تمثل أحد أهم وسائل إرشاد الفلاحين بالمعلومات الضرورية.

هذه الدورات لا تقتصر فقط على تقديم المعلومات النظرية، بل تشمل أيضًا توزيع معدات حماية مجانية للفلاحين، مثل الملابس الواقية. هذه الجهود تأتي في سياق تعزيز الثقة في المنظومة الفلاحية، حيث يتم دعوة الفلاحين للالتزام بمعايير السلامة التي تفرضها القوانين الوطنية.

هذا الإجراء يستند إلى القانون 18-34 وخاصة المادة 54 التي تنص على إلزامية استخدام الملابس الواقية عند استعمال المبيدات. جاء هذا الإطار القانوني نتيجة وعي متزايد بأهمية الحفاظ على سلامة الفلاحين وضمان أن المنتجات الفلاحية تصل إلى المستهلكين خالية من أي مخاطر صحية.

عقلنة استعمال المبيدات الفلاحية تشكل عاملًا حاسمًا في رفع الإنتاجية الزراعية وتحسين جودتها. التعامل الصحيح مع المبيدات هو السبيل الأمثل لمكافحة الأمراض والآفات التي تُعد من أخطر التحديات التي تواجه الفلاحين في المغرب. إذ تؤثر هذه الآفات بشكل كبير على وفرة وجودة الإنتاج، ويتيح استخدام المبيدات للفلاحين مكافحة هذه الآفات بطرق فعالة ومستدامة.

ومع ذلك، يواجه الفلاحون تحديات متزايدة تتعلق بزيادة النمو الديموغرافي وانخفاض المساحات الزراعية. وأكدت المندوبية السامية للتخطيط في دراسة حديثة أن المغرب يفقد مساحات صالحة للزراعة نتيجة التصحر والزحف العمراني، مما يجعل من الضروري تبني استراتيجيات حديثة لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء.

في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يعيشها المغرب، يكمن الحل في استخدام التكنولوجيات الحديثة والرقمنة في الإنتاج الفلاحي. هذه التوجهات تعزز كفاءة استخدام الموارد، مثل المياه، وتساهم في تقليل الهدر وضمان استدامة الزراعة في ظل التغيرات البيئية. تم التأكيد على هذا التحدي خلال الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 25 لعيد العرش، حيث تم توجيه الجهود نحو حلول مبتكرة لمواجهة هذه الأزمة.

أحد الأهداف الرئيسية لهذه الجهود هو تعزيز الثقة في المنتوج المغربي على المستويين الوطني والدولي. اليوم، يُطلب من الفلاحين تبني ممارسات زراعية مستدامة وآمنة، ليس فقط لتلبية الطلب المحلي ولكن أيضًا للمنافسة في الأسواق العالمية التي تتطلب معايير صارمة فيما يتعلق بسلامة المنتجات الزراعية.

في هذا السياق، تلعب القياسات المخبرية المنتظمة لبقايا المبيدات دورًا حاسمًا في ضمان أن المنتجات تفي بالمعايير الصحية.

جمعية ” كروب لايف المغرب“، بالتعاون مع المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية (ONCA)، تدرك أهمية الاستمرار في تنظيم الأيام التحسيسية لضمان اطلاع الفلاحين على التطورات الحديثة في مجال استخدام المبيدات. هذه الجهود ليست فقط للحد من استخدام المبيدات، ولكنها تهدف أيضًا إلى جعل الفلاحين أكثر وعيًا بمسؤولياتهم تجاه المستهلكين وضمان أن المنتجات الزراعية التي ينتجونها تكون ذات جودة عالية وآمنة للاستهلاك.

منذ 2022 إلى آخر نصف سنة 2024، عملت “كروب لايف المغرب” على تقديم دورات تحسيسية تهدف إلى الاستعمال الجيد والمعقلن للمبيدات، حيث استفاد منها 285 من المستشارين الفلاحيين و2345 من الفلاحين بشراكة مع المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية. كما استفاد حوالي 200,000 فلاح من طرف المستشارين الفلاحيين و60,000 من طرف زملائهم. إضافة إلى ذلك، تم استهداف 300,000 فلاح بحملة تحسيسية إذاعية و55,000 عبر الصحافة المكتوبة الخاصة، و9,000 آخرين عبر شبكات التواصل الاجتماعي. تم أيضًا توزيع 3,345 قطعة من الملابس الواقية مجانًا على الفلاحين، وتم جمع واستخلاص 12 طنًا من القنينات الفارغة.

أما الموسم الفلاحي 2024-2025 سينطلق تحت شعار “منتوج وافر وآمن بدون بقايا المبيدات”، وسينطلق برنامج التحسيس للممارسات الجيدة لاستعمال المبيدات بشراكة مع الفيدراليات البيمهنية للخضر والحليب وموزعي المبيدات.

في خضم هذه التحولات، تبرز أهمية التواصل والاستشارة الفلاحية كركيزة أساسية لضمان استدامة الفلاحة في المغرب. إن تعزيز الوعي، تبني التكنولوجيات الحديثة، واحترام المعايير القانونية كلها خطوات ضرورية لضمان مستقبل أفضل للفلاحين وللمستهلكين على حد سواء. الثقة في المنتوج المغربي أصبحت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى، سواء على المستوى الوطني أو الدولي، ويعتمد نجاح الزراعة المغربية على قدرتها على التكيف مع التحديات الحالية والمستقبلية.

 #جمعية (كروب لايف المغرب)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.