مجلة المحيط الفلاحي

استراتيجيات وزارة الفلاحة: رهان على الاستدامة لمواجهة أزمة المناخ وتأمين الأمن الغذائي والمائي..

 في ظل الظروف المناخية الصعبة التي يشهدها العالم، يعيش المغرب تحديًا غير مسبوق نتيجة ندرة الأمطار وتأخرها، ما انعكس بشكل مباشر على القطاع الفلاحي وأثار القلق بشأن الأمن الغذائي والمائي. وعلى الرغم من هذا الوضع المقلق، أظهرت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عزمًا قويًا ورؤية استباقية من خلال تسريع تنفيذ مشاريع هيكلية واستراتيجيات متكاملة تهدف إلى التخفيف من تداعيات هذه الأزمة وضمان استدامة الموارد الطبيعية.

مع تسجيل ندرة الأمطار للسنة السادسة على التوالي وانخفاض حقينة السدود إلى أقل من 30%، تتبنى الوزارة نهجًا شاملاً يهدف إلى تعزيز البنية التحتية المائية وتأمين احتياجات الزراعة والمواطنين من المياه. ولعل أبرز هذه المشاريع إنشاء محطات تحلية مياه البحر، مثل محطة الدار البيضاء الكبرى، التي ستوفر أكثر من 300 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، موجهة للاستخدام الزراعي والمنزلي على حد سواء. كما تعمل الوزارة على مشاريع الربط المائي بين الأحواض المائية الأكثر هشاشة، مثل حوض سبو وأبي رقراق، بقدرة تصل إلى 350 مليون متر مكعب سنويًا، إضافة إلى مشاريع استراتيجية أخرى لربط حوض أم الربيع بتانسيفت وحوض طنجة بأم الربيع.

وفي إطار تعزيز المرونة المائية، أولت الحكومة  اهتمامًا خاصًا ببناء السدود الكبرى والتلية، مثل سد فاسك، الذي نجح في تخزين كميات كبيرة من مياه الفيضانات بالمناطق الجنوبية للمملكة ، مما وفر مصدرًا مائيًا مهمًا لدعم التنمية الزراعية في تلك المناطق . هذه المشاريع لا تمثل فقط استجابة آنية للأزمة، بل هي استثمار طويل الأمد لتعزيز الأمن المائي في المغرب.

ولم تغفل وزارة الفلاحة أهمية تحسين كفاءة استهلاك المياه في القطاع الزراعي، الذي يستحوذ على حوالي 85% من الموارد المائية. من هذا المنطلق، تعمل الوزارة على توسيع نطاق استخدام تقنيات السقي الموضعي والري الذكي، ما يعكس التزامًا جادًا بترشيد استخدام المياه وزيادة إنتاجية الأراضي الزراعية.

إن ما يميز هذه الجهود هو شموليتها وبعد نظرها، إذ لا تقتصر على التعامل مع الأزمات الراهنة، بل تمتد لتشكل رؤية استراتيجية تستهدف تأمين احتياجات الأجيال الحالية والمقبلة. كما أنها تأتي في سياق الالتزام الوطني وتعليمات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله بتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز صمود المغرب في وجه التقلبات المناخية العالمية.

وفي مواجهة هذه التحديات، تبقى وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات نموذجًا يحتذى به في العمل الجاد والمثمر، حيث نجحت في المزج بين حماية الموارد الطبيعية وضمان الأمن الغذائي والمائي، مؤكدةً أن التحديات الكبرى تستدعي قرارات جريئة وخططًا طموحة تضع الإنسان والبيئة في صلب الاهتمام. المغرب اليوم، بفضل هذه الجهود، يمضي قدمًا بثبات نحو مستقبل أكثر استدامة وأملاً.

#عادل العربي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.