إدارة الموارد المائية في المغرب: رؤية استراتيجية لضمان الأمن المائي والتنمية المستدامة..
في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يشهدها العالم، تبرز قضية المياه كواحدة من أكثر القضايا إلحاحًا واستراتيجية على الإطلاق. وفي المغرب، حيث يُعد الماء موردًا حيويًا يلعب دورًا رئيسيًا في ضمان الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني، أصبحت مسألة تأمين التزود بالمياه وتنميتها قضية وطنية كبرى، حظيت باهتمام خاص من لدن صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله. إن التعليمات الملكية السامية في هذا المجال تجسد رؤية استشرافية تهدف إلى مواجهة تداعيات التغيرات المناخية وتزايد الطلب على المياه في جميع أقاليم المملكة.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، أظهرت الحكومة المغربية التزامًا واضحًا بتنفيذ سياسات ومشاريع طموحة تهدف إلى تعزيز العرض المائي، وذلك عبر اعتماد حلول مبتكرة وإطلاق مشاريع كبرى ذات بعد استراتيجي. ومن بين هذه الجهود، تأتي سياسة بناء السدود الكبرى كركيزة أساسية لزيادة السعة التخزينية للموارد المائية. فمنذ عقود، شكلت هذه السياسة نموذجًا يُحتذى به في إدارة المياه واستثمارها لضمان تلبية احتياجات الشرب والري والصناعة.
ولم تقف الجهود عند هذا الحد، إذ تميزت السنوات الثلاث الماضية بتحقيق قفزة نوعية من خلال إنجاز مشاريع استراتيجية طموحة، على رأسها مشروع الربط الشامل بين أحواض الشمال وأحواض الجنوب. هذا المشروع الذي يُعد نموذجًا للتخطيط المائي المندمج، يعكس إدراك المغرب لأهمية تحقيق التوازن بين المناطق المائية المختلفة، والاستفادة من الموارد المائية المتاحة بطريقة عقلانية ومستدامة.
ومن بين الإنجازات الكبرى الأخرى، برزت مبادرات تهدف إلى تعزيز الموارد المائية السطحية بحوالي مليار متر مكعب سنويًا، وهي خطوة تعكس التزام المغرب بإدارة مياهه السطحية بكفاءة، مع السعي لتأمين التزويد بالماء الشروب وتعزيز إمدادات المناطق المسقية، وهو ما يُساهم بشكل مباشر في استقرار الأنشطة الزراعية والصناعية وتحقيق الأمن الغذائي.
ولا يمكن إغفال الجهود المبذولة لتثمين المياه الضائعة في البحر. فقد أظهرت الدراسات أن معدل المياه الضائعة في البحر بحوضي اللكوس وسبو للفترة الممتدة بين 2003 و2023 بلغ حوالي 2.4 مليار متر مكعب سنويًا. ومن هذا المنطلق، تبنى المغرب نهجًا استباقيًا يهدف إلى تعبئة هذه الموارد الضائعة، والاستفادة منها لدعم مختلف القطاعات.
أحد أبرز المشاريع التي تجسد هذا التوجه هو الشطر الاستعجالي الرابط بين سد المنع سبو وسد سيدي محمد بن عبد الله، الذي يهدف إلى تحويل ما يعادل 15 متر مكعب في الثانية، مما أسهم في تأمين الماء الشروب للمنطقة الساحلية الممتدة بين الرباط والدار البيضاء. هذا الإنجاز يُعد مثالًا حيًا على الجهود المبذولة لضمان توزيع المياه بشكل عادل وفعال بين مختلف المناطق، ومواجهة الطلب المتزايد على الموارد المائية.
وللاشارة يمثل مشروع تطوير مناطق سوقية جديدة ترتكز على فلاحة خالية من الكربون رؤية طموحة يسعى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات السيد احمد البوراي مهندس الطريق السيار المائي بالمغرب الى تفعيلها وتعد تحول جوهريا رائد في القطاع الفلاحي فمن خلال الاعتماد على محطات تحلية مياه البحر التي تعمل بالطاقة النظيفة، يجسد هذا المشروع التزامًا حقيقيًا بملائمة التنمية الفلاحية مع الحفاظ على البيئة، واستشرافًا لمستقبلٍ يُوازن بين الإنتاجية والاستدامة.
إن هذه المبادرة الطموحة ليست مجرد استجابة للتحديات المناخية، بل هي دليل على رؤية استراتيجية تسعى إلى تعزيز الأمن المائي، وتطوير الاقتصاد المحلي، ودعم التنمية القروية. إن إشراف السيد البوراي وحرصه على إرساء نماذج لمشاريع مائية و فلاحية مبتكرة ومستدامة، تضع المغرب في طليعة الدول التي تسعى إلى تحقيق التكامل بين التقدم الاقتصادي والمسؤولية البيئية، ويستحق منا السيد البواري كل التقدير والإشادة..
#العربي عادل