تطمح ألمانيا من خلال سياساتها والمشاريع الرائدة التي اعتمدتها في مجال المحافظة على البيئة إلى أن تكون ضمن الدول السباقة إلى تحقيق اهداف حماية المناخ .
فقد وضعت الحكومة الاتحادية الالمانية برنامج عمل واعد تم إقراره منذ سنة 2014، يروم خفض انبعاث الغازات العادمة في أفق سنة 2030 بمقدار 40 في المائة مقارنة بسنة 1990، كونها ضمن البلدان الصناعية الأولى التي التزمت بالعمل لخفض الغازات الضارة بالمناخ والمسببة للاحتباس الحراري منذ سنوات .
وقد تم رصد كل الإمكانيات اللازمة لتنفيذ “برنامج العمل لحماية المناخ” ليتم تحقيق الأهداف المسطرة له في الوقت المحدد .
ويظهر اهتمام ألمانيا بالمناخ والحفاظ على التوازن البيئي من خلال العديد من المشاريع التي تنجزها إذ تعتبر رائدة في مجال توسيع الاعتماد على مصادر الطاقات المتجددة ،والتخلي بشكل نهائي عن الطاقة النووية بحلول 2022 ، وتقليص ما تنفثه من غاز ثاني أكسيد الفحم بنسبة 80 في المائة في أفق 2050.
وأصبحت بذلك ألمانيا القوة الاساسية المحفزة لدول الاتحاد الأوروبي ، إذ تعمل بشكل مثالي على مستوى سياسة المناخ الدولية ، وتعتمد استراتيجية ذات المنفعة المزدوجة ، تساعد من ناحية على تخفيف العبء عن البيئة والمناخ ، وتسهم من ناحية أخرى في خلق مجالات استثمارية جديدة وتوفير فرص عمل إضافية.
وتسعى الحكومة الألمانية إلى وضع استراتيجية مشتركة مع دول الاتحاد الأوروبي تمكنها من تحقيق الأهداف الدولية لحماية المناخ بحلول سنة 2030 ، والتي تتضمنها “حملة الأهداف العالمية الجديدة للاستدامة ” التي أطلقتها الأمم المتحدة وفتحت مكتبها المركزي مؤخرا بمدينة بون لنشرها.
وقد أكد وكيل وزارة البيئة الألمانية يوخن فلاسبارت خلال مشاورات مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي ببروكسل مؤخرا ، أن بلاده تطمح إلى وضع استراتيجية طويلة المدى بحلول نونبر المقبل ، أي قبل انعقاد مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 22 ) التي ستحتضنها مراكش في السابع من الشهر المقبل.
وأوضح في المقابل أن التعجيل بوضع الاستراتيجية لن يكون على حساب جودتها، وقال بهذا الخصوص “لا ينبغي وضع برنامج ضعيف ” .
وتجرى حاليا مفاوضات على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية توزيع نسب تقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري على الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقد كانت ألمانيا على قناعة تامة خلال انعقاد مؤتمر الاطراف بباريس (كوب 21 ) ، على أن إقرار تخفيض الغازات العادمة على المستوى العالمي سيجعل من الممكن الالتزام بهدف تقييد الاحتباس الحراري عند معدل درجتين مائويتين.
وفي يوم سادس يوليوز الماضي ، ترجمت ألمانيا بالملموس إرادتها القوية في مواجهة التغيرات المناخية بمصادقة مجلس الوزراء على اتفاقية باريس التاريخية وتأكيد سعيها إلى الإسراع في عملية اعتمادها على المستوى الدولي لإرسال إشارة قوية للمشاركين في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 22 ).
وفي ظل هذه الحركية ، لا تقتصر جهود ألمانيا على الحكومة أو مؤسسات الدولة بل ينخرط فيها أيضا منظمات المجتمع المدني ، إذ يوجد عدد هام منها تختلف في مجالات اهتماماتها وأهدافها وأولوياتها ومساهماتها .
ومن أبرز هذه المنظمات منظمة البيئة وحماية الطبيعة التي تأسست منذ 1975 لتقوية وتوسيع السياسة الإيكولوجية وتضم أكثر من 500 ألف ناشط ، بين عضو فاعل وداعم ، والمنظمة الألمانية لحماية البيئة التي تدافع عن حقوق الطبيعة والمستهلكين، والرابطة الألمانية لحماية الطبيعة التي تأسست في 1950 ، وتضم حاليا 95 رابطة فرعية ، بهدف تأمين ورفع جودة حياة الإنسان ، ثم منظمة السلام الأخضر التي تكافح من أجل حماية البيئة ، وضد التجارب النووية ونقل النفايات السامة ، وكذا منظمة “روبين وود” التي تبذل جهودا كبيرة منذ 1982 للحد من عملية الاعتداء على الغابات في ألمانيا وفي البلدان الاستوائية.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.